-
أول مدرسة التحقت بها كانت لملا محمد وابنه وكنا نكتب على لوح وقلم من الحجر وبعد 6 أشهر هربت بسبب الضرب بالمسطرة على ظهر اليد
-
حملت السلاح مع رفاق الكشافة دفاعاً عن الكويت عند اندلاع أزمة عبدالكريم قاسم
-
التحقت بثانوية الشويخ القسم الداخلي وتخرجت عام 1966
-
اشتغلت سائق تاكسي لمدة سنة ونصف ثم التحقت بالجيش
-
استمررت في العمل العسكري مهندساً طياراً حتى التقاعد
-
ولدت في الحي القبلي سنة البطاقة في الحرب العالمية الثانية فكان يؤرخ للمواليد بالحوادث ولم تكن هناك شهادات ميلاد
-
انتقلت إلى مدرسة عمر بن الخطاب عام 1950 والطلبة الضعفاء كانوا في فصل الفحم ومن يقو مستواه ينتقل إلى «بستان البرتقال»
-
في المدرسة كنت أهوى الرسم والنحت وحاولت كتابة الشعر فلم أوفق
-
شاركت في النشاط الكشفي وكنت عريف طليعة وفي إحدى الرحلات الكشفية وصلنا إلى صفوان وتلحفنا خلال رحلة بـ «الزولية» من البرد الشديد
-
التحقت بسلاح الطيران عام 1970 وخلال فترة التدريب سقط شخصان بطائرتهما في البحر
-
تعلمت من بعثة أسكتلندا القيام بمعظم الأعمال اليدوية في البيت فلا أستعين بالعمال إلا للضرورة
الحياة العسكرية نموذج للنظام والالتزام والانضباط. ضيفنا هذا الأسبوع رجل عسكري شهد العديد من المواقف الصعبة والمهمة في تاريخ الكويت والعرب فهو شاهد عيان على لحظات عصيبة مثل أزمة عبدالكريم قاسم وأهم حلقات الصراع العربي ـ الإسرائيلي، وصولا إلى الاحتلال الصدامي الغاشم للكويت. العقيد طيار متقاعد سلطان عبدالرحمن الكندري يروي من خلال سطور هذا اللقاء ذكرياته عن أمور شخصية وعامة، لاسيما المواقف السابقة من وجهة نظر عسكرية بالطبع، وكيف لا وهو العسكري المحنك.
يتطرق إلى مشواره في التعليم وكيف كانت العملية التعليمية تسير والأنشطة التي مارسها. يتناول التحاقه بالجيش الكويتي ومن ثم سلاح الطيران. يذكر الحادثة المفجعة التي راح ضحيتها مجموعة من خيرة أبناء الكويت في انفجار طائرة كويتية فوق الأجواء الفرنسية، والتي نجا هو شخصيا منها بصدفة بحتة، حتى ان أهله تلقوا العزاء فيه ظنا منهم أنه لقي حتفه مع زملائه. كل هذه الأمور المشوقة وغيرها نتعرف عليها في السطور التالية:
أجرى الحوار: منصور الهاجري - كاتب وباحث في التراث والتاريخ ومقدم برامج في الإذاعة والتلفزيون
يبدأ ضيفنا العقيد طيار متقاعد سلطان عبدالرحمن الكندري، حديثه عن ذكرياته وعما مضى من مراحل حياته وما في الكويت الجميل بالكلام عن مولوده وطفولته قائلا: ولدت في الحي القبلي سنة البطاقة أثناء الحرب العالمية الثانية وكان يؤرخ للمواليد بالحوادث ولا يوجد بطاقة ميلاد.. الولادة في براحة بن بحز بالقرب من السوق والبيت بالايجار والوالد انتقل للمسكن في بيت آخر بالقرب من مقبرة سيد ياسين والطرق غير معبدة.. واذكر دكان محمود الخنجي وكان جزءا من البيت الذي نسكن فيه وكان يبيع الكلف وقطعا من الاقمشة وكان يقابله مجموعة من الدكاكين بشمال الداخل إلى الدهله وفيها دكاكين ويباع فيها الفحم وبعض التناكة الذي يصنعون البمب لسحب الغاز والكيروسين من القوطي، وكنت أجلس عندهم وأشاهد كيف يصنعون تلك الأدوات وتعلمت منهم الشيء البسيط ويعملون بعض التنانيك والحديد يلحم بالرصاص بواسطة مطرقة صغيرة أو يثنى الحديد ويتداخل.
