توطئة: هنا لا اقصد من ينشرون قصائدهم عبر تويتر بل أعني وأقصد كل من ينشرون قصائدهم عبر أي وسيلة تواصل اجتماعية كتويتر وانستغرام ويوتيوب وغيرها.
****
الشعراء الورق أو ممن كانوا ينشرون في الصفحات الشعرية والمجلات المتخصصة فصيحة كانت أو شعبية كانوا يمرون على ما نطلق عليهم في الصحافة «حراس البوابة» فلا يمكن ان يمر نص شعري من بين عشرات النصوص لينشر ويجد طريقه إلى الجمهور الا بعد ان يمر على فلاتر ذائقة متعددة الثقافة، فيأتي الشعر المنشور صافيا تتراوح درجته بين الرائع والجيد والمقبول وتنشر النصوص والقصائد تباعا لذائقة المعد او المشرف على الصفحة ولكن اغلب المنشور منها يراعي الحد الأدنى من المتطلبات الشعرية وزنا وقافية ومعنى وصورة، أما شعراء تويتر ممن ظهروا وانتشروا انتشار النار في الهشيم مع ثورة وسائل التواصل فلا فلاتر ولا تنقية، فيصل الى المتلقي الغث والسمين وشيء كثير مما «حاسه الطين»، فكلهم شعراء، كان شاعر الورق لا يكون جماهيريته الا بما يقدمه من نص شعري متعوب عليه، أما شاعر تويتر فيشتري متابعيه أو رتويتات بل وحتى يمكنه ان يشتري مساحات انتشار أوسع في الانستغرام او غيرهما من وسائل التواصل الاخرى، قد يقدم بعضهم من أولئك الشعراء ما يرقى لأن يكون شعرا مقبولا ولكن غالبيتهم يقدمون شيئا لا يشبه الشعر لا لونا ولا طعما ولا رائحة، مجرد «خثاريق» لا معنى لها، وربما تعرف أسماءهم دون ان تعرف نتاجهم، طبعا من بين الألف الشعراء الذين ولدوا شعريا في غرف تويتر والانستغرام وسناب شات هناك قلة ممن يقدمون شعرا حقيقيا، اما البقية فليسوا بأكثر من حساب في تويتر يدعي صاحبه أنه شاعر يغرد بشيء يشبه الشعر والشعر منه ومن صاحبه براء.
ومع غياب حراس البوابة غابت الذائقة، واختلط الشعر باللاشعر، وغلب اللاشعر على الشعر، فمن بين كل 100 ممن يظهرون عبر وسائل التواصل الاجتماعي هناك فقط شاعر حقيقي وربما نصف شاعر أو مشروع شاعر لم يكتمل يقدم شيئا جميلا ولكنه لا يزال بحاجة للتوجيه والنقد والتعديل حتى يصبح شاعرا حقيقيا.
فلا يكفي ان تشتري متابعين ولا ان تستأجر شركة متخصصة لتصوير ما تلقيه وتبثه على شكل مقاطع فيديو معتقدا ان ما تقوله وتبربر به شعر لتصبح شاعرا، وهو لقب سهل ممتنع، لا يمنحه لك سوى الجمهور الحقيقي، وليس المتابعين الوهميين، ونعم ان لم تمر بقصيدتك على حراس البوابة من معدي الصفحات الشعرية مثل حمود البغيلي ونصار الخمسان وناصر السبيعي وعلي المسعودي وغيرهم من المتخصصين ويجيزوها لك للنشر فلن تكون سوى شاعر عبر الى عالم الشعر تسللا لم يختم جواز مروره متخصص من امثال من ذكرتهم.
وبســبب فوضى المرور إلى عالم الشعر دخل الدخيل والمستدخل بل والمستهبل شعرا، واختلط الحابل بالنابل بل واختلط الفحم بالألماس والتراب بالتبر، في مشهد ينحر وجود الشعراء الحقيقيين من الوريد الى الوريد على محراب وسائل التواصل الاجتماعي بجمهور لا يفرق اغلبه بين الصخري والمسحوب ولا بين الهجيني والطويل ويطبلون لمن قال كلمتين عبارتين في فيديو متقن الإخراج لقصيدة اقل ما يمكن ان توصف به انها حديث دلالين قبل إغلاق السوق.
إذا أردت ان تكون شاعرا حقيقيا فاذهب لأي من المختصين ليجيزك ويمنحك النصيحة قبل اللقب، فوسائل التواصل ليست بأكثر من منبر لتوصل أشعارك ولكنها ليست حكما ولا مقياسا لك ولا لشاعريتك.
[email protected]