- منطقة رويان تتمتع بأجمل إطلالة على بحر قزوين ويمتد ساحلها إلى 32 كم2 ويعتبر أفضل شاطئ بحري صالح للاستثمار
- رحيمي: نجهز لأكبر مشروع مطل على بحر قزوين يضم فندق 5 نجوم ومارينا وأسواقاً تجارية والانتهاء منه خلال الـ 4 سنوات المقبلة
- نوشهر مدينة الفواكه والورود يقصدها السياح لغابة سي سنكان وتتهيأ لمشاريع سياحية ضخمة
- مدير عام منظمة السياحة: نقلة نوعية في شبكة الطرق من شأنها تقليل مسافات السفر بين المحافظات
بيان عاكوم
لطالما تغنت كثير من الدول الموجودة على خارطة السياحة العالمية بسحر طبيعتها، وروعة وجمال شواطئها، وغاباتها وشلالاتها، واعتبرت مقصدا خصوصا في بلداننا العربية لعشاق السكون والهدوء والاستجمام، ولكن لا تتفاجأوا ان قلت لكم أن تلك المواصفات موجودة ايضا قربكم على الضفة المحاذية في الشمال الايراني.
قبيل سفري الى إيران لم أكن أعلم انه يوجد في ذلك البلد سوى السياحة الدينية في المناطق المعروفة التي هي محط اهتمام كثيرين، الى جانب السياحة الثقافية التي تزخر بها إيران نظرا لتاريخها وحضارتها التي تعود لآلاف السنين، اللهم الا ما سمعته من هنا وهناك عن جمال الطبيعة، إلا انني عندما ذهبت لم أتخيل ما رأيته من لوحات تشكيلية طبيعية متناثرة في معرض مفتوح في الهواء الطلق، حيث تفترش الخضرة بساطها الشاسع، وتكسو الجبال الشاهقة غابات كثيفة، ومزارع للشاي تستمد ريها وبرودتها من تكتلات الغيوم المستقرة فوق سمائها، والشلالات التي تنحدر في منظر طبيعي أخاذ، والهواء النقي، أضف الى ذلك كله متعة الحياة البسيطة التي تلتمسها من عيشة المواطن الإيراني الشمالي الذي لايزال يحتفظ بطبيعة المواطن الريفي وسجيته.
ولكن هذه الطبيعة الساحرة وبالرغم من دخول يد المستثمر المحلي والأجنبي عليها من خلال اقامة الفنادق والمنتجعات السياحية والقرى الترفيهية التي هي محط إقبال كثير من السياح، إلا أنه لايزال هناك الكثير منها غير مكتشف، وتحتاج لمن يضفي عليها خدمات سياحية لابد من توافرها كالفنادق ذات المواصفات العالية والمجمعات التجارية والمطاعم العالمية والمدن الترفيهية الكبيرة، والتي دون شك ستزيدها ثراء وتعطيها مميزات تتمكن من خلالها من قلب جميع المقاييس لصالحها بحيث تصل لأن تكون في مصاف الدول السياحية الأولى.
وفي الواقع هذا هو التوجه حيث ان مناطق الشمال مقبلة على نهضة سياحية في السنوات المقبلة من خلال المشاريع المستقبلية التي هي في طور البناء والتجهيز مدعمة بخطة حكومية لتعزيز قطاع السياحة في المنطقة الى جانب تقديم حكومة الرئيس روحاني جميع التسهيلات اللازمة للمستثمرين من الداخل والخارج.
فالشمال الايراني، يتكون من ثلاث محافظات هي كلستان ومازندران وكيلان والتي زرنا منها المحافظتين الأخيرتين حيث تتمتعان بطبيعة خلابة مطلة على بحر قزوين او بحر الخزر كما يسميه الإيرانيون، تحيطهما من الناحية الأخرى جبال البرز الشاهقة القريبة من البحر، وتزينهما غابات بكر كثيفة، وبحيرات وسهول وينابيع حارة متدفقة معالجة لكثير من الأمراض والتي سيجد فيها المستثمر ضالته لتوافر أرضية مناسبة لأي مشروع استثماري ناجح.
مع اطلالة يوم جديد، غادرنا فندق نارنجستان متوجهين الى غابة نور، والتي تقع في منطقة نور في محافظة مازندران.
مررنا بشوارع المدينة التي بدت نظيفة ولامعة، لتأثرها بنسمات منعشة ومطر خفيف أضفى عليها عذوبة وصفاء، وصلنا الى الغابة عبر طريق طويل تنتشر على جنباته أشجارها النادرة المختلفة الانواع.
غابة نور تعتبر أكبر غابة في منطقة الشرق الأوسط، كما اخبرنا حاكم المدينة هادي خنجري، وتحتل مساحة 36 كم2، ويوجد فيها نحو 10 هكتارات من المساحات المائية، وتتميز بقربها الكبير من البحر، وبطبيعة رائعة حيث يزورها سنويا ما بين 15 و20 ألف سائح.