ومن الدكاكين عبدالله بوعركي ودكان بقال ونجار ونداف الذي يصنع المخدات والفراش ودكان يوسف الغنيم الى مدخل سوق واجف ومنطقة الدهلة على اليمين بعد المقبرة يفصلها شارع طويل ممتد طوال سور المقبرة إلى شارع فهد السالم حاليا.
ومحل البيع الباجلة الجاهزة وكنت اشتري منهم في صحن، وبعد ذلك الوالد انتقل الى القبلة قرب المستشفى الاميركاني مقابل بيت الخالد وبيت الفارس والمراغي وغيرهم من بيوت العائلات الكريمة واذكر بيت يعقوب الياسين وبيوت العثمان.
بداية التعليم
أول مدرسة أهلية التحقت بها مدرسة ملا محمد وابنه ملا محمود وتعلمت قراءة القرآن الكريم، وبعد ذلك انتقلت إلى مدرسة قرب ساحة الصفاة، وكنا نكتب على لوح الحجر والقلم من الحجر وبعد ذلك استخدمنا الطباشير المصنوع من الجبس الأبيض.
وأيام الدراسة في المدارس انتقلت الى مدرسة المثنى في شارع فهد السالم، وبعد ستة شهور هربت من المدرسة بسبب الضرب بالمسطرة على خلف اليد، واذكر من المدرسين عقاب الخطيب الذي كان ناظر المدرسة، وبعد ذلك انتقلت الى مدرسة عمر بن الخطاب على ساحل البحر عام 50 - 1951 وهناك ارتحت في تلك المدرسة واستمررت فيها، وأذكر أن الطلبة فيها كبار وصغار ومتوسطو الأعمار وأن في تلك السنة كان معنا محمود الشطي وهو كفيف البصر وأكمل تعليمه أذكر أن يتم فصل الضعاف من الطلبة.
وعندما يقوى في دراسته ينتقل الى أولى بستان البرتقال، وهكذا امضيت تعليمي في مدرسة عمر بن الخطاب في الحي القبلي وبعد مرحلة البستان التحقت بالابتدائي بالعمرية ومن بعدها الى المرحلة المتوسطة والاختبار جماعي ونجحت الى الثانوية.
الأنشطة
من هواياته يقول ضيفنا: كنت رساما فهوايتي الرسم وكان معي إبراهيم إسماعيل وبدر القطامي ـ وكنت أمارس الرياضة الميدانية وشاركت بالكشافة في مدرسة عمر بن الخطاب وفي الكشافة كانت هناك منافسة مع سامي الفضل وبعد ذلك الكشافة البحرية وكنت انحت في الجص وعندي نموذج حصان في المتحف الوطني، والبداية مع الاشبال وحاولت كتابة الشعر ولكن لم أوفق ولم استطع واستمر وكان معي عاشور الكندري.
كنت نشيطا ومارست كتابة المقالات في مجلة المدرسة الداخلية ويشاركني د.رشيد الحمد الوزير والسفير السابق وكانت المقالات مجتمعية طلابية.
أذكر الوكيل محمد غيث المطوع والناظر سعدي بدران والاستاذ هشام بدران مشرف الكشافة وعلي جاسم مشرف فرقة الكشافة وعبدالجبار الرندي وكنت عريف طليعة وعيسى المراغي ويوسف الأنبعي وعبدالوهاب العبيد والمرحوم عثمان الخالد اليحيى
وكنا نقوم كل أسبوع برحلة والوزارة توفر لنا باصا اصفر ولوري، وفي احدى الرحلات وصلنا الى صفوان، واذكر ايضا في احدى الرحلات الكشفية وصلت الى انبوب حرق الغاز واشتعلت الشعلة وكنا مجموعة من الطلبة، الكشافة تعلم الطالب الاعتماد على النفس وتعلم الطالب الاعمال الخفيفة التي يمارسها مثل الطبخ مع الزملاء ونقل الماء وتجهيز الأدوات، الكشافة حركة تربوية ممتازة جدا جدا اسسها بادن باول الانجليزي ثم انتشرت الحركة.
واذكر في احدى الرحلات وصلنا الى منطقة صفوان، بر فسيح، سيارة لوري ونساف، نصبنا الخيام ونمنا والجو بارد جدا، وعند الصباح شاهدت الثلج على الصناديق، وفي رحلة اخرى ذهبنا الى جزيرة فيلكا ولم يكن معنا بطانيات وتلحفنا بالزولية (السجادة)، وفي احدى الرحلات أمسكنا واحد حرامي وربطناه بالجندل وفي الصباح لم نجده وقد هرب بالجندل.
