- بدأت هواية الرسم هندي في مدرسة الصديق والفنان أيوب حسين اختاني لمساعدته في عمل ديكور مسرحها
- أول مدرسة التحقت بها كانت «النجاح» عام 1950 وخلفها مقبرة تحولت فيما بعد إلى ملعب لكرة القدم
- الإبداع في الفن أن تأتي بأعمال لم يسبقك إليها أحد وكثير من الرسامين والنحاتين لا ينطبق عليهم ذلك
- بعد عودتي من بعثة القاهرة حصلت على الثانوية العامة وسافرت إلى أميركا لدراسة الفنون
- اسم عائلتنا يعود إلى مهنة جدي فكان يستخدم جريد النخيل في صناعة الأقفاص وأسرة الطفال في بيت مستأجر من عائلة الحقان
- بدايتي مع الفن التشكيلي كانت مطلع الخمسينيات بعد نزول أمطار غزيرة وتكون خباري من الماء في الفرجان
- عندما لاحظت جدتي اهتمامي بالطين واستخدامه في اللعب أعطتني زبيل لجمعه وصنعت تنوراً أحرقت فيه تماثيلي
- جدتي أصلها من البصرة وكانت تستخدم سعف النخيل في صناعة الزبلان والحصير والمهفات
- ذهبت إلى القاهرة في بعثة دراسية لدراسة النحت في كلية الفنون الجميلة
- الوالد حاول إثنائي عن صناعة التماثيل من خلال موقف مع الفنانة عودة المهنا لكني أرى أنه فن راق
- حصلت على بكالوريوس الفنون الجميلة من سان فرانسيسكو
- تركت الدراسة وعملت في «الداخلية» براتب 45 ديناراً وهناك تعرفت على الفنان سامي محمد
- وجدت نفسي في المرسم الحر وأول من التقيته هناك كان الفنان خليفة القطان
- حصلت على التفرغ من «الداخلية» ورفضت الترقية للعمل في المرسم الحر وكنت أقضي فيه من الصباح حتى المساء
- خليفة القطان ترأس «الفنون التشكيلية» دورتين وعندما طلبنا منه الاستمرار قال «نترك المكان للشباب»
أجرى الحوار: منصور الهاجري كاتب وباحث في التراث والتاريخ ومقدم برامج في الإذاعة والتلفزيون
فنان من طراز فريد شاهد على زمن جميل، تراكمت لديه الخبرات والمعارف وشق طريقه في الفن التشكيلي بدءا من الكويت ومرورا بمصر ووصولا إلى اميركا. إنه الفنان خزعل القفاص.
يحكي لنا من خلال هذا اللقاء عن مشواره وذكرياته وما مر به من مواقف بدءا من نشأته في المطبة ومشواره في التعليم وكيف كانت المرحلة الأولى منه صعبة ظروفها بسبب التنقل المستمر للأسرة. يكلمنا عن بداية اهتمامه بتشكيل الطين وكيف تأثر بجدته وكيف صقل موهبته عبر الدراسة والاحتكاك بالفنانين المبدعين.
بعد مشوار قصير في التعليم تحول إلى العمل في قسم التحقيقات بالداخلية براتب بسيط 45 دينارا.
يتحدث عن سفره في بعثة إلى القاهرة لدراسة الفنون ونشاطه في المرسم الحر، وكذلك حصوله على الثانوية العامة بعد عودته من مصر ثم سفره لدراسة الفنون الجميلة في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة، يتطرق إلى أحوال الفن التشكيلي في الكويت وجمعية الفنون التشكيلية الكويتية ونشاطاتها.
