تطوعت عام 1967 أثناء حرب مصر وإسرائيل.. والحرب الأهلية اللبنانية أنهت دراستي الجامعية في بيروت
كتبت أول مقال لي منذ 47 عاماً والكاتب يجب أن يتفاعل مع محيطه ويتحمس لقضايا مجتمعه
ولدت في حي الميدان وكانت تجاورنا محلة المطبة بفريج عبدالإله القناعي
عائلتي كانت من العوائل الثرية ويعملون بصياغة الذهب وطواشين يبيعون ويشترون اللؤلؤ من نواخذة الغوص
أدركت بناء السفن الشراعية على ساحل البحر وعمل القلاليف فيها
أدركت أيام الجراد وسوق بن دعيج القديم وأسواق الكويت
أول تعيين لي كان في «المواصلات» بقسم التركيبات وكنا نفحص المقاسم الجديدة حتى تقاعدت من المواصلات بعد ثلاثين سنة خدمة
حصلت على الثانوية 3 مرات حتى أتمكن من الالتحاق بالجامعة
ترشحت لمجلس الأمة مرتين ورفضت الواسطة تماماً عندما أصبحت وزيراً
أصحاب الرأي هم مشعل يضيء للآخرين دربا إلى طريق الصواب. ضيفنا هذا الأسبوع أحد الكتاب الصحافيين المميزين، له تاريخي صحافي يربو على نصف القرن من الزمن.
الزميل د.عبدالهادي الصالح أحد كتاب صفحة «آراء» في «الأنباء» شاهد اليوم على زمن الكويت الجميل يلقي الضوء على صفحات الماضي الذي يشتعل حنين الجميع لأيامه وما تثير في النفس من شجن.
يحدثنا الصالح عن عدد من المواقف في مشوار حياته بدءا من مراحل تعليمه المختلفة وعمله في «المواصلات» بعد التخرج ونشاطه السياسي ترشحا لمجلس الأمة ثم توزيره.
يتحدث عن الثقافة والصحافة وعن ذكرياته عن الاحتلال الصدامي للكويت عام 1990 والذي أسر خلاله وأدخل عددا من المعتقلات حتى تم إطلاق سراحه، وكذلك يتطرق إلى جهوده وزملائه في المقسم عندما أخفوا الأسماء وأرقام تلفونات المواطنين عن جنود الاحتلال.
تطوع في حرب عام 1967 ويذكر أنه عزم على الدراسة الجامعية في بيروت أنهت الحرب الأهلية عام 1975 هذه التجربة. كل هذه الأمور وغيرها من التفاصيل في السطور التالية.
أجرى الحوار: منصور الهاجري - كاتب وباحث في التراث والتاريخ ومقدم برامج في الإذاعة والتلفزيون
بدأ د.عبدالهادي عبدالحميد الصالح كلامه عن الماضي وذكرياته وما كتب في صفحاته بالحديث عن البدايات، حيث قال: ولدت في دولة الكويت بحي الميدان وتجاورنا محلة المطبة بفريج عبدالإله القناعي، وكانت الولادة منزلية وكانت بالتحديد بعد تشييع جنازة المرحوم الشيخ أحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الأسبق، وعائلتي من العوائل الثرية والمتدينة ويعملون بصياغة الذهب وكانوا طواشين يبيعون ويشترون اللؤلؤ من نواخذة الغوص، كما كانوا يعملون بالتجارة «استيراد وتصدير»، وذلك في الجزء الأخير من قديم الكويت.
في تلك الظروف عشت أيامي الحلوة والجميلة، كذلك أدركت بناء السفن الشراعية على ساحل البحر والقلاليف يصنعون تلك السفن، وأدركت أيام الجراد وسوق بن دعيج القديم وأسواق الكويت، سوق المعجل وسوق البنات، سوق اللحم القديم والسمك، وفي ليالي شهر رمضان كنا نذهب نحن الشباب إلى تلك الأسواق.
دكاكين خوالي واعمامي موجودة بالسوق الداخلي وهم محمد وعبدالمحسن وحسين الصالح وأحمد صالح الصالح ومحمد وحسين الصالح، وأما عمامي فكانوا يشتغلون بصياغة الذهب بسوق الذهب القديم (الصاغة).