اقول ان معظم القياديين كانوا كشافة.
وايام ازمة عبدالكريم قاسم، نحن الكشافة حملنا السلاح حماية للكويت بالليل وكان ايام الصيف، ومن الكشافة تعلمنا كل شيء.
اربع سنوات قضيتها في مدرسة عمر بن الخطاب حتى النجاح، تعلمت من الكشافة حفظ الاوراق التي عندي.
ثانوية الشويخ
مرحلة الثانوية من اجمل مراحل العمر، ويستذكر ضيفنا هذه الايام الجميلة قائلا: بعد النجاح التحقت بثانوية الشويخ، واذكر الناظر كان مصريا ومن بعده المرحوم سليمان المطوع، ناظر ثانوية الشويخ وكانت كبيرة وفيها اعداد كبيرة من الطلبة وفيها بيوت للقسم الداخلي، كنت افكر ان التحق بالصناعية، ولكن غيرت تفكيري والتحقت بثانوية الشويخ، عندما كنت طالبا كنت اعمل دراجات من الاطواق، وبعد عودتي من القسم الداخلي اشتغل، ولا اضيع وقتي، كان زمن حلو والناس والطلبة متماسكون، كنا في الثانوية بالقسم الداخلي نعرف بعضنا البعض، وكنا متعاونين مع بعضنا البعض، كانت الحياة سهلة والتعليم متوافر للجميع، وقد استفدت كثيرا من القسم الداخلي بالثانوية.
كان اولياء الامور مهتمين كثيرا بتعليم اولادهم مع انهم غير متعلمين الا القليل.
المهم، كنت بالقسم الداخلي والبيت الواحد فيه اربعة عنابر وكل عنبر فيه 20 طالبا، والحياة مستمرة وحلوة، وجميلة، كنت بالثانوية، اول سنتين عام وتخصصت في الثالثة، القسم العلمي ولكن تحولت الى الادبي بسبب المادة العلمية، وكنت احب الشعر الجاهلي والجغرافيا، لذلك ذهبت الى الادبي وحتى انهيت سنة رابعة ثانوي وانا في ثانوية الشويخ وتخرجت عام 1966 لأنني عدت سنة رابعة بسبب الرسوب.
كان عندي سيارة صغيرة حولتها الى تاكسي واشتغلت بنقل الركاب لمدة سنة ونصف السنة، نقل داخلي، وكل يوم تقريبا احصل على 15 دينارا واشتغلت بالبريد والبرق لمدة 6 اشهر وتركت العمل من دون راتب بسبب التدريب وفي الوقت نفسه تاكسي، الفلوس مصاريف شخصية، بعدها عرض عمي علي الالتحاق بالجيش، وكان وكيل ضابط.
الالتحاق بالجيش
عمي سبب دخولي والتحاقي بالجيش الكويتي، واولاده التحقوا بالجيش وصاروا ضباطا كبارا، ذهبت مع عمي وسجلني وكنت ضمن مجموعة من الشباب الكويتي، وبعد القبول قابلنا الراحل المغفور له بإذن الله الشيخ صالح المحمد نائب رئيس الاركان، وهو الرجل الذي يشجع الكويتيين على الالتحاق بالجيش والكثير من الطلبة ومن الضباط التحقوا بالجيش.
كذلك قابلنا المرحوم الشيخ مبارك عبدالله الجابر رئيس الاركان ومحمد البدر احد ضباط الجيش في ذلك الوقت، وهو الذي خرجنا من مدرسة الجيش بعد التدريب، واذكر ان دفعتنا الثانية وكنا اواخر العام 1965، واكملت الدورة وعينا بدرجة مرشح من العام 1966 حتى العام 1970 وتم توزيعنا على الالوية، ونحن مجموعة قابلنا الشيخ مبارك عبدالله الجابر وكان عددنا اربعة عشر وطلبنا منه ان نلتحق بسلاح الطيران، وتم قبولنا بعد مناقشتنا وبعض الاسئلة، وكان المطار حاليا منطقة النزهة وتدربنا على طائرات التدريب، والذي اسس سلاح الطيران المرحوم الشيخ عبدالله المبارك.
ومنذ اللحظة الاولى تم استيراد طائرات صغيرة للتدريب لونها احمر واخرى لونها ازرق.
