مصفاة الشعيبة رسميا الآن خارج الخدمة، بالنسبة لكثير من الكويتيين هي مجرد ميناء وأضواء تنير الجانب المقابل للبحر من الطريق السريع المتجه جنوبا، ولكن الشعيبة المصفاة لا يعرفها من الداخل سوى من كانت جزءا من حياته، وأنا أتكلم عن نفسي وعن مئات من مشغلي المصفاة من الكويتيين الذين توافدوا عليها للعمل منذ ستينيات القرن الماضي حتى وقت قريب، فكانوا جزءا من الشعيبة وكانت الشعيبة جزءا من حياتهم.
شباب أفنوا زهرة شبابهم بين خطوط النفط الخام والغاز والبخار وتركوا بين تلك الخطوط الجامدة ذكرياتهم وأحلامهم، وكانوا طوال فترة عملهم حراسا وفنيين وتقنيين على واحد من اهم موارد تصدير النفط الرئيسية في بلدهم، فكانوا عاملين في واحدة من اخطر الأماكن في البلاد بين درجات الحرارة العالية و«لواهيب الشموس» وبين خطوط الضغط العالي والغازات الخطرة في مصفاة الشعيبة التي توقفت اليوم عن العمل وبشكل نهائي، لتسدل بذلك الستار على فصل مهم وحيوي في حياتهم واقتصاد البلد، كيف لا وهي المصفاة التي كانت ومنذ الستينيات تنتج يوميا اكثر من ٢٠٠ ألف برميل من النفط المكرر، وتعتبر رافدا مهما من روافد الاقتصاد الوطني كان حراسه مجموعة من خيرة شباب الوطن من مشغلي المصفاة، وهم الذين اعتقد انه يجب ان توجه لهم التحية، سواء المتقاعد منهم ومن لايزال على رأس عمله، وسيترك مصفاة الشعيبة الى مصفاة أخرى.
مقالتي هذه تحية خاصة لكل مشغل مصفاة عمل في الشعيبة، كويتيا كان او غير كويتي، ترك ذكرياته بين أنابيبها وخطوطها، او ترك هو ذكرياته بين جدران مفاعلاتها ومبادلاتها الحرارية وأبراجها، وان كان الناس من الخارج يرونها أضواء على الخط السريع فمشغلو المصفاة يرونها جزءا من حياتهم وحياة بلدهم.
BoresliTariq@
[email protected]