- أصحاب البدع من المنحرفين يعادون السلفية لأنهم يدركون أنها دعوة علم تكشف باطلهم وتوضح انحرافهم
- بعض الحكام الظلمة يتلذذون بقمع شعوبهم ويتهمون كل من يطالب بحقه بأنهم «سلفيون» ليستجلب عطف العالم الغربي
- فتاوى علماء السلف المعاصرين حذرت من خطر المنهج التكفيري القائم على الغلو في الدين والطعن في العلماء والجهل بأحكام الشرع واستعجال النتائج
- هناك مخطط خبيث يسعى لربط الدعوة السلفية النقية بوقائع منحرفة وتصرفات طائشة وافتراءات ودعاوى باطلة
- القبوريون في مصر أفزعهم انتشار النقاب وكثرة الحضور في مجالس الدعاة السلفيين فاتهموهم بمعاداة الأولياء
- ما يسمى بالسلفية الجهادية في الوطن العربي أخرجت السلفية من كونها دعوة رحمة إلى دعوة تتعطش للدماء
إعداد: ضاري المطيري
«تميزت الدعوة السلفية المباركة بالثبات على مدى العصور والدهور، فعقيدة الإمام أحمد هي عقيدة عمر رضي الله عنه، ومن بعده كابن تيمية وابن القيم، وهي عقيدة علماء أهل السنة المعاصرين، ولو سألت أحدا ممن ينتسب إلى هذه الدعوة في الهند شرقا أو في المغرب غربا فستجد جوابهم هو ذات جواب أهل السنة في الحجاز ومصر رغم أن بعضهم لم يلق بعضا ولم يدركه»، هذا ما أكده الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الداعية محمد العصيمي. «الأنباء» التقت العصيمي للحوار معه حول الدعوة السلفية وما تعنيه، وعلاقتها بالحركات السياسية، وحقيقة الهجوم عليها واتهامها بالإرهاب، وفيما يلي نص الحوار:
بداية نود أن نعرف، هل الخلاف واقع في الأمة الإسلامية؟ وعلى ماذا يدل؟
٭ نعم، فقد روى أصحاب السنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «افترقت اليهود إلى إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل من هي يا رسول الله؟ قال: هي من كانت على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي»، وقال في حديث آخر هي «الجماعة»، واشتمل هذا الحديث الصحيح الصريح على وجود الخلاف في هذه الأمة وتفرقها وتشتتها إلى هذا العدد الكبير، ويصدق هذا الحديث قوله تعالى (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين، إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم)، وما هذا التفرق وكثرة المخالفين إلا دليل على ذم طريقتهم وشناعة فعلهم، بدليل توعدهم بالنار عياذا بالله تعالى.
وهل كل من يدعي الحق من هذه الفرق يكون مصيبا في دعواه؟
٭ اشتمل الحديث السابق على أن هناك من يدعي الحق ويزعم أنه عليه لكن عند تفحص حاله والتدقيق في طريقته نجد أن الأمر على خلاف ذلك، كما اشتمل الحديث أيضا على وصف الفرقة الناجية والطائفة المنصورة، وهم الذين كانوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فما لم يكن يومئذ دينا فلن يكون اليوم دينا، ومن رحمة الله عز وجل أنه جعل وصف الفرقة الناجية ليس خاصا في زمن النبوة والرسالة فقط بل هو عام يشمل كل من كان على طريقتهم ومنهجهم في تعلم الدين وفهمه والعمل به، ففي الحديث «لاتزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله، وهم على ذلك» وفي رواية «حتى يقاتل آخرهم الدجال» رواه البخاري ومسلم.
لننتقل إلى الحديث عن الدعوة السلفية، وهل هي دعوة محاربة؟
٭ بلا شك، فالمتابع لما يحدث اليوم في العالم العربي من قلاقل ومشاكل واضطرابات وبعض التصرفات، يدرك تمام الإدراك أن هناك مخططا خبيثا لإقحام الدعوة السلفية النقية في هذه الأحداث وما ذاك إلا لجهلهم بحقيقة هذه الدعوة المباركة، ولهذا حملوا الدعوة السلفية كوارث الأمة ونكباتها ووقوع بعض الوقائع المنحرفة والتصرفات الطائشة التي تتنزه الدعوة السلفية عن الاتصاف بها، ومعلوم أن كثرة أعداء هذه الدعوة وكثرة الافتراءات والدعاوى الباطلة في حقها تزيد أصحابها يقينا بأنهم على الحق، قال تعالى (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا)، فإذا كان أنبياء الله لم يسلموا من أذى أعداء الله تعالى فكيف بمن هو دونهم؟
لكن من هم أعداء الدعوة السلفية بالتحديد الذي يريدون القضاء عليها؟
٭ لقد تعدد أعداء هذه الدعوة المباركة الصافية النقية المستمدة في طريقتها ومنهجها بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فمن هؤلاء الأعداء بعض الحكام الظلمة من الذين يتلذذون بقمع شعوبهم وإذاقتهم سوء العذاب، فإذا ما قام مواطنوهم ليسألوا بعض حقهم اتهموا بأنهم «سلفيون» وكأنهم بهذا يشتمونهم، وما علموا أنهم يمدحونهم من حيث لا يشعرون، وهؤلاء الظلمة إذا ما أرادوا أن يجلبوا استعطاف العالم الغربي الكافر معهم خوفوهم من السلفية وفزعوهم منها، وهم بهذا يبتغون أن يعزوهم، قال تعالى (أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا).