كل هذا وغيره من الموضوعات يلقي عليه الضوء ضيفنا الفنان خزعل القفاص في السطور التالية:
يبدأ الفنان التشكيلي خزعل عوض القفاص حديثه عن ذكرياته من الماضي بالحديث عن مولده وبداياته، حيث يقول: ولدت في الشرق بمنطقة المطبة، وقد بدأ حب مهنة الفن لدي منذ الصغر ولهذا السبب وقد كتبت عن ذلك قصة وذلك بمساعدة جدتي وبداية الخمسينيات وفي إحدى السنوات نزلت أمطار غزيرة على دولة الكويت، وكنت صغير السن وقد تكونت خبازي من الماء في الفرجان، وكنت مع الأولاد أنزل في الماء، كانت البيوت مبنية من الطين وأثناء نزول الأمطار يتساقط الطين من الجدران وينجرف مع السيل إلى مكان تجمع الأمطار.
عندما كنت أنزل للماء يلصق بقدمي طين، المنازل من الجدران فكنت آخذه إلى البيت ألعب به وأعمل منه ألعابا، جدتي لاحظت ذلك وسألتني عن مصدر الطين، أعطتني زبيل صغير وقالت: إملأ هذا الزبيل بالطين، فذهبت الى المكان وجمعت كمية ورجعت للبيت واعطيت الطين لجدتي، وأحضرت «خيشة» ووضعت عليها الطين، وطلبت مني أن أذهب مرة ثانية لجمع الطين، مرتين ثلاث.. مرات وكذلك أوصت إخواني وأعطت كل واحد ماعونا واحضروا الطين، جدتي غطت كمية الطين بالخيشة وكل يوم ترش الماء على الطين ولمدة أسبوعين وفي تلك الفترة كنت آخذ الطين وأصنع منه ألعابا على شكل أطفال وأجمعها وتركتها «تماثيل وطيور».
في يوم من الأيام شاهدت جدتي تخلط الطين بيديها ورجليها في تلك الأثناء دخلت إحدى الجارات وسألت جدتي ماذا تعملين فقالت أريد أن أصنع تنورا من هذا الطين، الجارة قالت لجدتي: اصنعي لي تنورا.
فقالت جدتي للجارة احضري شعر اغنام وبعد يومين الجارة حضرت معها شعر الغنم وأخذته جدتي وخلطته مع الطين على أساس تماسك الطين، جدتي باشرت العمل والبداية أخذت كمية من الطين وعملت على شكل حبال طويلة ولفت كل جزء وعملت دائرتين منفصلتين على أساس القاعدة للتنور وكل يوم تزيد متى انتهى العمل من التنورين.
كنت أشاهد جدتي كيف تصنع التنور، وساعدتها بحفر حفرة ونزلنا التنور في الأرض وأعطت جارتها التنور الثاني.
في اليوم التالي جدتي بدأت بإشعال النار داخل التنور وأحضرت العجين بالمعجانة والنار تشعل سخن التنور وبدأت الجدة بالخبز وأول خبزة أكلناها نحن الأطفال، وانتهى الخبز وجدتي غطت التنور بالغطاء، لكن نادتني وقالت «يا خزعل احضر لي التماثيل التي صنعتها» واخذتها ووضعتها داخل التنور وثاني يوم صباحا أخرجتهم وأعطتني إياها التماثيل صارت فخارا، ومن هذا انتبهت لعمل الفخار والحرارة داخل التنور.
وكانت البداية بالنسبة لعمل الفخار، فعندما ذهبت إلى المدرسة تذكرت ماذا فعلت جدتي بالتماثيل الصغيرة وشاهدت الأفران أيضا جدتي كانت تسف ورق النخيل وتصنع منه الزبلان والحصير والمهفة والبيت فيه كمية من سعف النخيل، جدتي أصلها من سكان البصرة.
منطقة المطبة
بعد ذلك يتحدث القفاص عن اسم العائلة وأيام المطبة حيث يقول: بعد هذه القصة التي كانت بدايتي في النحت وصنع التماثيل من جدتي - رحمها الله.
كنا يومئذ نسكن في المطبة قرب المسجد واذكر شاوي الغنم أبورجا في المطبة، ويوجد دكاكين في البراحة ومدرسة النجاح وكان بيت العائلة الحقان.
جدي استأجر ذلك البيت ومعه أولاده وكانوا يستخدمون جريد النخل لصناعة الأقفاص وأسرة الأطفال واسم العائلة جاء من عمل جدي فصار اسم العائلة القفاص من المهنة التي زاولها جدي ووالدي وأعمامي.
