- البيوت القديمة في الكويت كانت تفرح القلب وكبار السن كانوا يستظلون بالليوان ويحتمون به من مياه الأمطار
- البراحة الكبيرة منسوبة للمرحوم هلال المطيري والسكك الكبيرة والسد والطويلة كانت فرجاناً متداخلة
- الكويت منذ القدم مصدر رزق للوافدين إليها وبحارة «الدوبة» خير مثال
- ولدت في الشرق والأوراق الثبوتية القديمة لبيتنا تعود إلى عام 1860
- التحقت بالمدرسة الشرقية وكان الطلبة الأشقياء يعاقبون بـ «الجحيشة»
- كنا نستخدم مياه الجلبان في الغسيل والنظافة وماء الشرب يجلبه الحمّارة من السفن
- البيت القديم يتكون من 3 حيشان للحرم وتربية الحلال والجليب مع المطبخ
- الناجح في الثانوية العامة كان يعين بوظيفة «كيتب» تخصص له سيارة توصله إلى العمل
«الكويت منذ القدم مصدر رزق طيب لكل من يفد إليها»، هذا المعنى الجميل جاء على لسان ضيفنا هذا الأسبوع أحمد الناهض لدى حديثه عن الماضي والزمن الجميل في كويت المحبة والتعاون والألفة، دلل على ذلك بالبحارة الذين كانوا يعملون على «الدوبة» وكيف كان الرزق الحلال يتهادى إليهم من خلال نقل مواد البناء وغيرها إلى الكويت.
يحدثنا الناهض عن ذكرياته من أيام الطفولة والبيت الكويتي القديم وكيف يتكون من حوشين أو ثلاثة والليوان والدريشة والراحة النفسية التي كانت تنتاب الكويتيين فيه رغم بساطته حتى انه كان «يفرح القلب»، كما يتحدث عن أهل المطبة وذهاب النساء إلى البحر حاملات «البقشة» لغسل الملابس، وكذلك عن مياه الجلبان واستخداماتها وجلب الحمارة للمياه العذبة من السفن للشرب واستخدام «البرمة» و«الحِبْ» و«الغرشة» لتبريدها.
يتطرق الناهض أيضا في اللقاء إلى مشواره في التعليم والبداية في المدرسة الشرقية وكيف كان يتم تعيين الحاصل على الثانوية.
كل هذا والمزيد في السطور التالية:
أجرى الحوار: منصور الهاجري - كاتب وباحث في التراث والتاريخ ومقدم برامج في الإذاعة والتلفزيون
في مستهل اللقاء، يقول ضيفنا أحمد محمد الناهض عن بداياته وطفولته فيقول: ولدت في الكويت بالحي الشرقي قرب مقبرة هلال المطيري والاوراق القديمة الثبوتية لسكننا في الكويت منذ العام 1860 أحتفظ بها، جدنا الكبير لعائلة الناهض. وفريج هلال من الفرجان الكويتية الشرقية، وكانت ولادتي بالشرق وكان الرجال من عائلتي يتواجدون بالمسجد لجميع الفروض، ويلتقون مع رجال الجيران ويعرفون بعضهم بعضا، والتواصل قديما مع الجيران كان من السمات الطيبة عند الكويتيين، البيوت العربية السكنية عند الكويتيين لها دور في التواصل الاجتماعي، كنت ماشيا على هذا وعائلتي وابناء عمي الله يحفظهم، وكنت مع زملائي الذين كنت ألعب معهم، كنا نذهب الى بعض الاحياء فتعرفت على ابناء عائلة كريمة من عوائل شرق هي عائلة الفريع الكريمة، ومن سنوات مرحلة الشباب الى يومنا هذا صديقي الاخ حامد عبدالله الفريع واخوانه ويوميا اتواجد معه في متحفه في بيته، حامد الفريع رجل عصامي مثقف انشأ لنفسه متحفا جمع فيه كل ما هو قديم وله تاريخ.