وهل هناك أعداء آخرون أيضا؟
٭ نعم، فمن أعداء هذه الدعوة المباركة أصحاب البدع من المنحرفين، كالصوفية والباطنية والقبورية، ولأنهم يعلمون تمام العلم أن الدعوة السلفية المباركة هي أشد أعدائهم كونها دعوة العلم التي تكشف باطلهم وتوضح انحرافهم، ولهذا يشغبون عليها، ومازالت كلمة محمد باقر الحكيم حينما تسلط حزبه المنحرف «حزب الدعوة» على الأوضاع في العراق، فكانت كلمته التي ألقاها في مجمع من بني طائفته أنه قال «الآن وبعد سقوط الطاغية صدام حسين سنمد أيدينا لكل الطوائف إلا السلفية الوهابية» ولأنه يعلم علم اليقين أنه لن يقف في طريق نشر باطلهم وانحرافاتهم إلا أصحاب الدعوة السلفية.
ومثله القبوريون، اليوم فهذه مصر لما سقط النظام السابق، شعر أصحاب الطرق الصوفية المنحرفة بخطر الدعوة السلفية لما رأوا هذا الامتداد الكبير، والانتشار الواسع في جميع مدن مصر وقراها، وبدأت ظاهرة النقاب في كل مكان والمحاضرات يحضرها الآلاف، فأخذوا يشنون على أصحاب هذه الدعوة بأنهم أعداء القبور، وأعداء الأولياء، وأنهم لا يعظمون الأموات، وغاية ما فعل أصحاب الدعوة السلفية في مصر، أنهم حذروا من شأن التعلق بالأضرحة والقبور ودعاء أصحابها من دون الله، وبينوا للناس أن هذا هو جنس فعل المشركين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، مع الاختلاف في الصورة والتشابه في الحكم، ففي عهد النبي عبدوا صنما وهؤلاء يعبدون قبرا، والمشركون الأوائل دعوا اللات والعزى ومناة، واليوم القبوريون يدعون أبوالعباس والبدوي وسكينة.
وماذا عمن يقوم بالتفجير وقتل المدنيين ويتسمون بعد ذلك بالسلفية؟
٭ هؤلاء هم من أشد أعداء الدعوة السلفية المباركة ممن ينتسب إليها زورا وبهتانا من أصحاب المنهج التكفيري من خوارج العصر، الذين يستبيحون دماء المعصومين من المسلمين والمعاهدين كما فعل في غزة قبل أيام من الغدر بأحد الصحافيين الغربيين الذين جاءوا ينقلون ما يصنعه اليهود بالمسلمين، وسمي هؤلاء أنفسهم بأسماء ينتسبون فيها إلى السلفية زورا وبهتانا، كما سمعنا عنهم بالسلفية المسلحة في الجزائر، والسلفية الجهادية في فلسطين والسلفية القتالية في المغرب، ومن خلال النظر في المسميات نجد هؤلاء أخرجوا الدعوة السلفية من كونها دعوة رحمة وشفقة وحلم ولين إلى دعوة تتعطش للدماء، وتقوم دعوة هؤلاء على الغلو في الدين والطعن في العلماء، والجهل بأحكام الله عزوجل، وعدم مراعاة سنن الله الكونية في خلقه وملكه من خلال استعجال النتائج، وهذا الفكر من أخطر الأفكار لأنه ينسب نفسه لتلك الدعوة المباركة النقية التي تقوم على تعظيم دماء الناس وخطورة التعدي عليها.
وما موقف علماء السلفية من أمثال هؤلاء؟
٭ اليوم عندما ينظر المرء في فتاوى علماء السلفيين من المعاصرين سواء من مات منهم أو من كان حيا يجد أنهم من أبعد الناس عن مثل هذه التصرفات، فحذروا منها أيما تحذير، وشنعوا على أصحابها، وبينوا خطورة منهجهم، ولو لم يكن من خبث أفعال هؤلاء وتصرفاتهم إلا تنفير الناس عن دعوة الحق لكفى هؤلاء المتهورين ذما ومنقصة.