الدراسة والتعليم
وعن مشواره الدراسي ومساره في ميدان التعليم يقول القفاص: أول مدرسة كانت النجاح وخلفها يوجد المقبرة التي تحولت فيما بعد لملعب كرة قدم، والمدرسة الجديدة التحقت بها عام 1950م.
كان خليفة القطان وأيوب حسين مدرسين للتربية الفنية، أولى ابتدائي بداية دراستي في النجاح لم تكن أموري سهلة في الدراسة وبعد وفاة جدتي ، الوالد بدأ ينتقل من بيت لآخر وهذا له أثر كبير وعدم استقرار في تعليمي.
المدارس التي تعلمت فيها أولا النجاح والصباح وخالد بن الوليد والصديق والمرقاب والروضة وصلاح الدين وفلسطين، والسبب ان الوالد ينتقل من بيت لآخر وفي منتصف العام الدراسي وهذا له تأثير في الدراسة وعدم الاستقرار سنتين في النجاح وكنت صغير العمر، ومن بعد ذلك مدرسة الصباح سنة ثالثة ورابعة أكملت الابتدائي وانتقلت الى الصديق المتوسطة، وشاركت في الفريق الخاص في الصباح.
بداية هواية الرسم
بدأت هواية الرسم عندي في مدرسة الصديق وكان الأستاذ أيوب حسين يدرسنا الرسم، وكان في الصديق تقام مسرحيات وأيوب حسين كان يقوم بعمل الديكور، واختارني لمساعدته في مناولة الأدوات والأخشاب وذلك بعد الدوام المدرسي وامضي معه وقت العمل، وعندما ارجع الى البيت أكون خائف، فمن مدرسة الصديق الى المطبة المسافة بعيدة ولكن أكملت معه عمل الديكور، وكان عملي اصبغ اللوحات والأقمشة بالألوان ، من هنا بدأت ارسم على الأوراق وفي يوم من الأيام ذهبت مع الوالد الى سوق المقاصيص والوالد اشترى لي أوراقا ومكتبا.
وباشرت الرسم في البيت على الأوراق التي اشتراها الوالد وكنت ارسم فواكه وطيور وسفن من البيئة، واستمريت بالرسم حتى صار لي بصمة في الرسم وكنت في الصف الثالث المتوسط ومن المدرسين في «الصديق» الأستاذ عبدالغني أبوكاتو وقد اهتم بعملي وهو إنسان فنان حرفي كبير.
وفي عام 1958 كان أول معرض للفن التشكيلي وذلك أثناء انعقاد مؤتمر الأدباء في ذلك العام ولكن لم أشارك ولكن شاركت في معرض الربيع الثالث في المباركية بتماثيل خزف لأني تركت الرسم لفترة واتجهت للخزف والمشاركة 4 تماثيل وكنت يومئذ طالبا في مدرسة فلسطين وبتوجيه من مدرس التربية الفنية الأستاذ أحمد دوّامة وهو الذي شجعني وهو فنان رسام وخزاف وأعطاني مفتاح المرسم في أي وقت اذهب الى المرسم واشتغل وكل الأدوات والخامات موجودة.
بدأ إنتاجي يبرز وأنا في مدرسة فلسطين وشاركت في معرض الربيع الثالث وكان يشجعني ويقول انت عندك موهبة ورغبة في الفن.
الرسم فيه ميزة انك تندمج فيه وإبداع لعمل لم يسبقك أحد عليه.
الفنان يعمل شيء لم يسبقه عليه أحد هذا نسميه الإبداع عندنا مجموعة من الفنانين والفنانات، أو هم يسمون أنفسهم بهذا الاسم ولكن هم رسامون أو نحاتون، الميزة ان تكون فنان رسام، ونحات تأتي بأعمال لم يسبقك إليها أحد. بالنسبة لي عملت الكثير وأبدعت بالعمل في أعمال جديدة.