وكانوا يسكنون في المطبة ونحن نسكن قرب مقبرة هلال ويحدها من الشرق مدرسة الشرقية للبنات، كان اهل المطبة يمرون على حينا والنساء يحملن البقشة على الرأس وهن ذاهبات الى البحر لغسل الملابس، كان منظر البحر جميلا في المد والجزر وكانت النساء يغسلن ملابسهن بمادة الطين حيث تعطي رغوة لونها ازرق تقريبا كانت النظافة من طابعهم اليومي، كان بعض النساء ينشرن ملابسهن على صخور البحر حتى تجف وبعضهن يحملن الملابس الى البيت وفيها ماء.
البيت الكويتي القديم
يتحدث الناهض عن البيوت الكويتية القديمة وكيف كانت الحياة فيها جميلة، حيث يقول: البيت الكويتي القديم افضل من البيوت والفلل الحديثة المغلقة حتى الشبابيك لا تفتح لأنها على الجيران، فقط الشبابيك في البيوت الحديثة ديكور ومنظر للبيت الحديث، البيوت القديمة فارهة يأتيها الهواء من كل صوب وبعض البيوت امامها الليوان الذي نستظل بظله ويمنع الامطار من دخول الغرف، والليوان يبهج ويفرح القلب الكبار السن يجلسون بالليوان خصوصا ايام الصيف للهواء البارد وهو له منظر مميز.
البيت الكويتي القديم الكبير يتكون من ثلاثة أحواش بيت الحرم وبيت لتربية الاغنام والابقار والدجاج والحوش الثالث فيه الجليب والمطبخ وملحقاته والبيت المتوسط يتكون من حوشين، بيت العائلة يتكون من ثلاثة أحواش وفيه دهليز طويل وهو عبارة عن ممر من الشارع الى داخل البيت، وذلك الدهليز بين غرفتين مطلتين على الشارع والدرايش داخل البيت لا توجد شبابيك على الشارع والرجل قبل دخوله الى البيت يتنحنح والنساء الموجودات داخل البيت كل واحدة تغطي وجهها عن اخو زوجها نقول «حماها»، لا يجوز ان تكشف عن وجهها وتغطي الوجه بطرف من الثيوب الذي طوال اليوم تلبسه.
كان الجليب بوسط وعلى جانب من الحوش وماؤه للغسيل والسباحة اما الماء العذب الذي يجلبه الحمار من سفن نقل المياه فهو فقط للشرب والطبخ ويوجد في بعض البيوت بركة ماء لحفظ الماء العذب اذا دخل الحمار الى البيت يوجد في الدهليز «حِبْ» الماء يفرغ قربة الماء داخل الحِبْ، ماء الجليب مالح ولكن ملوحته اقل من ماء البحر ولكن لا يشرب، البرمه والحِبْ والغرشة لتبريد الماء العذب وتوجد حسب عدد سكان الماء.
وفي شهر رمضان المبارك يوضع ماء اللقاح داخل الماء ليعطيه نكهة ممتازة.
وغالبا ما يوضع في الشاي وفي الحلويات.
أما المساجد فكانت منتشرة في الأحياء والرجال موجودون في المساجد في جميع الفروض.
وأذكر البراحة الكبيرة وهي منسوبة للمرحوم هلال المطيري وهو من الشخصيات الكويتية المميزة ويساعد الفقراء وهو مجال جيد للكرم الكويتي، وهناك الكثير من الفرجان التي تتفرع من بعضها البعض، فالسكة الكبيرة والسكة السد والسكة الطويلة متداخلة مع بعضها البعض. ونحن كنا نعيش في بيت العائلة الواقع في السكة الكبيرة والبراحة لها دور كبير بالنسبة للسكان ففيها يجتمع الكبار والصغار.
ومن البيوت والعائلات مثلا عائلة الناهض والنصف والروضان والمضف والقطامي والعسعوسي وبوقماز وديوان صالح الملا.. حاليا هذه البيوت يقابلها سوق الشرق الحالي ـ ، و في البحر توجد القواقع وكنا نلعب بها ونجمعها ونسميها البرّوي والبنات يجمعن الشقيقة ونمثلها بأفراد العائلة.