ومن الغابة انطلقنا الى «سد اليمالات»، الذي أملى العين سحرا استثنائيا في روعته حيث يلبي شغف السائح بالراحة والاستجمام، ويحلو للروح ان تتنفس هواء نظيفا خاليا من أي تلوث، حيث تحيط بالسد غابات كثيفة خضراء، وترنو ببصرك صوب الأفق البعيد فترى جبال البرز والسحاب تغطيها في منظر آسر.
وكان قد بني السد لتأمين ري الأراضي الزراعية، ولكن لروعة المكان وجدنا الكثير من الأهالي يجلسون للاستمتاع على يابسته الطرية كما يستغلون المكان لممارسة هواياتهم المفضلة.
وبعد جلسة دامت نحو ساعتين انطلقنا الى محطتنا التالية، وهي نمك ابرود، ولكن قبل زيارة هذه المدينة السياحية مررنا بمنطقة رويان والتي تعتبر افضل المناطق في مازندران التي تتميز بإطلالة رائعة على بحر قزوين وفيها أفضل شاطئ بحري صالح للاستثمار يمتد طوله 32 كم2.
ووسط تمتعنا بشاطئ البحر كانت لنا دردشة مع حاكم المدينة هادي خنجري حول الاستثمار ومدى إمكانية الانفتاح الايراني لجلب المزيد من الاستثمارات، حيث أشار خنجري الى ان قوانين بلاده تقوم على أساس الشريعة الاسلامية، وبالتالي على الجميع احترام هذه القوانين، مؤكدا ان المستثمر جل ما يهمه الأمن، وهذا ما تتمتع به بلاده ومنطقة شمال إيران، أضف الى ذلك الطبيعة الخلابة، مبينا ان هذين العاملين هما أبرز ما يشجع المستثمر على استثمار رؤوس أمواله في أي بلد.
ومن البحر مسافة قصيرة الى نمك ابرود، وهي منطقة تقع في مدينة جالوس وتعتبر مقصدا للسياح لأنها تحتوي على امكانيات سياحية واسعة وتوجد فيها قرية سياحية تضم سلسلة من المطاعم والاماكن الترفيهية والمقاهي وحديقة للحيوانات اضافة الى خطوط التلفريك التي تشكل فرصة للاستمتاع برؤية المناظر الخلابة في نمك ابرود حيث تمر بين غابات اشجار الصفصاف والبلوط ويزورها سنويا نحو 6 ملايين سائح خصوصا في فترة الاعياد.
كما تضم هذه المدينة عددا من الألعاب الرياضية كمضمار سباق السيارات ونادي الرماية الذي قمنا بزيارته وتمتعنا بالتجربة.
ولا ننسى الغابة في نمك ابرود التي تبلغ مساحتها 200 هكتار وتحتوي على أشجار برية كثيفة متنوعة مثل الصفصاف والبلوط ويبلغ عمرها 700 سنة وتعتبر طبيعة الغابة بكرا وقد تمت المحافظة عليها كي لا تتعرض لعمليات التحديث.
على الضفة الأخرى تزداد التسلية مرحا بلفتة انسانية جميلة حيث مركز عرض لحيوان الفقمة ـ اسمها سيلا متزوجة من اثنين ولديها ثلاثة ابناء ـ فبقدر استمتاعنا بما يقدمه الفقمة من عروض مائية، ومواهب، وقدرات فنية من رسم وغيره، زاد استمتاعنا عندما علمنا انه يجري مزاد لرسومات الفقمة بحيث يعود ريعها الى الأسر المحتاجة وذوي الاحتياجات الخاصة.
ومن نمك ابرود الى مدينة نوشهر كانت محطتنا الأخيرة في هذا اليوم، وهي بلدة ساحلية تملك حدائق غنية بأنواع الفواكه والورود الى جانب غابات كثيفة اشهرها غابة سي سنكان التي تعتبر مقصدا للسياح.
في هذه المدينة توجهنا ليلا الى منزل رجل الأعمال الايراني أمير حسين رحيمي، والهدف من الزيارة تعريف الجمهور بما تحتويه المدينة من مؤهلات سياحية الى جانب المشاريع المستقبلية التي يتم التحضير لها والتي من شأنها أن تنتقل بالمدينة نقلة نوعية، ولكن في واقع الأمر تركت هذه الزيارة في أنفسنا شعورا ذا طبيعة خاصة ربما عكسه تواضع شخصية رحيمي الى جانب الأجواء التي وفرها في منزله والتي تعود بك الى عصور خلت، أضفى عليها مروض الأسود والمخرج السينمائي أمير رهبري رونقا وحيوية من خلال إفساحه المجال لنا بالتقاط الصور مع «أبنائه» كما يطلق عليهم الحيوانات التي انتشرت في ثنايا المنزل والتي شكلت تجربة فريدة وجميلة لدى البعض، ورهبة وخوفا لدى البعض الآخر.