كنت بالصف الثالث متوسط في «فلسطين» وتركت الدراسة طبعا هذا بعد مشاركتي بالمعارض حصلت على الشهادة المتوسطة وتركت الدراسة، واحمد دوامة هو الذي وضعني على طريق الفن الصحيح بعدما اكتشف قدراتي وهواياتي ورغبتي فأدخلني المعرض بأعمال خزفية عملتها في المدرسة وقال لي الأستاذ أحمد دوامة «لماذا لا تكمل دراسة الفن» فقلت له «أولا أكمل دراستي ولعدم استقرار السكن له أثر في اكمال تعليمي» أخيرا تركت الدراسة ولم أرغب بالتعليم ، الوالد وجه لي النصيحة لإكمال تعليمي ولكني مع ذلك تركت الدراسة.
العمل في «الداخلية»
بعد أن ترك الدراسة توجه القفاص للعمل وكان ذلك بوزارة الداخلية، وعن ذلك يقول: التحقت بوزارة الداخلية موظفا بسيطا براتب شهري 45 دينارا بتحقيقات الشخصية كان يعمل معي الفنان سامي محمد والموظفون هم: الذين عرفوني عليه قالوا «انت ترسم ومعنا واحد أيضا يرسم» فتعرفت عليه وهو الذي أوصلني للمرسم الحر، في يوم من الأيام قال لي سامي محمد «اليوم نذهب إلى المرسم الحر» وبالفعل الساعة الخامسة يفتح دخلنا المرسم وأول من التقيت به هو الفنان خليفة القطان أول مسؤول للمرسم الحر، وبنفس الوقت كان عيسى صقر مسافرا إلى القاهرة في بعثة دراسية، واستمررت في العمل في التحقيقات مع سامي محمد ومعه في المرسم الحر يوميا نذهب إلى هناك، شفت نفسي في المكان الذي أتمنى أن أكون فيه لأن البيت ما عندي مكان مخصص للرسم والعمل، ارتحت للمكان، الحقيقة ان خليفة القطان رحب فينا نحن الاثنين واندمجت مع العمل في المرسم الحر وسامي محمد يوميا معي بالعمل.
التقيت مع فنانين وتعرفت عليهم فنانون وفنانات وكان المرسم الحر مقره مدرسة فنية سابقا المتحف العلمي حاليا.
كان الأخ سامي محمد بداية التحاقه بالمرسم الحر، فاشتغلنا مع بعضنا البعض وكانت البداية حلوة وموفقة مع استمراري في العمل بالداخلية قسم التحقيقات الشخصية سامي محمد يحب الرسم والفخار والترجيح والنحت خليفة القطان ما قصر معنا باشرنا وأعطانا فرصة لمشاهدة المرسم وداخله غرفتان للخزف في كل غرفة أفران للخزف وكانت كبيرة ويوجد مدرس مصري اسمه حسن وفي اليوم الثاني باشرنا العمل في المرسم الحر وكان سامي يسكن في كيفان وكنت أسكن في الدعية والرسم في البيت والخزف في المرسم الحر، ولمدة سنتين وبدأت أشارك في المعارض، وأول عمل هو صناعة أشكال لأشخاص نفرغ التمثال وندخله الفرن، وقلنا لخليفة القطان ساعات العمل من الخامسة إلى التاسعة غير كافية ونريد زيادة الوقت حتى الثانية عشرة واحيانا اذهب الى البيت مشيا.
المسؤولون قدروا عملنا واخلاصنا وقال احدهم بعد سنتين لماذا لا تطلبون تفرغا، سبقنا خليفة القطان وعيسى صقر وحصلوا على التفرغ فتقدمت مع سامي محمد واعمل بالداخلية فقدمنا طلبا إلى وزارة التربية وتمت المراسلة مع وزارة الداخلية.