الدراسة والتعليم
عن مشواره في طريق العلم والتعليم، يقول الصالح:
أول وبداية تعليمي التحقت بروضة المهلب الواقعة بالشرق، حاليا مركز دسمان للسكري، للأسف هدمت الروضة، وعشت في تلك الروضة مع الاطفال، وكنا ننام الظهيرة حتى الساعة الرابعة عصرا وكل طفل تحضر والدته وتتسلمه من الروضة، والمدرسات مصريات يلبسن العباءة السوداء.
يعني أن رياض الاطفال بدايته منذ العام الدراسي 1950 - 1951 أعتقد ذلك.
ومن ثم انتقلت الى مدرسة الصباح الواقعة سابقا بجانب مخفر الشرق، بجانب مدرسة خديجة للبنات ولمدة سنتين، وأذكر الاستاذ ناصر حسن الصايغ مدرس الحساب، ولها بابان وفيها مسرح وفي الصباح كنا ننشد أغنية طلع الفجر والعصفور «صوصو»، وأذكر الهندي الذي يبيع السمبوسة واقف عند الباب، وكان أحد الطلبة يأخذ مني السمبوسة ومن ثم انتقلنا الى الدسمة، ويقال منطقة «واو».
وانتقلت الى مدرسة الرشيد وكان الدوام على فترتين صباحية ومسائية والمدرسون كانوا أشداء، والناظر كان فلسطينيا، وأذكر البدلة المقلمة المخططة والتي كان دائما يلبسها، والتربية كانت توزع ملابس وأحذية مجانا على جميع الطلبة، وعندنا في مدرسة الرشيد غرفة وبداخلها طاولة وعليها ألعاب سيارات، وكنا نذهب مرة واحدة في الاسبوع الى حوض السباحة في مدرسة صلاح الدين (حاليا مبنى التأمينات الاجتماعية)، وكنا نؤدي أنشطة كثيرة.. وبعد ذلك نقلنا الى مبنى مدرسة الجاحظ بالدسمة وما زالت المدرسة موجودة.
والحي الذي كنا نسكن فيه كنا عائلة واحدة نحن الأبناء الأولاد مع بعضنا البعض نذهب الى المدرسة جميعا متكاتفين متعاونين، والبنات كذلك، وأذكر بعد العودة من المدرسة أذهب الى الجيران آكل الغداء مع أولاد الجيران، وأذكر أن ناظر مدرسة الرشيد هو المرحوم عيسى اللوغاني، عشت بتلك البيئة التربوية، وفي ثانوية الجاحظ شاهدت مدرسا من الأزهر الشريف ومدرسي اللغة الإنجليزي لتعليمنا اللغة، والناظر في الثانوية مبارك التورة، وفي الثانوية أتذكر أن وزير التربية كان خالد المسعود، وأذكر أننا قمنا بمظاهرات من الطابور وخرجنا من المدرسة وكنا شبابا نتأثر بما يحصل من حولنا.
وأذكر محمد صالح التركيت مدير المكتبة العامة وكنت أذهب للمكتبة لقراءة المجلات والجرائد، ويوجد قراء كثيرون وخاصة أيام الجو الحار والرطوبة، فعشت في جو تربوي ما بين الثانوية وزيارة المكتبة، وأذكر مجلة روز اليوسف والطليعة والأهرام، أقرأ أي صحيفة تقع بين يدي، أثقف نفسي بالقراءة والمطالعة، كذلك تطوعت عام 1967 أثناء الحرب بين مصر وإسرائيل وحصلت على دورة خمسة وأربعين يوما، ولبست البدلة العسكرية، وأحببت تلك البدلة وعلمونا على المشية العسكرية وحمل السلاح والرماية ورشاش ورشيش مع ابن خالي، وحصلت على شهادة مع مجموعة من الشباب، كل هذا وكنت طالبا في مدرسة الجاحظ بالدسمة أولى ثانوي، وأكملت دراستي حتى أربع سنوات وحصلت على الشهادة الثانوية وكنت أحب مادة الجيولوجيا، ولكن لم أحصل على المجموع ولم أحصل على بعثة دراسية، فالتحقت بـدورة في معهد الاتصالات السلكية واللاسلكية وكان معنا النائب صالح عاشور، وفي الشهر كانوا يعطوننا ثمانين دينارا والدراسة لمدة سنتين.