رحيمي ورهبري يجهزان لمشاريع عدة، وبينما تحدث رهبري عن مشروع بناء مدينة خاصة لعروض الحيوانات، اسهب رحيمي في الحديث عن مشروعه في مدينة نوشهر وهو عبارة عن فندق من فئة الـ 5 نجوم الى جانب مارينا في البحر يصل طوله لكيلومتر مربع، اضافة الى مركز للتسوق.
ويقول رحيمي ان هذا المشروع هو الأول للقطاع الخاص وسيكون الأكبر من ضمن المشاريع المطلة على بحر قزوين يغطي مساحة 65 ألف كلم2 وتبلغ تكلفته 250 مليون دولار، ومن المتوقع الانتهاء منه خلال الـ 4 سنوات المقبلة.
وعن امكانية مشاركة رجال اعمال كويتيين، ذكر انه سيتم ادراج اسهم المشروع قريبا في البورصة وللاكتتاب العام حيث سيكون بإمكان المستثمرين في اي دولة في العالم المشاركة في هذا الاكتتاب.
وبين رحيمي ان سياسة الرئيس حسن روحاني الجديدة والتي تدعم القطاع الخاص بشكل كبير وتقدم التسهيلات للمستثمرين تمكن أي مستثمر من انجاز مشاريعه الخاصة أيا كان نوعها بكل سهولة وبتكلفة قليلة جدا.
حاكم مدينة نوشهر محمد علي قمي وضح لأعضاء الوفد مؤهلات هذه المدينة السياحية ان في البحر الذي يبلغ طول ساحل المدينة 60 كلم2 او في الجبل او الغابات المنتشرة فيها.
وذكر انه يوجد في المدينة مطار وميناء يوفر قدوم السائحين من اي مكان ويخدم الملايين من السياح الذين يأتون الى المدينة سنويا.
كما أبدى استعداده لمن يرغب في الاستثمار في المنطقة بتوفير الأرضية اللازمة وتقديم التسهيلات، مشيرا الى ان أي مستثمر بإمكانه العمل براحة وبأمان.
وكان ختام اللقاء مسكا كما يقال مع رقصة «سما» من أمير رهبري وهو رقص صوفي حيث يقوم عشاقه بارتداء تنانير واسعة ويقومون بحركة دورانية مع رفع اليد اليمنى للأعلى وخفض اليسرى الى الاسفل وذلك بقصد التأمل والتقرب الى الله.
ومن خلاله يستطيع رهبري أن يحصل على طاقة ربانية كما يقول تمكنه من ترويض الحيوانات دون استخدام أي وسيلة رادعة.
ومن منزل رحيمي توجهنا مباشرة الى الفندق في يوم آخر حافل كان ينتظرنا، بدأ بلقاء مع مدير عام منظمة السياحة والتراث في محافظة مازندران ومسؤولي المكاتب السياحة ورجال أعمال إيرانيين الذين وضعونا في اجواء المقومات الهائلة التي تحتويها مازندران وما تضمه من فنادق حيث تحتوي على 100 فندق من فئة 3 و4 و5 نجوم الى جانب وجود معالم سياحية وينابيع كنبع سود الذي يخرج منه الماء بألوان مختلفة ويحتوي على صوديوم وبوتاسيوم ويعتبر جيدا للبشرة الى جانب معالم تراثية يعود تاريخها لـ 10 آلاف سنة مثل مغارة اوتو وغيرها.
وأشار الحاضرون الى خبرتهم بمعرفة متطلبات السائح العربي وما يفضله من معالم سياحية تتوافر في المحافظة من ينابيع وشلالات وغابات وجبال، اضف الى ذلك طبيعة المازندرانيين المضيافة وترحيبهم بالسياح العرب الى جانب وجود المطارات في المحافظة والتي تسهل وصول السياح.
علي رضا شاهدي قائم بأعمال مدير عام الشركة السياحية نارنجستان تحدث عن الشركة وفرص الاستثمار الموجودة في المحافظة مشيرا الى ان الشركة أنشأت عدة مناطق سكنية وفنادق ومشاريع تجارية والعمل جار على إنشاء فنادق جديدة في مناطق عدة في مازندران الى جانب مشروع تجاري في طور البناء وهو عبارة عن شقق سكنية ومشروع وجبات اكل سريع.
وعبر شاهدي عن رغبته في مشاركة المستثمرين العرب بمشاريع مستقبلية ترغب المحافظة في انشائها مثل جزيرة صناعية وقرية للسياحة والاستجمام وقرية مائية ومدينة ثلج ومدينة رياضية ومركز للخيول ومراكز تجارية وسينما. لافتا الى وجود 120 مشروعا شبه جاهز في مجال الفنادق والمطاعم والمشاريع الترفيهية.