بعد فترة استدعاني منصور الإبراهيم مدير الإدارة ومعي سامي محمد وقال وكيل وزارة الداخلية عبداللطيف الثويني طلبكم للمقابلة فتوجهنا إلى وزارة الداخلية وقابلنا وكيل الوزارة، قال: «وصلنا طلب من وزارة التربية بأنكم طالبين التفرغ، لكن أقترح عليكم أن أمنحكم ترقية وتصيرون ضباطا» فقلت له «نحن اصحاب هواية وعملنا بالفن» فقال: «علي كيفكم كما ترون» وحصلنا على التفرغ.
التفرغ للفن
بعد ذلك تفرغ القفاص للفن وترك عمله بالداخلية، وعن ذلك يقول: حصلت على التفرغ للعمل في المرسم الحر وكنت مع سامي محمد الدفعة الثانية للتفرغ للفن في المرسم الحر، واشتريت سيارة، وصباح كل يوم أدخل المرسم وأبقى في العمل حتى المساء الغداء والعشاء في داخل المرسم الحر، ويحضر بعض الفنانين والعمل تغير وتم توفير جميع الخامات التي كنا نحتاج لها.
للرسم والنحت وأنتجت عملا وعندنا مكتب بدأت أقرأ في كتب الفن العالمي وأشاهد صورا قديمة في الكتب فكسبت أعمالا أخرى أقول لكل فن عصره، وفننا يختلف عن الفنانين العالميين الذين سبقونا بسنوات عدة، مفهوم التماثيل عند الكويتيين بذلك الوقت كان مكروها ما يحبذونه وبعض الجماعة كانوا يقولون هذا الذي يصنع الأصنام، الوالدة رحمها الله كانت تقول: يا ولدي هذا اللي تصنعه الله راح يطلب منك تحط له روح، الوالد نصحني، لكن عن طريق غير مباشر، كان يعمل في جاخور في براحة بن بحر جدي يعمل بالداخل والوالد عند المدخل يقول: كنت أشتغل وإذا بالفنانة عودة المهنا وعواد سالم يقفون ويسلمون علي.
وقالت عودة «يا حجي نريد منك شغلة تسويها لنا» فقال الوالد: آمروا، فقالنا: «نريد أن تصنع لنا الفريسة» وهي عبارة عن فرس من الجريد وعليه قطع من القماش، فقال الوالد لها «استأذن من والدي» ولما بلغ والده رفض بشدة أن يصنع فرسا من جريد النخل، ورجع الوالد للفنانة عودة المهنا وقال لها «الوالد غير موافق وهذا الوالد يعتبره صنما» بهذا الكلام وجهه لي الوالد عسى أن امتنع عن صناعة التماثيل، صحيح واجهت أشياء كثيرة لكن بمفهومي أن هذا فن راق.
الذي أعمله أشياء فنية وراض عنها ومقبولة من الكثير من الناس، وليس فيها شيء في الدين أو خطأ على الغير، لكنني أعمل في الفن وأواصل حتى الموت لأنه عمل فني.
المهم أن الجماعة شافوا عملنا وان انتاجنا كثير وعرض عليَّ أحد المسؤولين في التربية أن أرسل في بعثة دراسية.
اقتنعت بالبعثة الدراسية وباشرت اتصالاتي وعملي مع المسؤولين.
عن ذهابه الى بعثة دراسية لدراسة الفن، يقول ضيفنا:
البعثة الدراسية
حصلت على بعثة دراسية مع الأخ سامي محمد، وقد سبقنا الفنان عيسى صفر الى القاهرة للدراسة وكان وزير التربية المرحوم خالد المسعود الفهيد، وذلك عام 1964، المهم سافرت الى القاهرة.
والتحقت بكلية الفنون الجميلة وموقعها بالزمالك بالنسبة لي خطوة كبيرة والتحقت بقسم النحت.
قبل ان نسافر الى القاهرة حضر عندنا مدرس اسمه السروجي للمرسم الحر وهو نحات وهو الذي غير اتجاهنا من خزافين الى نحاتين.
الخزف فيه الاعمال تحرق داخل الفرن اما النحت فصب قوالب، وهو الذي شجعنا على العمل.
الخزف بسرعة ينكسر وعملنا مجموعة.