العمل كفنّي بالمقاسم
ضيفنا يتذكر أول تعيين له قائلا: أول تعيين كان بقسم التركيبات، وكنا نفحص المقاسم الجديدة، وكان يعمل معنا كويتيون ومصريون، وبعد ذلك نقلت الى مقسم السالمية بشارع عمان، لكن شدني الحنين للدراسة وخاصة للمرحلة الجامعية فذهبت لأحد المكاتب وسألنا عن الانتساب الى الجامعة العربية في بيروت وسجلت في المكتب وقبل الاختبارات بدأت الحرب الأهلية في لبنان وذلك عام 1975، فانتهيت من الدراسة وفكرت أن أعيد الدراسة في الثانوية لكي أحصل على نسبة تؤهلني للدراسة في الجامعة فالتحقت بالتعليم المسائي، وأيضا حولت من العلمي الى الأدبي، فقالوا يجب عليك أن تدرس من سنة ثالثة أدبي ورابعة، وبالفعل بدأت الدراسة طبعا وأنا أعمل ومستمر في عملي، وقضيت سنتين دراسيتين والتحقت بمعهد فولتير الموجود في بنيد القار لدراسة اللغة الفرنسية، ونجحت وحصلت على الشهادة الثانوية بمجموع يؤهلني، إلا أن جامعة الكويت رفعت نسبة القبول ومرة ثانية أعدت دراسة سنة رابعة ثانوي أدبي حتى أحصل على مجموع أكبر، وبالفعل حصلت على مجموع يؤهلني للجامعة وقبلت في جامعة الكويت وطلبت إجازة دراسية من «المواصلات» وسألت د.يعقوب حياتي والتحقت بكلية الحقوق والشريعة الاسلامية، وذلك عام 1980، وأنهيت الجامعة، فكرت أن أعمل محاميا ولكن ابتعدت عن الفكرة ورجعت الى عملي بالدرجة الثالثة وصُقلت سياسيا في الجامعة وعملت قائمة للانتخابات، أنهيت كلية الحقوق والشريعة ورفضت العمل كمحام واتجهت الى عملي بالدرجة الثالثة، بالجامعة والعمل الطلابي والسياسي واتحاد الطلبة أصقلني سياسيا والتحقت بالجمعية الثقافية.
في العمل عندنا أجهزة تعمل وتحلل النتائج، فكنت أمشي وأتجول فكان هذا الفراغ هو الذي دفعني للتأمل والكتاب.
البداية بالصحافة
لضيفنا تاريخ من العمل الصحافي في مجال الكتابة والذي يقول عنه:
في البداية كتبت مقالات بجريدة «القبس» وكان رئيس التحرير محمد الصقر وأول مقال السيف، والشهر المقبل يصير47 سنة من أول مقال نشرته 7/22، فكلمت د.عبدالمحسن جمال لكي يكلم مدير تحرير «الوطن» الاستاذ أحمد الديين وباشرت الكتابة فيها وجاسم المطوع كان موجودا فيها.
أما جريدة «الأنباء» فأجروا معي مقابلة صحافية وكانت المقابلة قوية وعملت أصداء، الله يذكرها بالخير رئيسة تحرير «الأنباء» وافقت وصرت أنشر بالوطن وفي «الأنباء» بنفس الوقت، ولكن توقفت «الوطن» عن نشر مقالاتي بسبب نشري بـ «الأنباء» وحتى الآن مستمر بـ «الأنباء»، وفي يوم من الأيام نشرت مقالا دينيا فردّ علي أحد الكتاب بقوة فرددت عليه بمقال أقوى.
سمعت أن بعض الشباب يعملون بالصيف والمشاريع الصغيرة للشباب والدولة مهتمة بهم.