نريد أن نعرف حقيقة اسم «السلفية» حتى نتمكن من الحكم على صدق من يدعيها؟
٭ سؤال جيد يقتضي التنبيه والبيان حتى لا تتهم الدعوة بما ليس فيها، فالسلفية أصلها من السلف وهم المتقدمون، ونسب السلف أنفسهم إلى من تقدم من أهل هذا الدين، وعلى رأس هؤلاء النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون، فهم أصحاب القرون المفضلة، قال ابن عمر «من كان مستنا فليستنّ بمن قد مات، أولئك أصحاب محمد خير هذه الأمة، أبرها قلوبا، وأعمقها علما، وأقلها تكلفا، فقد كانوا على الهدى المستقيم»، وبالرغم من ذلك فقد ارتبط اسم الدعوة السلفية مع التفجيرات والاعتداءات وقتل الأبرياء، وكان سبب هذا أن كثيرا من الناس لم يعرف حقيقة هذه الدعوة السلفية المباركة وكنهها وطريقتها ومنهجها.
وما رأيكم فيمن يزعم أن عمر الدعوة السلفية 200 سنة فقط؟
٭ غير صحيح، فالدعوة السلفية ليست وليدة اليوم ولا العصر الحديث، وإنما تعود جذورها إلى عصر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فالخير كل الخير في اتباع منهجهم، فكل خير في اتباع من سلف، وكل شر في ابتداع من خلف، والسلفية الأولى هي الإسلام الصافي الخالص من شوائب الشرك وكدر البدع.
لماذا يميز السلفية أنفسهم بهذه التسمية؟
٭ لم يكن أهل السنة والجماعة يحتاجون إلى هذه التسمية يوم أن كان الإسلام واحدا متفقا صافيا فلما ظهرت فرقة الخوارج والقدرية والباطنية احتاجوا إلى أن يميزوا أنفسهم ليحيا من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة.
ما علاقة السلفية بالحركات السياسية؟
٭ السلفية ليست حركة سياسية ولا جماعة حزبية منغلقة على نفسها، وليست لها طقوس في حق المنتسبين إليها، وليست هي مقصورة على الصحابة والتابعين، بل كل من اقتدى بالصحابة كان سلفيا ولو جاء في القرون المتأخرة قال تعالى في مقام المدح والتفضيل: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم }.
بماذا تتميز هذه الدعوة؟
٭ تميزت الدعوة السلفية المباركة بالثبات على مدى العصور والدهور فعقيدة الإمام أحمد هي عقيدة عمر رضي الله عنه وعقيدة من جاء بعده كابن تيمية وابن القيم هي عقيدة علماء أهل السنة المعاصرين، ولو سألت أحدا ممن ينتسب إلى هذه الدعوة في الهند شرقا أو في المغرب غربا فستجد جوابهم هو ذات جواب أهل السنة في الحجاز ومصر رغم أن بعضهم لم يلق بعضا ولم يدرك بعضا
نجد أن هناك جمعيات ومبرات وتجمعات تحمل اسم السلفية فهل هذا أمر محمود؟
٭ هذه التسميات قد يكون غرض أصحابها التعريف وإن كان الأولى أن يجتنب هؤلاء مثل هذه التسميات سيما أصحاب العمل السياسي، فربما نفّروا الناس من هذه الدعوة بسبب سوء بعض المواقف كما سمعنا ورأينا خاصة في العمل السياسي الذي لا يكاد يسلم من أخطاء ومخالفات، نسأل الله تعالى أن يجعلنا متمسكين بالسنة حتى نلقاه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أخيرا، نود من فضيلتكم أن تذكر أهم ملامح الدعوة السلفية الحقيقية؟
٭ تقوم هذه الدعوة المباركة على عدة خصائص من أظهرها، مصدر التلقي: فهم يتلقون اعتقاداتهم من الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة لأنه بغير هذا لا يمكن أن ينضبط مصدر التلقي، ورجوعهم للكتاب والسنة الصحيحة الثابتة أخذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي» رواه أحمد، وتحذير الناس من كل ما يشوه جمال الإسلام من التعلق بالوثنية بصورها الحديثة كوثنية الأضرحة والقبور.
وتحذيرهم من البدع سواء بدع الاعتقاد أو بدع العبادة منهجهم في هذا قوله صلى الله عليه وسلم «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» متفق عليه، وتحذيرهم من الأحاديث الموضوعة المكذوبة التي دست على النبي صلى الله عليه وسلم فلا يوجد أحد أشد عناية بالحديث منهم، كل ذلك حماية لمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» متفق عليه، ودعوة الناس إلى الرجوع إلى الدين بترك المنكرات من المعاصي فتقوم دعوتهم على تزكية النفوس وتطهيرها من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصح للأمة.
وتميزت الدعوة السلفية بالوسطية أخذا من قوله تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا)، فهم وسط بين فرق الضلال في جميع مسائل العقيدة في الإيمان وفي باب النبوات والصحابة والقدر وباب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والأسماء والصفات وغيرها، وأخيرا عنايتها بالعلم الشرعي لأنهم يعلمون أنه لا سبيل لعصمة الناس من الفتن إلا بالرجوع للعلم وتوقير العلماء ومعرفة ما لهم من منزلة ومكانة عند الله تعالى.