وصلت الى القاهرة وبدأت الدراسة عند أستاذ السروجي واسمه «جمال السجيني» واستفدت كثيرا منه لمدة أربع سنوات مع سامي وعبدالعزيز الحشاش.
حضرت معرض المدرس الذي يدرسنا، انتهت الأربع سنوات واشتغلت في الحجر والخشب.
عندما كنت في القاهرة التحقت بالثانوية وحصلت على شهادة ثانية ثانوي ورجعت الى الكويت وأكملت دراسة الثانوية وحصلت على شهادة رابعة ثانوية (الثانوية العامة) وبعد حصولي على الشهادة قابلت الاستاذ سعدون الجاسم وكيل وزارة الإعلام.
وقال اي كلية تريد سنرسلك اليها فقلت أرغب بدراسة الفنون في أميركا، وسافرت الى سان فرانسيسكو في أحسن الكليات للفنون.
وفي تلك المدينة توجد ست كليات للفنون ونحن في الكويت لا توجد عندنا كلية واحدة هناك التحقت بثلاث كليات من الست، الأولى «أكاديمي ووف آرت» ولمدة سنة، وغيرت لاني زرت أول كلية فنون في سان فرانسيسكو فأعجبت بها وانتقلت وصرت عند مدرس ممتاز جدا وكانت نقلة كبيرة وحدث تحول كبير في دراستي والمدرس جيد جدا وعلمني أسلوبا جديدا واشتغلت فيها وهي قطع من الخشب أعملها وركبتها على بعض فيخرج عندي شكل فاستهوتني العملية وكنت أحصل على درجات عالمية.
أنهيت الدراسة في ثلاث سنوات ونصف السنة وحصلت على بكالوريوس فنون جميلة، وكنت من الأوائل الذين يحصلون على البكالوريوس ورجعت الى المرسم الحر، وذلك بالسبعينيات.
بدأت الأعمال الجديدة والإبداع في العمل والمجلس الوطني موقعه جيد جدا، وكل شيء متوافر من خامات بجميع أشكالها.
سعدون الجاسم وكيل الإعلام وعبدالرحمن الحوطي كانا من المشجعين للعمل ويحضرا عندنا في المساء ويلبيان طلباتنا وجميع الخامات موجودة. هكذا سافرت في بعثتين للقاهرة وأميركا (سان فرانسيسكو).
المعارض
يحدثنا الفنان خزعل القفاص عن نتاج عمله ومعارضه فيقول:
عندما كنت أدرس في القاهرة شاركت في معارض بلوحات ونحت وخزف وكذلك شاركت في معارض في الهند وبنغلاديش وأماكن كثيرة بواسطة المجلس الوطني، وكذلك في معارض بإيطاليا.
العمل كله بالطين والجبس والرخام، لكن تريد العمل في البرونز والعمل صعب ووقت طويل، فقلت لازم أن أدرس هذه المادة وقابلت سعدون الجاسم وكيل الاعلام وشرحت له العمل بالبرونز وأهميته فقال «روحوا تعلموا» وكان معي عيسى صقر.
المهم أرسلنا الى أميركا في ولاية نيوجيرسي وسافرنا ولمدة سنتين في معهد جونسون وقد سبقنا سامي محمد الى المعهد لتعليم صب البرونز والربر والشمع، وتعلمته خطوة خطوة والمدرسون أميركان وأنتجت إنتاجا كبيرا وشاركت في معارض كانت تقام هناك، وأثناء العودة احضرت جميع أعمالي الى الكويت، كانت عملية صعبة ومتعبة.
اعتبر نفسي صاحب خبرة نادرة، أعرف كيف أعمل.
باشرت العمل بعد العودة بالبرونز والميزة فيه عن بقية المواد البرونز تستطيع ان تنتج منه عدة نسخ.