الصحافة الكويتية
بداية عملي الصحافي في جريدة «الوطن» ومن ثم في جريدة «القبس» وبعدها جريدة «الأنباء» ولا أزال أكتب وأنشر مقالاتي فيها بشكل شبه يومي.
وعلى الكاتب في عمله الصحافي أن يتفاعل مع محيطه ويعبر عن رأيه ومواقفه، وأعتقد أن المجتمع الراقي فيه حرية الآراء، ودستور الكويت في مادته 36 يحترم حرية الرأي ويحميها، وهذه الرخصة لازم نحميها ونعبر عن آرائنا، وأعتقد أن الحوار جيد، وأول ما بدأت بالكتابة الى الآن أرى أن حرية الرأي قلت وتقيدت، والبعض يشير الى الحكومة والصحافة.
الناس ضاقت صدورها، انظر الآن القضايا المرفوعة للمحاكم هذا بسبب قلة الرأي، السب والطعن والشتم، هذا أخذ الجانب الطائفي.
الصحافة الإلكترونية أثرت على الصحافة، لكن الكتاب لايزال يحتفظ بقيمته الأدبية ومكانته عند القراء، لا استغناء عن الكتاب، الدليل عندنا في الكويت معرض الكتاب، الكتاب زينة وخزينة، والمقال الصحافي له قيمته بودي أن الناس تتسع صدورها، ولكن عندنا خطوط حمراء، ومستمر في الكتابة.
تأليف الكتب
من كتابة المقال الى الاتجاه لتأليف الكتب، أرى أن الأديب والمؤلف والكاتب لابد أن يتفاعل مع محيطه والحماس مع المنطقة المحيطة، ومن هذا التأثر بدأت أكتب في مواضيع دينية حسب ما أشاهده، وبدأت بالتأليف وأول كتاب صدر لي اسمه «الدعاء في القرآن الكريم»، جمعت فيه جميع الأدعية التي جاءت على لسان الأنبياء والرسل في القرآن الكريم وبوبتها حسب المواضيع، مثلا أدعية للوالدين ودعاء لمعاناة من المجتمع، وفي قضية الاخلاء جمعت هذه الأدعية وعنوان الكتاب «دعاء القرآن»، وبعد ذلك أصدرت كتاب «أخوي تعال نتفاهم» حوار بين دعيج وجعفر، وهذا قدمته هدية للمغفور له الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، وأعطاني مكافأة، وإلى اليوم أصدرت أحد عشر كتابا مع شهادة الدكتوراه (البحث) ونشر، دخلنا في موضوع التأليف حتى تقاعدت من المواصلات بعد ثلاثين سنة خدمة، استمررت بالكتابة والصحافة والتأليف الى أن تم اختياري وزيرا، ولكن قبل تعييني وزيرا رشحت نفسي مرتين للانتخابات لعضوية مجلس الأمة.
الاحتلال الصدامي للكويت
يتذكر الصالح بكل أسى تلك الصفحة السوداء الحزينة في تاريخ الكويت والعرب، بل العالم أجمع، وهي صفحة الاحتلال الصدامي للكويت الحبيبة، حيث يقول:
أثناء عملي في «المواصلات» اتصل علي أحد المسؤولين وطلب مني الذهاب لمقسم «فيلكا» 1990/8/2 كنت فنيا في المقاسم لكي أحافظ على المقسم جهزت شنطة وفيها ملابسي وذهبت الى ميناء الراس، رأيت طرادا عسكريا ومنعني من السفر، واستمررت في صيانة الهواتف أثناء الاحتلال، اتصلت إحدى السيدات لتصليح هاتفها والجيش العراقي أدخل بيننا موظفين عراقيين، أرقام التلفونات مع الأسماء أخذناها وأخفيناها في صناديق وجاءنا خبر بأن المسؤولين العراقيين يريدون الدخول على المقسم، نحن نسينا صورة شيوخنا الكرام معلقة، معي مسؤول تونسي قال هذه الصورة، فقلت له اتركها معلقة وإذا سألونا نقول هؤلاء الفنيون السابقون، استمررنا بالعمل ولم يحضر العراقيون ولكن انقطعنا عن الدوام عندما قطعوا الاتصالات وأمضينا في الكويت وكانت عندنا سيارة ننقل بها النفايات.
