تنبؤه عن مقتله
عن زيد بن وهب قال: قدم عليّ رضي الله عنه على قوم من أهل البصرة من الخوارج، فيهم رجل يقال له: الجعد بن بعجة، فقال له: اتق الله يا عليّ فإنك ميت، فقال عليّ رضي الله عنه: بل مقتول، ضربة على هذا تخضب هذه (يعني لحيته من رأسه) عهد معهود وقضاء مقضي (وقد خاب من افترى) وعاتبه في لباسه فقال: ما لكم وللباس؟ هو أبعد من الكبر وأجدر ان يقتدي بي المسلم.
عن فضالة بن أبي فضالة الأنصاري ـ وكان أبوفضالة من أهل بدر ـ قال: خرجت مع أبي عائدا لعلي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه من مرض أصابه ثقل منه، قال: فقال له أبي: ما يقيمك في منزلك هذا؟ لو أصابك أجلك لم يلك إلا أعراب جهينة، تحمل الى المدينة، فإن أصابك أجلك وليك أصحابك وصلوا عليك، فقال عليّ رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليّ ألا أموت حتى أؤمر ثم تخضب هذه ـ يعني لحيته ـ من دم هذه ـ يعني هامته ـ فقتل وقتل أبوفضالة مع عليّ يوم صفين.
عن عبدالله بن سبع قال: سمعت عليا رضي الله عنه يقول: لتخضبن هذه من هذا، فما ينتظر بي الأشقى؟ قالوا: يا أمير بالمؤمنين فأخبرنا به نبير عترته، قال: إذن تالله تقتلون بي غير قاتلي، قالوا: فاستخلف علينا، قال: لا، ولكن أترككم الى ما ترككم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالوا فما تقول لربك إذا أتيته؟ قال: أقول: اللهم تركتني فيهم ما بدا لك ثم قبضتني إليك وأنت فيهم، فإن شئت أصلحتهم، وإن شئت أفسدتهم.
عن عبدالله بن سبع قال: خطبنا عليّ رضي الله عنه فقال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لتخضبن هذه من هذه، قال: قال الناس: فأعلمنا من هو، والله لنبيرن عترته، قال: أنشدكم بالله أن يقتل غير قاتلي، قالوا: إن كنت قد علمت ذلك استخلف إذن، قال: لا، ولكن أكلكم إلى ما وكلكم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عن عمار بن ياسر قال: كنت أنا وعليّ رفيقين في غزوة ذات العشيرة، فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام بها، رأينا ناسا من بني مدلج يعملون في عين لهم في نخل، فقال لي عليّ: يا أبا اليقظان، هل لك أن نأتي هؤلاء فننظر كيف يعملون، فجئناهم فنظرنا الى عملهم ساعة ثم غشينا النوم فانطلقت أنا وعليّ فاضطجعنا في صور من النخل، في دقعاء من التراب، فنمنا.
فوالله ما أهبنا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركنا برجله، وقد تترّبنا من تلك الدقعاء، فيومئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: «يا أبا تراب» لما يُرى عليه من التراب.
قال: «ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين؟» قلنا: بلى يا رسول الله، قال: «أحيمر ثمود الذي عقر الناقة، والذي يضربك يا عليّ على هذه ـ يعني قرنه ـ حتى تبل منه هذه ـ يعني لحيته.
عن زيد بن وهب قال: جاء رأس الخوارج الى عليّ فقال له: اتق الله فإنك ميت، فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ولكني مقتول من ضربة من هذه تخضب هذه ـ وأشار بيده الى لحيته ـ عهد معهود، وقضاء مقضي (وقد خاب من افترى).
كيف قتل؟
عن أبي الطفيل قال: دعا علي الناس الى البيعة فجاء عبدالرحمن بن ملجم المرادي فردّه مرتين، ثم أتاه فقال: ما يحبس أشقاها؟ لتخضّبنّ ـ أو لتصبغنّ ـ هذه من هذه، يعني لحيته من رأسه، ثم تمثل بهذين البيتين:
اشدد حيازيمك للموت
فإن الموت آتيكا
ولا تجزع من القتل
إذا حــلّ بواديكـــــا
والله انه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليّ.
كيف عوقب قاتله
عن أبي نجيّ قال: لما ضرب ابن ملجم عليّا رضي الله عنه الضربة قال عليّ: افعلوا به كما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يفعل برجل أراد قتله، فقال: «اقتلوه ثم حرقوه».
خطبة الحسن بعد قتل عليّ رضي الله عنه
عن أبي إسحاق عن هبيرة: خطبنا الحسن بن عليّ رضي الله عنه فقال: لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون بعلم، ولا يدركه الآخرون، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثه بالراية، جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله، لا ينصرف حتى يفتح له.