واذكر طائرة سقطت، المهم تم قبولنا انا وفهد الامير وسلطان الكندري وعلي الفودري وعبدالوهاب العبدالرزاق ومجموعة اخرى لا اذكرهم حاليا، كنا خريجي الثانية وكنا الدفعة الثانية وكنت طيارا عسكريا واستمررت في العمل حتى التقاعد.
المدرب والتدريب
كان مدرب السلاح والتدريب اسمه مستر لنيتون لمدة 6 شهور وكنا نصل الى البحرين والسعودية تقريبا والمدرب صار عليه ضغط ونحن الدفعة الثانية وقد سبقنا مرزوق العجيل وصفر معرفي وعبدالله الدعيج، المهم التدريب لمدة ساعة ونصف الساعة لكل متدرب، وبعد فترة أحضروا مستر كات يدربنا، وبعض الذين قبلوا كانوا يطيرون على طائرات هنتر مقاتلة نفاثة.
وأذكر ان احد المتدربين سقط بالطائرة مع المدرب في البحر ولم نجد الطيارين والمدرب اسمه مستر جم والمتدرب حسين الزعابي، ولم نعرف السبب لأننا كنا متدربين مرشحين ولمدة 9 شهور تدريب، وصارت الطيارات قديمة فنزلوا منا مجموعة من الطيارين، وصرنا الارضي بحدود 6 طيارين، وبعد ذلك انتقلنا الى المطار الدولي.
وأذكر ان آمر السرب عنده مجموعة من الطائرات وهو الأقدم بالعمل.
الهيليكوبتر دخلت الخدمة بالستينيات.
«كاريبو» للنقل للرحلات القصيرة، وتنزل على الرمل ولها جنحان طويلان ولا تحتاج لمدرج طويل، وغير سريعة، وبعد ذلك وسترن لها ثمانية عشر بستن وهي إحدى طائرات الهيليكوبتر وتصليحها صعب، وأذكر واحدة نزلت طيران شراعي وبعد 9 شهور عرضوا علينا ان نصبح مهندسين طيارين ونطير مع الطيار، الطائرة فيها معدات كثيرة وعدادات، حاليا الطائرات تطورت صناعتها، كما عرضوا علينا بعثة دراسية الى اسكتلندا فسافرت مع الدفعة.
مدرسة بلي سكود
عن فترة البعثة في اسكتلندا يقول الكندري: تلك المدرسة فيها عطل دراسية كثيرة، اجازات لأي مناسبة تعطل الدراسة فكنا نتدرب فيها، يمكن عشرين عطلة في السنة.
المصروف كان قليلا 40 جنيها استرليني، مبلغ كبير لأن كل شيء عليهم، أذكر أنني اشتريت سيارة ماينر بـ 500 جنيه جديدة، استخدمتها 4 سنوات وبعتها بألف جنيه على ساير الساير في اسكتلندا، والدراسة كانت في كل شيء، الطالب يتعلم كل شيء حدادة ونجارة وغيرها،مثلا الدراسة شاملة على سبيل المثال بالتفصيل الانجليز يقولون استخدم عقلك مثلا يقولون 6 6 = 12 ايضا 2 × 6 = 12 و3 × 4 = 12، هكذا عندهم الدراسة.
عند الانجليز يقولون استخدم عقلك وبعد التخرج تعلمت كيف اشتغل بالبيت بيدي، هكذا العلم من صحية وكهربائية لا يدخل العامل بيتي إلا للحاجة الشديدة، بعد 5 سنوات تخرجت وعينت مهندسا عسكريا وأذكر جاسم الحيدر.
وأذكر بعد التخرج من اسكتلندا وأول عمل في طيارة هيليكوبتر وبعد ذلك (طائرة دوف) شبه مدنية وطائرات النقل كاريبو وأحضروا بدلا منها هركوينر وهي طائرات نقل.
سقوط الطائرة
الطيارة سليمة وجيدة ولا يوجد فيها شيء يوحي بالخلل، الطائرة عسكرية هيركوينر والطائرة ذات 4 محركات وتستعمل الطائرة للكوارث وللنقل معروفة الطائرة للنقل، ركبنا الطائرة وعددنا 10 ضباط، أقلعت من مطار الكويت حتى وصلنا الى اثينا للتزود ويوجد رجل مصري يعمل في مكتب الكويتية، وجميعنا سكنا في فندق متقاعدين معه بالجيش، مكثنا ليلة واحدة في اثينا، قلت لزميلي عبدالله المطاوعة واتفقت معه على ان نبقى في اثينا واتفقنا وبلغنا ربعنا بأننا لن نذهب الى فرنسا، وصلتنا برقية من الكويت سافروا الى بريطانيا ثم سافروا الى فرنسا، الجماعة نزلوا في احدى القواعد البريطانية ولمدة 3 ايام، نحن الاثنان في اثينا لا نعلم شيئا عنهم وكنا نعتقد انهم في فرنسا، نحن الاثنان سكنا في فندق رخيص، والايام عدت علينا، وقد تسوقنا في السوق، واشترينا حاجات لنا ولأهلينا، ومن مكان لآخر وطلبنا قهوة تركية لكن توجهت الطائرة من بريطانيا الى فرنسا.
ونحن في اثينا ولا نعلم ماذا حصل لهم، وامضينا 10 أيام وفلوسنا قاربت على النهاية، وسكنّا بفندق رخيص بوسط السوق وننتظر، التأخير ضيّع الوناسة.
قلت لعبدالله لنذهب الى الخطوط الكويتية من الصباح، وبالفعل شاهدنا المصري، وقال انتم وينكم قلنا خيرا، قال ان الطائرة التي كنتم فيها انفجرت بالجو فوق فرنسا بعدما طارت من بريطانيا، عبدالله رجل مرح لم يصدق، وقال نذهب الى السوق عسى ان نجد احدى الصحف ذكرت هذا الخبر، وبالفعل اشترينا جريدة النهار وفيها خبر انفجار طائرة عسكرية كويتية بالجو فوق فرنسا فتأكدنا من الخبر.
كتبت الجريدة ان جميع الضحايا من العسكريين ما عدا اثنين احياء، فرجعنا الى «الكويتية» وقالوا حضر من الكويت اثنان يبحثان عنكم، والمقصود بالاثنين سيف الختلان الله يرحمه وسالم جمعة.
كانت الطيارة لا يوجد فيها مكان. اهلي لا يعرفون وفتحوا العزاء ويعظمون لهم الاجر.
البريطانيون بالمانفيست يدققون ويكتبون كل شيء فيها، الاهل لا يعرفون من هم الاحياء، زوجتي في يوم من الايام اشترت جريدة واخوها حضر عندها بالمدرسة وقال لها تعالي الى البيت، ما الخبر؟ ذهبت الى البيت عند اهلها والاهل رجال ونساء تلقوا العزاء في البيت، سمعوا ان اثنين احياء وكل عائلة تتمنى ولدهم، واحد من الذين استشهدوا بسقوط الطائرة كان اخوه لم يمض على وفاته فترة كبيرة، زميلنا اسمه محمد حمزة ووالدته حزنت حزنا شديدا لأنها فقدت اثنين من ابنائها واحدا بعد الآخر ايضا بطائرة، الاهل في الكويت عرفوا ان اثنين احياء رحم الله زملاءنا الشهداء، بعد فترة ذهب مهندسون لمشاهدة مكان الحادث.
الجيش الكويتي
يتحدث ضيفنا عن المؤسسة العريقة التي ينتمي إليها ألا وهي الجيش الكويتي حيث يقول: المؤسسة العسكرية (الجيش الكويتي) من المؤسسات العربية القوية، وقد تأسس الجيش الكويتي أواخر الاربعينيات، وكان المؤسس المرحوم الشيخ عبدالله المبارك الصباح.
وقد انضم مجموعة من الشباب الكويتي لتلك المؤسسة، واهتمت الدولة بالجيش الكويتي البطل الذي قدم تضحيات كبيرة للدفاع عن الوطن والشعب.
البداية كان المرحوم الشيخ مبارك عبدالله الجابر رئيس الأركان وقد تخرج في بريطانيا، والمرحوم الشيخ صالح المحمد ايضا قد تدرب وتخرج في بريطانيا.
الجيش الكويتي كان برئاسة المرحوم الشيخ عبدالله المبارك الصباح ذلك الرجل الذي اهتم ورعى الجيش وقدم وسهل له المهمات، وأحضر للجيش كل جديد من المعدات، ومن أوائل الرجال الوطنيين الذين ساعدوا في الاشراف على الجيش المرحوم يعقوب البصارة وسعيد السليم وعبدالله فراج الغانم ومحمد البدر ومجموعة من الضباط المخلصين، وقد أحضروا مدربين متميزين لتدريب الأفراد ومنهم محمد فتحي الصدر.
اهتمت قيادة الجيش بإرسال الأفراد الى الخارج للدراسة، خاصة الحاصلين على مؤهلات علمية بعضهم الى بغداد ومصر.
الشباب الكويتي لم يتوانى في الانضمام الى المؤسسة العسكرية فقد خدموا فيه بكل إخلاص وقوة دافعوا عن وطنهم عام 1961 ووقفوا بوجه المعتدي حاكم العراق عبدالكريم قاسم.
بعد استقلال الكويت وكذلك عام 1973 في حادثة الصامتة وأثناء الاعتداء الغاشم على الكويت من حاكم العراق المقبور صدام حسين.
ولا ننسى الدور الكبير للجيش الكويتي عندما شارك عام 1967 على الجبهتين المصرية والسورية فقد توجه عدد كبير من أبناء الكويت الى الجبهة المصرية للمشاركة مع اخوانهم المصريين لصد العدوان الإسرائيلي في سيناء ولقد قدموا الشهداء على أرض مصر العزيزة وشاركوا في حرب الاستنزاف حتى عام 1973 حتى تحررت سيناء وعادوا الى الكويت.
اما على الجبهة السورية فقد وقف لواء اليرموك الكويتي بوجه الاسرائيليين وشاركوا مشاركة فعالة بقيادة الفريق المتقاعد علي المؤمن.
وعندما وقع الغزو العراقي بقيادة صدام حسين «المجرم الفاشل الحاقد» دافع أبناء الجيش الكويتي بكل قوة وحماس وقدموا أروع التضحيات والشهداء من أجل رفعة الكويت وتحريرها من الغزاة.
ان رجال الجيش الكويتي الأبطال كونوا خلايا داخلية لمحاربة الجيش الصدامي الغازي.
أبناء الكويت الأبطال شاركوا مشاركة فعالة في تحرير الكويت شاركوا مع الجيوش العربية والأجنبية وأول من دخل الكويت في يوم التحرير رافعين رؤوسهم واعلام وطنهم مع الجيوش العربية كان يوما مشهودا بفضل من الله ورحمة.
هكذا كان الأبطال طردوا الغزاة طردوا الجيش الصدامي المهزوم.
أفتخر بكوني أحد أبناء الكويت من الجيش الكويتي، الذي شارك بتحرير الكويت.
رحم الله الشهداء من الكويتيين من الجيش الكويتي ورحم الله أبناء الكويت الذين دافعوا عن وطنهم.
عاش صاحب السمو الأمير وعاش سمو ولي العهد، عاش سمو رئيس مجلس الوزراء، والعزة والفخر لأولئك الرجال الأبطال، رحم الله من استشهد منهم برحمته الواسعة، تحيا الكويت، عاش الأمير.
موقف الأهل من حادث الطائرة
عن الموقف العصيب الذي نتج عن سقوط الطائرة وظن الأهل أنه من بين الضحايا، يقول العقيد طيار متقاعد سلطان الكندري: لم ابلغ احدا عن وصولنا، ونساؤنا يتصلنن مع بعضهن البعض، وعرفوا اننا احياء وقد اشتريت هدايا وقدمتها للاطفال.
يوم سقوط الطائرة كان يوم 5/9/1980 في فرنسا، رحم الله اصدقاءنا برحمته الواسعة.
سقطت الطائرة لأنها دخلت في غيوم ولا يعرف الطيار ولم يبلغ بوجود الغيوم والرعد فدخلوا في غيوم رعدية وبصفتي مهندس فإن شرر البرق قد فصل احد الجناحين لأن البنزين في الجناح، وقد اعتبروا من الشهداء والدولة لم تقصر معهم.
اذكر ان طالب يعقوب كان من المفروض ان يذهب الا انه تأخر عنهم، وايضا واحد من المهندسين كان يتحدث مع احد اصدقائه وطارت عنه الطيارة «الحي ما هو رفيق الميت»، يقول تعالى (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي ارض تموت).
بعد ذلك الحادث سافرت على طائرة الهركونير ولا ازال اسافر والاعمار بيد الله، فالانسان لا يموت الا بيومه.
اذكر عندما كنت داخل الطيارة لم يتحدث احد مع الآخر، كأن الجميع عارفين انهم سيموتون.
الحادثة حزينة ومؤلمة ولا ازال اتذكرهم والله يطول بأعمار اولادهم وبناتهم، الله يحفظ صاحب السمو الامير وسمو ولي العهد وسمو رئيس مجلس الوزراء وجميع الناس المسلمين.
شكرا لجريدة «الأنباء» ولمنصور الهاجري وجميع القراء.