وفي فترة جمعنا تماثيل كثيرة لمجموعة من الفنانين وقابلت سعدون الجاسم لعمل مسبك سعدون الجاسم وكيل الإعلام قال سافر الى بغداد مع عيسى صقر، وهناك عندهم مسبك كبير حكومي، سافرنا الى هناك وشاهدنا المسبك وأخذنا معنا التماثيل في صناديق وهناك قال المسؤول: «ما عندنا وقت للعمل» ـ تعرفت على رجل عراقي اسمه طارق وحضر عندنا في الفندق، وقال: «كم عدد التماثيل التي عندكم؟»، فقلت: «تقريبا 20 قطعة»، فقال أنا أصبهم لكم، واتفقت معه على 12 ألف دينار عراقي، وأذكر بذلك الوقت سفير الكويت في بغداد المرحوم عبدالعزيز الصرعاوي، وتحدثت مع وكيل الإعلام وأبلغته عن السعر فتمت الموافقة ورجعنا الى الكويت بعد إتمام العمل، قلت للوكيل نريد مسبكا وأحضروا لنا العدة.
وعملنا مسبكا فيه فرنان.
جمعية الفنون التشكيلية
يتحدث القفاص عن جمعية الفنون التشكيلية ودوره فيها قائلا: بالنسبة للجمعية الكويتية للفنون التشكيلية كنت احد المؤسسين مع خليفة القطان وأيوب حسين وسامي محمد وعيسى صقر وحمدان حسين وعبدالحميد اسماعيل واحمد الصايغ وعبدالعزيز الحشاش وعبدالله سالم وآخرين.
وكنت أول أمين سر وعضو مجلس إدارة.
الأولون راحوا والجمعية مرت بمراحل.
والعيب ان اي واحد يصير رئيسا ما يترك الجمعية ويتمسك بالكرسي.
لكن المرحوم خليفة القطان ظل دورتين انتخبناه وقلنا له الدورة الثالثة، فاعتذر وقال نترك المكان للشباب، خليفة القطان فنان توصل الى «السيركلزم» باجتهاده وعمله وله بصمة خاصة ومع ذلك فبعض لوحاته فقيرة في بعض الجوانب الفنية باللون والتكوين وعنده لوحات رائعة.
وذلك من المزاج والظروف التي يمر بها الفنان، لم نأخذ بفن خليفة القطان وهذا خاص به، وعنده ان الكون دائري.
الفن بحاجة لجرأة ومراعاة العصر الذي يعيش فيه الفنان، رسم التراث من واقع الحياة والرسم يتطور مثل احد الفنانين عمل آخر معرض وهو مثل اول معرض كان له.
هذا مثل الذي يخاف الخروج من الدائرة التي هو فيها، في كل مجال يوجد فريقان البعض يحضر اعمالا من الخارج ويقول انه رسمها.
يتحدث القفاص للإجابة عن سؤال فلسفي اختلف حوله الفنانون وهو: هل يجب ان يكون الفن للفن ام للحياة؟ حيث يقول: الفن تسجيل للحياة، مثلا حضارة مصر غير حضارة اليونان، كل بلد ومنشأ يختلف عن الثاني، زمننا زمن اللاخوف وزمن الجرأة.
يوجد فنان ويوجد رسام وهذا هو الفرق ولا يوجد اي واحد من عائلتي فنان ولا أمهم، المندفع غير الذي تقول له تعال.
الفن التشكيلي في الكويت
عن وضع الفن التشكيلي في الكويت يقول القفاص: الصور غير واضحة وبعضهم في خداع وزيف وبعضهم صادقون وبعض الأعمال عالمية، عندي أعمال عالمية.
مع ذلك لا بد ان يبدأ من هذه الأرض، هذا هو الذي يقول فنان كويتي عربي مسلم عالمي. البعض يوقع لوحته باللغة الأجنبية لكي يظهر نفسه انه عالمي.
المعاناة الحب والإخلاص يجب ان تكون موجودة بالعمل. يجب ان تستفيد من هذه الأرض، التراث مليان، مثل البحر لا ينتهي، العمل بالتراث بطريقة حديثة.
الفنان يختلف عن الرسام وعن النحات، والإبداع جرأة أن تصل وتعمل شيئا لم يسبقك إليه أحد.