«داعش» ليست وليدة اليوم، ولم تكن يوما وليدة اليوم، والتي عندما ظهرت كالدولة الإسلامية اليوم بدا الكثيرون مفاجئين من ظهورها، وبدأت حبات عقد الأسئلة ينفرط حول هذا التنظيم الذي تسعى دول عديدة في العالم إلى الدخول في حرب معه، وفي الحقيقة أن المتابع للحركات الإسلامية وخاصة في العراق وتحديدا تلك التي نشأت بعد سقوط بغداد لا بد أن يعرف أنها كانت الجذور الأساسية لما يعرف اليوم بداعش أو الدولة الإسلامية.
ولا يوجد تقرير أكثر دقة من التقرير الذي أعده معهد العربية للدراسات في يونيو الماضي وأهم ما ورد فيه التالي: «تم إعلان ما يسمى دولة العراق الإسلامية أول مرة في العراق في 15 أكتوبر 2006، واتخذت من الأنبار عاصمة لها، وقد أسقطتها صحوات الأنبار عام 2007 وطردتها من عاصمتها الأنبار، وظلت في تراجع كبير عامي 2008 و2009 بفعل مجالس الصحوات التي ظهرت عامي 2006 و2007، ولكن استهداف المالكي للصحوات والقضاء عليها عام 2009 وسياساته في التمييز الطائفي أعطى لعناصر القاعدة في بلاد الرافدين أو عناصر الدولة فرصة كبيرة في العودة وإحياء دولتهم».
وهذا هو التقرير الأقرب إلى الصحة من جميع التقارير التي تناولت نشأة هذا التنظيم الذي يعد أخطر تنظيم إرهابي في العالم اليوم، بل يعتبر اليوم تغييرا كاملا في مفهوم الجماعات الإرهابية، فبينما «القاعدة» تعتمد على المقاتلين في مناطق النزاع المسلح وتعتمد كذلك على الخلايا النائمة لأي بلد تريد استهدافه، نجد أن تنظيم داعش يخرج نحو مفهوم أوسع وأكثر تنظيما وهو تنظيم الجيوش المتنقلة، وهذا هو أخطر ما في الموضوع، كما أن التنظيم خدمته الظروف المحيطة بنشأته، فأولا كان الاضطراب السياسي الكبير في العراق وثانيا الصراع المسلح الموسع في سورية.
وبغض النظر عما يقال حول هذا التنظيم أو نشأته «المجهولة» فإنه يبقى واقعا على دول العالم التعامل معه بواقعية شديدة.
الحديث عن تدخل استخبارات وتغللها في التنظيم تقارير مرسلة تفتقد الدليل العلمي او التقرير المستند لأدلة واضحة، وهو حديث خطأ يحتمل الصواب وصواب يحتمل الخطأ حتى هذه اللحظة.
تنظيم «داعش» الآن واقع ملموس على الأرض، والتعامل معه يجب أن يكون وفق الاطر والضوابط التي تحفظ مصالح جميع الدول، والضربة العسكرية ضد التنظيم ستكون بداية حرب طويلة مع الإرهاب قد تمتد لأكثر من 20 عاما.
والأمر سهل، فإذا كانت الحرب العالمية ضد القاعدة قد استمرت أكثر من 13 عاما منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وقبلها سنوات سبع خلال فترة التسعينيات، فهل تعتقدون أن الحرب مع داعش ستنتهي بعام أو عامين؟ لا أظن!
[email protected]