[email protected]
مشكلتنا اليوم اننا نُعلّم كثيرا ونربي قليلا!
ولأن أهل مكة أدرى بشعابها أستميح معالي وزير التربية والتعليم العالي د.محمد الفارس كي أعرض عليه 3 قضايا أراها ملحّة وتحتاج الى سرعة في اتخاذ القرار لعلنا نستطيع ان نعدل «الهرم المقلوب» اللقب الذي أطلقه أستاذي المرحوم بإذن الله د.احمد الربعي، طيب الله ثراه ومثواه، نفتقدك أبا قتيبة.
أولى هذه القضايا، معالي الوزير، هي مشكلة كيفية البدء في الإصلاح التربوي، وكيف يتحقق؟
أقصد هنا، معالي الوزير، ميدان التخطيط التربوي والسياسات التربوية التي انطلقت بها الوزارة خلال الفترة السابقة وأتمنى ان نتوقف عن ممارسة «التجريب» فلقد عايشنا هذا الوضع يوم كنا في مهنة التعليم «تجارب تطبق دون دراسات تقويمية وتقييمية» والشاهد ان كل الدول المتقدمة الحضارية (نعم) تدخل التجارب لكن تعقب هذا متابعة للتجارب التي طبقت وإعطاء اللامركزية دورا أكبر، ثم يأتي البدء في إصلاح القيادات، ولأن الأمر كله يدخل في التنمية وبناء الإنسان فلا مجاملات ولا محسوبية او حزبية، فكل هذا يفتت مجتمعنا التعليمي ويدمره، وانا أقولها بكل صراحة: لا إصلاح ما لم نصلح القيادات، ولا إصلاح ما لم يتوافر معلم ممتاز وطالب خال من كل المؤثرات، وتحقيق التوازن بتطبيق نظم التطوير بالاتجاه نحو «الديموقراطية التعليمية» وان نميز بين ما هو «مرجو» وما هو «محتمل» وما هو «ممكن» وان نعدد خياراتنا وننوع حلولنا بالبعد عن التلاعب بالألفاظ ونتجه للواقع التعليمي العملي، والبعد عن التنظير من الأكاديميين، وتعطى فرصة للموجهين والمشرفين الفنيين والقيادات المدرسية (ناظر ـ وكيل ـ الإخصائى الاجتماعي..).
ولابد من إشراك «جمعية المعلمين» في كل هذا حتى نطبع صيغا مشتركة، لازم نطبق التعاون متى وجدنا القوائم المشتركة بين الطرفين (الرسمي والشعبي) وفق دعوتنا دائما (.. وأمرهم شورى بينهم ـ الشورى: 38).
يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: من استبد برأيه هلك ومن شاور الرجال شاركها في عقولها.
ثانيا: قضية الآثار النفسية للامتحانات
الدول المتقدمة اليوم كسرت حاجز الخوف، وطلبتنا ما زالوا يا معالي الوزير يعيشون «القلق والتوتر» لأن سطوة الامتحانات تتزايد وسط «التأزيم» الممارس من المدارس والآباء والأمهات وقطاعات المجتمع، والبدائل أراها في التقويم المستمر والاختبارات الشهرية وأعمال السنة وضرورة وجود «إعلام تربوي» تلفزيوني يقدم التوعية لهذه الخطوط العريضة التي طرحتها، ويقدم ايضا نماذج من الحلول المقترحة للامتحانات واذا ما خانتني الذاكرة كانت هناك فكرة إطلاق قناة تلفازية تقدّم فيها الدروس الخصوصية للمواد والتوجيه للآباء والأمهات وإحياء «مجالس الآباء والمعلمين» وكل هذا لتخفيف الضغط والتوتر عن «الأبناء» الذين يعانون من قرب الامتحانات وما تليها من انفعالات وشحنات عظيمة من التوتر والقلق.
وتبقى الحقيقة، معالي الوزير: نريد صنعة في اليد أمانا من الفقر.. تعبنا وهرمنا ونحن نقول أبعدوا حشو المناهج!
