[email protected]
في زمن الحرب طال الغياب.. يا رقية الحجري!
قاتل الله الحوثيين.. دمروا اليمن السعيد! ولاحت في الأفق المجاعة والأمراض!
عند طرح «الأيتام العرب» تجد أول اسم حاضنة لهم: الحادبة على دينها أختنا الأستاذة رقية الحجري.. «أُم الأيتام» التي تفرغت لرعاية أيتام اليمن قبل 14 عاما وراهنت على «الوقف الإسلامي» حتى لا ينقطع المال عنهم! وأنجزت ما وعدت! لكن الآن لا نعلم أحوالها وأيتامها؟
لو طلب مني أن أقدم رسالة «الدكتوراه» لقدمتها في تاريخ وعمل وإنجاز أختنا رقية الحجري التي تلقب بـ «ماما رقية» من الأيتام، وهي بحق رائدة في العمل الخيري العربي في الأيتام وهي اليوم خبيرة أو استشارية من خلال خبرتها بإنشاء مؤسسة الرحمة للتنمية الإنسانية التي ترعى مئات الأيتام في اليمن داخل السكن الداخلي أو في أحضان «أسرهم» في عدة محافظات في اليمن وقد حصلت مؤسسة الرحمة على شهادة الآيزو بعد أن نجحت في تحقيق الرعاية الشاملة للأيتام وتأمين طفولتهم بالإيواء الأسري الخيري الوقفي المؤسسي، والذي مازال بحاجة الى دعم الكرماء العرب، خاصة أن الأيتام فئة ليست لها علاقة بالسياسة وتتأثر جدا بالحروب والكوارث، قال تعالى: (فأما اليتيم فلا تقهر) الضحى 9.
رقية الحجري.. هي ابنة القاضي عبدالله الحجري والذي كان رئيسا لوزراء الجمهورية العربية اليمنية منذ 30 ديسمبر 1972 وحتى اغتياله وزوجته وسفير اليمن في بريطانيا بالقرب من حديقة الهايد بارك بعد أن خرج من فندق رويال لانكاستر ولم يتم تحديد القاتل حتى اليوم.
إذن، هي في الأساس ابنة أسرة ثرية، أما زوجها فهو فضل الحلالي الملقب بـ«الشهيد» محافظ صنعاء، الذي عرف بخلقه الإنساني الرفيع المعطر دائما بالابتسامة، وكان داعيا اجتماعيا وتربويا وقتل في عام 1994.
الكويت سباقة دائما في العمل الخيري خاصة فيما يتعلق بالأيتام ولقد زارت الأخت رقية الحجري الكويت أكثر من مرة وألقت المحاضرات والندوات عن الأيتام أو من خلال اللقاءات المفتوحة مع الصحافة برعاية الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية أو مبرة عبدالرزاق الصانع الخيرية وفريق مزن بجمعية عبدالله النوري الخيرية.
إنني وغيري كثر نتساءل أين هي رقية الحجري؟ ماذا عن الأيتام في ظل هذه التقارير الدولية التي تتكلم عن المجاعة في اليمن؟
ماذا عن المشاريع التأهيلية لهؤلاء الأيتام؟ وكيف هي أحوالهم في الحرب والمجاعة؟
لن أنسى أبدا قصة «حبيبتي مريم» كما وصفتها وروتها الأستاذة رقية الحجري وكيف حولت هذه اليتيمة «فكر» رقية الى علامة فارقة دقت ناقوس الخطر ونبهت المجتمع الى أهمية إنشاء دور رعاية الأيتام وخلقت رأياً عاما حول قضيتهم!
قصة مريم جميلة قلبت الموازين وهي طفلة مجهولة الأبوين وضعتها أمها في أحد المستشفيات وهربت وتركتها بعد ساعات من ولادتها، فهي إذن ضحية أم فاقدة لقب الأمومة وظلت هذه الطفلة تبكي حتى أشفقت عليها ممرضة وافدة غير يمنية اسمها «أسماء» واحتضنت الطفلة الرضيعة واعتنت بها لمدة 12 عاما وأصيبت هذه الحاضنة بالسرطان وقررت أن تبلغ مريم بقصتها وكانت صدمة عنيفة لمريم خاصة بعد وفاة «أسماء» ما جعلها تدخل عالم الضياع والتيه وتنقلت ما بين البيوت حتى تسلمتها رقية وفكرت في تأسيس مؤسسة لإيواء الأيتام بقبول مجتمعي بعد أن ناضلت من أجل تغيير العادات والتقاليد والطبيعة القبلية للمجتمع من خلال طاقم نسائي متكامل في صنعاء واب وتعز.
قال الشاعر:
والله أوصى باليتيم ووصله
بِراً، وأوصى بالفقير المعدم
ومضة: إننا نسأل المربية الفاضلة الأستاذة رقية الحجري.. أين أنتِ؟ ماذا عن الأيتام واحتياجاتهم؟ ومن ينصرهم؟ ومن يفزع لتمويلهم؟
تقول أختي الفاضلة عادلة الجارالله: إن من رأى ليس كمن سمع، حيث شاهدت بعيني حجم الرعاية والاهتمام والتأهيل المتوافر للأيتام في هذه المؤسسة وانها تجسد مفهوم الرحمة وعزة النفس في أبنائها وانها ثمرة جهد العاملات وعلى رأسهن الأخت رقية الحجري ودعم المتبرعين الكرام في الكويت وخارجها.
قالت لي في أحد الاتصالات: زوّجت 16 يتيمة وأتابعهن وأهتم بأمورهن وأساندهن لأنهن بناتي وتربيتي!
آخر الكلام: لقد كان لي الكثير من الاتصال مع أختنا رقية الحجري وتعجبني جدا فلسفتها في الحياة، فهي تسمي عالمنا «عالم الخير» وتعتبر أن الفضائل لا تعيش إلا في النفوس الكريمة، وأن خيوط الأمل لا بد أن تتسلل لتشرق علينا بيوم جديد لا نعلم خفاياه ولكن نعلم من مدبره ونثق به وكلنا ثقة بأن ما مضى خير، ونتفاءل بأن الآتي أجمل!
كانت تتمنى أن تقيم دارا لاستقبال حالات طارئة ومؤقتة، كان هذا حلمها فمن يحققه على الواقع اليوم؟
تقول: نسعد كثيرا عندما نجد ألسنة وأقلاما تتحدث معنا وتشاركنا حواراتنا ودندناتنا مع الأبناء الأيتام ونحن أسعد بكل من يسأل عنا من القلوب البيضاء والأيادي الخيرة التي تترك بصمة في عالم الرأفة والإنسانية ومن حلقت أرواحهم في سماء البذل والعطاء.
رقية الحجري امرأة عظيمة، فإن فخرت اليمن بالملكة بلقيس في الماضي فلها أن تفرح برقية حاضراً!
زبدة الحچي: تقول: تقلب القلوب الخافيات والقلوب الكاذبات ومشتقاتها كثيرة لكن القلب السليم صفة خاصة بأهل الخير وحضان الأيتام، فاللهم اجعلنا من أصحاب القلب السليم.. هذه هي رقية الحجري.. ويبقى السؤال: أين أنت يا أم الأيتام؟ وكيف هو وضع الأيتام؟
لقد علّمتني أن عبارة (إن الله معنا) تغنيك عن كل العبارات، وأنا أقولها بقلب صادق ويقين الله معك يا أم أيتام اليمن.