مدير عام منظمة السياحة تحدث عن نقلة نوعية يحضر لها متمثلة في شبكة طرق تربط مازندران بطهران اضافة الى القطارات وتطوير المطارات الموجودة، متطرقا الى مشاريع الحكومة في هذا المجال والتي من شأنها عند تنفيذها ان تقلل من مدة السفر الى الشمال الايراني.
من المؤتمر الصحافي مباشرة توجهنا الى مدينة رامسر والتي تعتبر قطبا من اقطاب المدن السياحية في شمال ايران وتتميز بموقع جغرافي رائع لقرب البحر للغابة.
ومدينة رامسر معروفة سياحيا منذ 80 عاما كما تعتبر من المدن القليلة في العالم التي تحتوي على مختلف انواع السياحة كالطبيعة الساحرة والسياحة البحرية وينابيع الماء الحار المعالج لكثير من الامراض، وتتوافر فيها الفنادق القديمة التي يعود بناؤها الى 80 عاما، حيث شهد احد فنادقها التوقيع على اتفاقية البحيرات قبل 40 سنة والتي انضم اليها 165 بلدا في العالم كما ذكر لنا نائب المحافظ حسين سروري والذي اشار ايضا الى ان مدينة رامسر تضم غابات عدة اهمها غابتا دالي خاني وسفار روت هذا الى جانب مدينة سياحية تحتوي على فنادق وألعاب ترفيهية وأسواق تجارية وتلفريك الذي يعتبر من مميزا بالعالم نظرا للخدمات التي يمتاز بتقديمها.
كما ذكر سروري ان المدينة تذخر بالأماكن التراثية كمتحف كاخ الى جانب شارع المعلم.
وذكر سروري ان للمدينة مطارا يعود لخمسين عاما مضى وهو في طور التطوير حيث يتم تطوير مدرج المطار حتى تكون هناك امكانية لنزول الطائرات الكبيرة فيه، كما بإمكانه ان يلعب دورا اقتصاديا في نقل منتجات المحافظة التي تشتهر بإنتاج الزهور والحمضيات الى دول اخرى.
وعن الاستثمار في المنطقة ذكر سروري ان قانون دعم الاستثمار الاجنبي من القوانين الحديثة بحيث يضمن رأس المال والأرباح من المشاريع، لافتا الى ان المستثمرين في القانون لهم الحرية في الاستفادة من عمالة تتناسب مع مشاريعهم كما لا يلزم القانون اصحاب المشاريع بتوظيف العمالة الإيرانية، لكنه أشار الى ان قوى العمالة الإيرانية رخيصة وبالتالي عادة ما يستفيدون منها.
المدير العام لقرية رامسر السياحية خسرو نجفي تحدث عن شركة رامسر «تلكابين» حيث اشار الى ان المشروع يمتد على مساحة 141 هكتارا وبإمكانه استضافة 20 ألف سائح في اليوم والخدمات التي تقدم للسياح والزائرين تقسم بين خدمات بحرية وتسوق اضافة الى المدينة الترفيهية.
وأشار الى ان المشروع يقسم الى 3 أجزاء البحر والساحل وفوق الجبل الى جانب الفنادق.
وبين ان هذه السنة 50% من الزوار كانوا من الدول المطلة على الخليج.
ومن مدينة رامسر الترفيهية الى سوق كدر التراثي مسافة قريبة جدا حظينا باستقبال رائع من القائمين على السوق كما كانت لنا جولة في أرجائه للاطلاع على اهم المنتجات الإيرانية التراثية من ملابس الى حرف يدوية واوان فخارية وتماثيل خشبية تشكل تحفا تذكارية مناسبة لكل سائح. ولم نترك المكان الا بعد سهرة جميلة في أحد مقاهي داخل السوق المترامية على شط البحر.
جبل دماوند
يقع ضمن سلسلة جبال البرز بالقرب من بحر الخزر على مسافة 70 كم من طهران وجبل دماوند يحتل مكانه في الادب الفارسي الحديث والقديم حيث كان يتغنى به معظم الشعراء، وهو يمثل للفارسيين الصمود والاستقامة.
سمك الكافيار
تشتهر ايران باستخراج اللؤلؤ الأسود او سمك الكافيار الباهظ الثمن حيث يتمركز تواجده في المحافظات الثلاث في الشمال الإيراني وهي كلستان ومازندران وكيلان تنتج أجود زنواع الكافيار بعد الكافيار الروسي وتفرض السلطات على الصيادين الذين يحصلون على حوت الكافيار بتسليمه للدولة المخول لها فقط القيام باستخراجه.