كنت أذهب الى البحر حاملا أدوات صيد السمك وأبدعت بالصيد داخل النقعة التي تدخل فيها السفن الكبيرة والصغيرة لكي تحفظها من الأمواج.. وفي تلك النقعة كنت أسبح وأصيد السمك الصغير خاصة عندما تواجدت بداخل النقعة الدوبه المصنوعة من الحديد وعندما ترسو محملة بالطابوق الآجر الأصفر، وكان بحارتها يعيشون على خيرات الكويت حيث ان الكويت منذ القديم مصدر رزق للوافدين وكنت اصطاد من أنواع السمك الحاسوم والشعم الصغير والقرقفان والمجوّه كنت أستمتع بصيد السمك وبعض الأسماك الصغيرة ارميها بالبحر ولا أخذها الى البيت، وكان سوق السمك فيه أسماء كثيرة وكنت أذهب مع عبدالعزيز جمال وأخيه بدر وعبداللطيف الغريب ويوسف القبندي ومحمود من عائلة دشتي ومحمد ومجموعة كبيرة من المواطنين ومحمد الفزيع وكان شباب المطبة يمرون على منطقتنا أثناء الذهاب الى البحر فنذهب معهم، كنا أصدقاء ورفقاء، والنقعة لها مدخلان نقول عن الواحد فانق وكانت الدوبه بعد ما تفرغ حمولتها نصعد عليها ونبدأ الحداق ونصيد الأسماك الصغيرة وعندي خيط من النايلون.
فريج الناهض
عن الحي الذي سكنه يقول الناهض: حينا لا يتميز عن الأحياء الأخرى مثل اي فريج عندنا براحة كبيرة وكنا نلعب بها مجموعة شباب الحي وتوجد بالقرب من مقبرة هلال والمرحوم هلال له أياد بيضاء من زكاة ومساعدة الفقراء ففي موسم الزكاة الناس يجتمعون وكل واحد يحصل عليه نصيبه، وكانت الفرجان متداخلة وبيت العائلة داخل البراحة ويتفرع منها سكيك، وهذه المقبرة موجودة حاليا والبراحة حولها بيوت العائلات فالجميع يجتمع في تلك البراحة.
بداية التعليم
عن بداية التحاقه بالتعليم يقول الناهض: التحقت بمدرسة الشرقية للبنين وكان الناظر احمد السقاف ولمدة سنتين وكان شديدا على الطلبة الاشقياء ولكنه كان مربيا فاضلا وكان البعض يحصل على عقاب بالجحيشه وكانت اختي الكبيرة تراجع الدروس لي والوالد متعلم وهو صديق للمرحوم احمد البشر وهو شاعر واديب والدي كان خطه جيدا وواضح وكان يحفظ الشعر ويدونه ولم احفظ مثله وكان اتجاهي علميا ولا احفظ وانما افهم حفظت الفيزياء واقول ان اللوغاريتمات ليست قانونا، واكملت اربع سنوات ابتدائي في الشرقية وكانت هوايتي الرسم والموسيقى وعزفت على الاوكرديون، ومعي طالب اسمه دبوس اكرم.
وكنت معجبا بتلك الآلة كما كنت شغوفا بالرسم وأرسم البيئة الصامتة، وأحببت البيئة الرملية والبحرية وانقل رسوماتي من الصور، واستمررت بالهواية وفي عام 1959 انتقلت الى مدرسة المتنبي وبجانبها الخنساء وروضة المهلب، حاليا مركز السكر في الشرق، ومن السنة الاولى المتوسطة كنت من اوائل الطلبة في المتنبي وكنت في الفصل اولى (ب) متوسط.
والوكيل عبدالمجيد والناظر مصري وكان رجلا طويلا، وفي تلك المرحلة تعلقت باستاذ اللغة الانجليزية وأحببت المادة، وكذلك تأثرت بمدرس الرياضيات الاستاذ جابر، الله اعطاني حب اسلوب هاتين المادتين واذكر استاذ الانجليزي نبيل السويد، وكنت لا احب الحفظ حتى حفظ الآيات كنت اجد فيه صعوبة وقت الحفظ وكنت اشارك مع استاذ العلوم واشارك في عمل المختبرات وتأثرت جدا جدا بمادة الانجليزي.