ثالثا: المعلم.. من يحميه ويعيد له احترامه؟
المعلمون بناة حقيقيون لأنهم يبنون الإنسان، والإنسان مطلبنا اليوم لتحقيق التنمية الشاملة.
معالي الوزير، نعم هناك معلم يمارس دوره ويحقق رسالته، وهناك موظف يعد الأيام ليقبض راتبا والفرق كبير بين الاثنين!
قيل للإسكندر: ما بالك تعظم مؤدبك أكثر من تعظيمك لأبيك؟ فقال: إن أبي سبب حياتي الفانية، ومؤدبي سبب حياتي الباقية.
احنا الجيل المنصرم تربينا على مقولة ولي الأمر للمعلم «ابني لك لحم صافي ولي العظم»!
ولي الأمر اليوم «غير» زعول وحساس وايد ولا يرضى لأي معلم ان يوجه ابنه بحزم مما جعل الوضع «سايب».
كثير من أولياء الأمور إذا لم يكن المدير حازما يتطاولون.
هنا أتذكر ناظري شيخ النظار المربي محمد عبدالرحمن الفارس، أطال الله في عمره، قدوة وحزم أمام ولي الأمر والمعلم والطالب والنتيجة مدرسة نموذجية اسمها «صقر الشبيب الابتدائية» تعلمت فيها جل خبرتي الحياتية وأنا مدين لكل من الناظر وأولياء الأمور والطلبة بعرفان ذكر الجميل والفضل.
اليوم، معالي الوزير، أولياء الأمور يضعون المعلمين في مواقف مهينة، وبعض الطلبة يبررون «فشلهم» بإلقاء المسؤولية على معلميهم!
قال الشاعر:
حسب المعلم انه من روحه
يبني صروح الروح والعرفان
حسب المعلم انه من موطن
في الأرض عد معلّم الأوطان
ومضة: معالي الوزير، «الشق عود» التعليم الخاص يحتاج الى وقفة، لا بل الى وقفات خاصة المدارس التي تبتز الوافدين!
وأخرى نموذجية تستهدف جيوب أولياء الأمور في قفزات من الزيادة الفلكية.
آخر الكلام: طال عمرك «المعلم» محسود على أطول «شيك» تتطاير له العيون «ينفد بسرعة» مع وجود «غول الغلاء والتقسيط والإيجارات»!
أمة لا تقدر دور المعلم أمة متخلفة، فهم منشئو الجيل، دعاة العلم، وقادة الزمن.
قال الشاعر: بُعث المعلم في الأنام رسولا فأنار أفئدة وزان عقولا
زبدة الحچي: معالي الوزير، عندك في المتقاعدين من وزارتك ما تستطيع أن تسد به أي عجز، وهم خبرات متنوعة وكفاءات ومن مختلف القطاعات، استعن بهم بالمكافأة فهم والله «ثروات مجمدة» ومعطلة!
آمل أن نرى «حوارا ثنائيا» بين وزارة التربية وجمعية المعلمين الكويتية للعمل ثنائيا من أجل مصلحة الكويت والأجيال، وتبقى قضية التربية والتعليم قضية مجتمع برمته وهذا مهمل للأسف من اخواننا النواب الذين أتمنى ان نرى لهم في هذا «السياق أولوية» مطلوبة حتى من ناخبيكم فمن يبدأ؟
قال تعالى في محكم تنزيله: (.. وأنا لكم ناصح أمين ـ الأعراف: 68) قالوها.. ثلاث لا يعدم المرء الرشد فيهن: مشاورة ناصح، ومداراة حاسد، والتحبب للناس.
قالها الشاعر احمد شوقي:
آفة النصح أن يكون جدلا
وأذى النصح أن يكون جهارا
ما طرحته يدخل في «المشاورة» بعيدا عن الغضاضة وهو رأي «معلم سابق وتربوي ونقابي» نصيح يأمل في «القوادم» ومن شاور لم يعدم في الصواب مادحا،
وفي الخطأ عاذرا.
اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد