لن أكتب هذا المقال لأدعي المثالية.. ولا لأتهم غيري بالفساد.. ولكن لعلها تكون خيرا لمن اعتبر، أما تلاحظون يا سادة انه كلما تقدم بنا الزمن ازدادت بنا الأمراض والأوجاع؟
أصبحت تنتشر أمراض غريبة، لا يعرف لها سبيل، إلا أنها وجدت فجأة، من مرض السرطان الذي اصبح وجوده كالزكام إلى انفلونزا الخنازير، كورنا، كوليرا.. وما خفي كان أعظم، ما الأسباب؟ هل لقلة النظافة ام الطب عندنا ليس بكفاءة عالية؟
الغريب في الامر أننا في القرن الحادي والعشرين والطب عندنا متطور مقارنة بالسابق، والأغرب اننا عندنا من ادوات النظافة تفوق التي كانت موجودة في السابق.. ومنظف قاتل الجراثيم 99 % يشهد بهذا.. ولكن ربما الـ1 % الذي لم يقتلها هي الامراض، حدثني احدهم مرة ونحن نشرب الماء من براد الشارع فقلت له: ربما الانية ليست نظيفة، فقال لي: نحن في السابق نشرب الماء وداخله «زهيوي»!
هم يشربون الماء وبداخله «زهيوي» ونحن نشرب الماء وقد تم تعقيمه.. وصحة شيابهم كصحة شبابنا!
اذن الامر ليس متعلقا بالنظافة ولا بالطب، اذن متعلق بماذا؟ متعلق «بالذنوب» وانتشارها، وعدم وجود من يقف صنديدا امامها لردعها، لو كنا نذنب فنستتر ونتوب بعدها لكان الأمر هينا.. ولكن اصبح البعض يبيت بمعصية ويصحو بفضح نفسه تفاخرا بها، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن.
1- لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا.
2- ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم.
3- ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا.
4- ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم.
5- وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم.
هذه هي الأسباب يا سادة ولربما يقول قائل: انا لم ازنِ ولم انقص المكيال ولم أمنع الزكاة ولم انقض عهد الله وأحكم بكتاب الله.
لكنك لم تنه عن منكر ولم تأمر بالمعروف، قال سبحانه: (لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون. كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون).
وقال نبيه صلى الله عليه وسلم: «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه».
استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم يوما من نومه فزعا وهو يقول: «لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا (وحلق بين أصبعيه السبابة والإبهام)». فقالت له زينب رضي الله عنها: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم، إذا كثر الخبث»، فكيف يكثر الخبث؟!
إن المنكر إذا أعلن في مجتمع، ولم يجد من يقف في وجهه، فإن سوقه تقوم، وعوده يشتد، وسلطته تظهر، ورواقه يمتد، ويصبح دليلا على تمكن أهل المنكر وقوتهم، وذريعة لاقتداء الناس بهم، وتقليدهم إياهم، وما أحرص أهل المنكر على ذلك!
وأخيرا وليس آخرا اختم كلامي بكلمات محب انفع بها نفسي قبلكم.. من اراد ان ينجو ولا يصيبه ما اصاب غيره كأسلاف نوح ولوط وهود فليتبع قوله تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) تقوى الله في السر والعلانية، تقوى الله ان أذنبت فلا تفضح نفسك واستغفر، تقوى الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تقوى الله ألا تعين على منكر ولا تهدم معروفا، وأستغفر الله وأتوب اليه.
email: [email protected]
twitter - @y_alotaibii