وساعدني الحظ بوجودي مع مدرس اللغة الانجليزية حيث كنت اساعده احيانا في نقل الدرجات في دفتر الدرجات، وكان زميلي بدر احمد واجدي وهو من الطلبة الممتازين وعندما يحضر موجه اللغة الانجليزية الاستاذ يطلب منا نحن الاثنين الاجابة عن الاسئلة امام الموجه طبعا الفصل فيه طلبة مستواهم متوسط وطلبة ضعاف.
واذكر ان الوالد ما كان يضربنا وأعطاني الثقة وهو رجل متعلم ولا يصارخ علينا ولاني وحيد عند الوالد واختي الكبيرة غيرت اسمي من فيصل الى احمد، وعمي استشهد في معركة الجهراء اسمه احمد فلذلك الوالد كان يحبني ولا يعاقبني، فقط بنظرة.
ومن زملائي اذكر بدر واجدي وأحمد دشتي وكانا من الطلبة المتميزين وكنا ننتنافس في الدراسة، ومما اذكر انه بعد الحصة الثانية كان الفراشين يدخلون الفصول ويوزعون علينا وجبة خفيفة سندويش، اما الغذاء فكان يصل التى المدارس من المطبخ المركزي وجبة غداء من البرياني وبعد ذلك نهاية الدوام نذهب الى البيت.
هكذا كانت معارف الكويت (وزارة التربية حاليا) حتى الملابس كانت توزع علينا والزي موحد وكان بعض الطلبة عندهم شنطة والبعض يحمل كتبه مربوطة بخيط، مادة الحساب والهندسة واللغة الانجليزية والعربي ادركت الرياضيات الحديثة مع بدايتها، بدأ تطوير المناهج منذ الخمسينيات وزاد التقدم في التطوير منذ الستينيات.
اذكر انه يوم تخرجي من المرحلة المتوسطة كانت وزارة التربية تذيع اسماء الطلبة الناجحين في الاذاعة الاسم الناجح ورقم جلوسه وترتيبه واسم مدرسته وكنت من المائة الاوائل في تلك السنة.
كان قديما الطالب الذي ينجح في الثانوية يعين موظفا ويطلق عليه (كيتب) والبعض يعين في الصحة أو اي دائرة وتخصص للموظف سيارة للتوصيل والعودة الى البيت.
الثانوية العامة
بعد النجاح التحقت بالثانوية واستمررت بالهوايات التي مارستها وتعلمتها في الابتدائي مثل الموسيقى، واذكر الاستاذ عصام عسيران مدرس الكمان وكنت أعشق سماع الكمان ولكن لم أتعلم العزف وكنت أعزف الأوكرديون وشاركت في حفل الموسيقى في مدرسة المتنبي وقد حضرت ذلك الحفل مجموعة كبيرة من الشخصيات الكويتية خاصة سكان منطقة الشرق وحضر الوالد، عموما في الثانوية اختلف التعليم وتقدم المنهج والمواد العلمية، كان في ذلك الوقت الدراسة في الثانوية اربع سنوات الطالب يتعلم السنة الأولى والثانية ثم يتخصص علمي أو أدبي في السنة الثالثة والرابعة وبعدما نجحت في السنة الثالثة التحقت بالقسم العلمي من سنة ثالثة ورابعة ونجحت في الثانوية وحصلت على نتيجة مرضية ومتقدمة مما أهلني للالتحاق بالجامعة.
الهوايات
اذكر انني شاركت في فرقة الأناشيد وعلموني عزف الكمان وزاولت الرسم وهو مهم في حياتي وعزفت الأوكرديون، وكان التعليم قديما متوافرا لجميع أفراد المجتمع.
وفي أولى ثانوي كنت في ثانوية فلسطين بالدسمة ولمدة عامين وبعد ذلك التحقت بثانوية الدعية.
وثانوية فلسطين صارت ثانوية الجاحظ وفيها مرحلتان المتوسطة والثانوية ولم أشعر بالفرق بين الثانويات ولكن في فلسطين غالبية الطلبة من الفلسطينيين فمن حظي انني كنت انافس أولئك الطلبة ولا يوجد اختلاف بين الثانويات وكان التنافس شديدا بين الطلبة، الشعب الفلسطيني مثقف ومحب للتعليم وكان هناك المدرسون الشديدون كان الطالب الفلسطيني منافسا وقد تميزت في تعليمي فلا مجال للعب وفي الثانوية كان نشاطي الرسم والموسيقى ولم أزاول الرياضة والوالد لا يرضى ان العب وأتأخر حتى الليل.. وكنت في القسم العلمي وأحببت الشعر واقرأه ولكن لم أقرض الشعر.
حادثة في المختبر
عندما أدخل المختبر مع الفصل ونحضر المواد وكنت من حبي وشغفي احضر معي الكلوريك في البيت وداخل السرداب حاولت ان اجرب وفي احدى المرات انفجر غاز الكلور وظهر لون ازرق سام وأنقذوني لأنه مادة سامة أصاب وجهي وشعري وكان من الممكن ان اتعرض للتشويه.
الأستاذ منير السويد كان مدرس اللغة الانجليزية بالمرحلة المتوسطة ومن حسن حظي انني شاهدته بالمرحلة الثانوية ومن حبي للرياضيات فتخصصت في الثانوية في القسم العلمي.
عن دراسته في الجامعة، يقول الناهض: أنهيت المرحلة الثانوية والتحقت بجامعة الكويت ومن حبي للمواد العلمية توجهت للعلوم، لأني لا أستطيع الحفظ إلا بعد الفهم وكما انه من حبي للعلوم فتحت مختبرا في سرداب البيت لإجراء تجارب في المختبر.
تخصصت رياضيات وعلوم والمادة المساندة الكيمياء والطبيعة والنظري فكنت أمارس العمل.
في الجامعة مجموعة كبيرة من الكويتيين وتخرجت وكنت من الدفعة الثانية في جامعة الكويت.
أول عمل
بعد التخرج عينت في مجلس التخطيط، وكان يرأس المجلس الرجل الفذ المرحوم أحمد علي الدعيج، وكان يقول كيف تعمل كيف تخطط، وكانت عنده مجموعة كبيرة من الرجال ومعه وكلاء مساعدون بدر البحر، وفؤاد ملا حسين، وعملت معهم، وعاصرت أولئك الطيبين بداية التعيين على الدرجة الرابعة وعملي كان ميدانيا، ونزلت الميدان أماكن البحث أقابل الناس، وفي أحد الايام ذهبت الى العقيلة القديمة لأقابل الناس هناك، وكان يشرف علي حافظ أبوهنطش، وكان يعلمني العلامات الميدانية، تعلمت منها مفاهيم وحقائق بمعنى 1+1=2 ولا يساوي غيره، التخطيط والاحصاء يعطيك حقائق وكل شيء، الاحصاء بدأ عام 1957 وهو أول احصاء أيام عبدالعزيز الصرعاوي وكان مبادرة من المرحوم الشيخ عبدالله السالم رحمه الله كان يريد أن يعرف المجتمع الكويتي يريد أن يعرف عن المجتمع الكويتي.
الشيخ عبدالله السالم تفكيره سبق زمنه كان يريد أن ينقل الكويت من امارة الى دولة.
يريد أن يبني المستوصفات والادارات كان ينظر للديموقراطية، وأحضروا رجل سويدي كخبير.
عاصرت العمل لأربعة عقود في مجلس التخطيط والاحصاء دوران مثل الساعة ونصل لعملنا بسرعة والعمل فيه حقائق، التخطيط حلم وتصورات الاحصاء بعد الايام والمباني وفئات الاعمار يعطيك حقائق.
الاحصاء كان عام 1957 أول إحصاء.. الاحصاء عمل للمستقبل وعملوا بطاقات لكل فرد، كان المرحوم حمد الرجيب له دور كبير في وزارة الشؤون وهذا لا ينسى وتوزيع المناطق الحديثة بسبب من سبقنا، أذكر فؤاد ملا حسين أنشأ قانون الاحصاء عام 1963، فكرة التعداد مجموعة يطلق عليهم مجلس التخطيط، وأحمد الدعيج له دور كبير، طورت نفسي مع العمل وتدرجت بالعمل باحثا احصائيا وتعلمت الكمبيوتر بالتحريم للاحصاء، وباحث إحصاء، وفؤاد ملا حسين علمنا وفتح لنا المجال، أذكر أحد الأيام أن شاهدني أعمل مكان واحد رئيس قسم وشاهدني مع سيارة لوري تحمل كراتين من الورق وسألني ما هذا فقلت دراسة تحمل الأجور والأيدي العاملة، وقلت له أنهيت الطباعة ونقحت الأرقام، فلا داعي لتأخير العمل، بل بالعكس أنهيت العمل بسنة ونصف السنة ووضعت اسم الموظف الذي قبله ولم أضع اسمي، ولذلك عينت رئيس قسم، بعض الموظفين كانوا يوقعون ويخرجون، والبعض يخرج من العمل ويذهبون للدراسة، ولم أتعرض لهم، وبعد ذلك الى مراقب وهنا بدأت آخذ البحوث الصعبة والعمل والاجور عمل طويل وهذا ثاني بحث، وميزانية الاسرة مادة طويلة بحاجة لعمل متواصل، ميزانية الأسرة كيف تدخل الميزانية وما هي المصادر وكم توفر من المدخول وفي إحدى السنوات أشرفت على مائة وستين جدولا وهناك تقاطع ما بين الدخل والصرف يصير تداخل - وبعد ذلك وصل وفد من الصندوق الدولي واستانس من تلك الدراسة.
تلك الدراسة أعطت مفهوما عن المواطن الكويتي، بدأت الدراسات عام 1966، والأولى مع خبير سوري انتهت بوفاة الخبير.
الأرقام موجودة وكنت أشرفت على الدراسة الثانية، ما عندنا قيود سابقة منذ أيام البحر والغوص والسفرو لا توجد ايام البحر قيود لكي نستفيد منها وتخصهم حالة ميزانية الاسرة كم تدخل وكم تصرف.
هذا يدل على وعي المواطن في الاسرة.
خمسة آلاف اسرة نعمل لهم احصاء في المصروفات شاملة، توجه الفقير غير توجه التاجر والبعض يصرف على المشاريع الخيرية، هذه الدراسات لا يوجد مقابلها من القديم، بعد المراقب اصبحت نائب المدير العام فؤاد ملا حسين وصار الوكيل لوزارة الاحصاء وبعد ذلك عينت وكيل وزارة مساعد لمدة قليلة والعمل جماعي مثل لاعبي فريق الكرة.
الوكيل المساعد هو عمل اداري ومشرف، العمل الاساسي لرئيس القسم والمراقب وهذه حادثة من صلب العمل.
حادثة بسيطة
يذكر ضيفنا حادثة وقعت اثناء عملية البحث والإحصاء حيث يقول: بيوم من الايام حضر عندي الباحث الاجتماعي في احدى المناطق قال هذا مسؤول كبير يرفض ان نأخذ البيانات عن جده، اعطاني كل المعلومات الا عن جده (بدون ذكر اسماء) فقلت له خذ معك فلانا الذي يساعدك، ايضا المواطن رفض فقلت له اصبر المشرف فوق الباحث.
أخذت قانون الاحصاء الذي فيه الجزاء والحبس وكتبت ارجو ان نتفاهم قبل اللجوء لتطبيق القانون بهذه المادة، رفضك يعطل جزءا كبيرا من بيانات المنطقة.
قال نادوه ـ وبعد صلاة المغرب ذهبت والمسؤول له ودخلت الديوانية وسلمت عليه قال انتم تريدون وانا اقول ما هو هدفكم من البحث فقلت له لك الحق، فقلت له اي فرد ينقص، عدد الاسرة ينقص، عندما اقسمها على ستة غير لما اقسم الرقم على سبعة، ينقص من المقدار السبع اي نصيب الدولة، لتوزيع الاراضي والرواتب، المهم لمدة نصف ساعة اشرح له الموضوع.
ونحن نعطي لصاحب السمو النتيجة والقرار له، فقال تعال، وانتم اجلسوا في مكانكم وذهبت معه وقال ان مسؤول مثلي اريد ان أقنعك، وذهبت معه الى ملحق البيت ورجل جالس طوله ستين سم، رجل كبير بالعمر واضع اصبعه بفمه متقوقع على نفسه لونه اسود، فقال هذا جدي عمره 145 سنة، قال شفت هذا كان رجل طويل شوف هذا من السنوات الطويلة فكيف اذكر اسمه معكم.
عائلة الفزيع
تحدث الناهض عن ذكرياته مع عائلة الفزيع فيقول: تعرفت على عائلة الفزيع وهم كانوا يسكنون بحي آخر وأذكر منهم سليمان الفزيع ويوسف علي الفزيع ومحمد اخو صديقي حامد الفزيع ومحمد من جيلي فكان يلعب معي الالعاب الشعبية، عايشنا البيئة مثلما كانت واليوم الذي لا ارى فيه محمود القبندي وعبدالعزيز جمال أزعل وأكون حزينا ومحمد حسين دشتي وخالد الطراروة ـ هؤلاء أصدقائي يأكلون عندنا وآكل عندهم وانام عندهم وهم اصدقائي يأكلون عندنا ام عبدالعزيز تضع الأكل لي مثلما تضع لأولاد يوسف ومحمد الفزيع وحامد تعرفت عليه عن طريق اخوانه كنا اخوه لا فرق بيننا ـ وكنت اذهب معهم الى الاندية الصيفية وزادت معرفتي مع حامد الفزيع من ذلك الوقت.
متحف حامد الفزيع
يحدثنا ضيفنا أحمد الناهض عن متحف الفزيع حيث يقول: اسس حامد الفزيع المتحف في حطين ولا أزال أجلس عنده وأساعده في المتحف. شفت منه 3 أشياء منها التراث انه يدل على ان الكويت وجدت قبل النفط.
اهل الكويت وحكامها جزء لا يتجزأ من هذه الأرض.
قال حامد هذا المتحف وما فيه هدية للكويت وشعبها على الرغم من أن جميع محتويات المتحف اشتراها من فلوسه الخاصة، الدولة ما أعطته بل من جيبه.
وقال ان الكويتي سيفقد هويته اذا ما علمنا المواطنة الصحيحة سوف يفقد كل شيء.. الفخ لا يعرفه.
ويقول أيضا: لابد أن أوصل التراث للاطفال، في احد الايام سأل أحد المسؤولين فتاة عن «العوعو» نجم البحر لكنها لم تعرف ما هو العوعو.
المتاحف جميعا عليها التعاون بعضها مع بعض لتوصيل المعلومة لأبناء الكويت وعن طريق المدارس، وفي ألمانيا يقولون «قل لي تاريخك وتراثك أقول لك من أنت».. وعلى العالم أن ينظر الى الكويت على أنها دولة حضارة وتقاليد.
الروشنة كديكور وبداخلها اللمعايات والمرش والمنجر، عندنا الباكدير مكيف الهواء، هذا يشهد بأن لدينا حضارة الكويت ليست نفطا فقط، هناك التقاليد والقيم والآباء كانوا يتعاملون مع أولادهم بها.
كل يوم أتواجد في متحف حامد الفزيع وأشاركه، حامد رجل طيب وحبه للوطن كبير، وعنده انتشار، وهو بصدد أن يعمل أسلوب استقبال للضيوف، ويحدث تجديدات بالداخل، مثل بطاقة تعريف بكل قطعة، أدعو الاهالي والطلبة الى أن يزوروا متحف حامد الفزيع للتراث الكويتي في منطقة حطين، وأقول لهم ان الاستاذ حامد الفزيع والد الشهيد عبدالله، قتله العراقيون المحتلين في عام 1990.
وشكرا للجميع، وشكرا لجريدة «الأنباء».