أسير عند العراقيين
يتحدث ضيفنا عن تجربة أسره أثناء الاحتلال، فيقول:
أخذني الجنود العراقيون أسيرا من الشارع، كنت أشتري لحوما، أخذوا مني السيارة وسجنوني في الصليبية وبعد ذلك نقلونا الى البصرة، وبعد ذلك الى بغداد في سجن الرشيد ومعتقلات الموصل، وحضر الصليب الأحمر، وقال سوف نحرركم، ومن هناك نقلونا الى سجن الرمادي ونقلونا بالباصات من الرمادي الى عرعر، وكان استقبالنا من قبل القيادة الكويتية، وعلى رأسهم الشيخ أحمد الحمود الصباح وضعونا في مدرسة في عرعر وقدموا لنا الأكل والماء، ومن عرعر الى مطار الكويت نقلونا بالطائرة ونزلنا في المطار، فحياة الأسر حياة أخرى، وسمعنا خبر بالراديو من لندن ان الأسرى غدا سيطلق سراحهم.
وتم إطلاق سراح من كانوا في البصرة، وكنا نعمل حلقات ودراسة والأكل صمونة يابسة وآكلها مع المرق الملفوف ونعمل شاي ونشرب، وبعد الأسر اشتغلت بالحقل السياسي وكان الكويتيون يدا واحدة والشعب الكويتي يصر على الشرعية الكويتية ولم يختلف الشعب الكويتي فيما بينهم جميعهم التفوا وأحاطوا أمير البلاد وبصوت واحد نريد الحكومة الشرعية لدولتنا، ولذلك حتى القوى السياسية وقعوا على رؤية سميناها «رؤية المستقبل».
الترشح لمجلس الأمة
خاض الصالح غمار العمل السياسي بعد التحرير، وعن ذلك يقول: عام 1992 بعد تحرير الكويت بدأت الترشيحات لعضوية مجلس الأمة وهو أول مجلس بعد الغزو، فرشحت نفسي وعشت المعترك الانتخابي والمطلوب ترشيح مرشحين، وكان ترتيبي الخامس في الدائرة الانتخابية.
بعد ذلك رشحت نفسي تحت مسمى «نائب المؤسسة» يقصد أن النائب يتحول من شخص واحد الى مؤسسة تعينه، وكان ترشيحي في الدائرة الأولى عن الدسمة ولم أنجح مرة ثانية، فتركت الترشيحات ولم أترك كتابة المقال ولا أزال أنشر مقالاتي في جريدة «الأنباء» الغراء، ويشكرون على إتاحة الفرصة والمجال لمقالاتي ومستمر في تأليف الكتب والتجمع السياسي.
وزير دولة
شغل ضيفنا منصب وزير وهو ما يقول عنه: ثقة غالية بأن أعين وزير دولة لمجلس الأمة وهي نقلة - كأنما يقال أنت الذي تكتب ونقترح هذا الدور بيدك مارست عملك، وبالفعل كنت جادا جدا في العمل.
بعض الناس ما يتحملون قضية الفساد الإداري، سلطت السيف عليه والواسطات لا أقبلها، ولكن لا أقبل الواسطة حتى من النواب وودعهم الضيوف عند المصعد وأحد الأصدقاء طلب مني أوظف مواطنا فرفضت.
ان الوزارة ليست فقط وزارة وإنما الاجتماعات والزيارات والاحتفالات، وإن شاء الله أنا حاليا في المرحلة الأخيرة بإصدار كتابي «مذكرات وزير»، وعلى فكرة أن المكتبة الكويتية يقل فيها كتاب التجارب السياسية للسياسيين، لا يوجد أحد ليكتب عن عمله وتجاربه، وأتساءل هنا: لماذا نميت هذه التجارب، لماذا الوزراء والسياسيون لا يكتبون مذكراتهم وهناك أشياء غير معلنة في نطاق القانون مثلا اجتماع مجلس الوزراء أمور سرية، ولكن توجد أشياء يجب أن نتكلم فيها.
وهنا أدعو إخواننا أن يكتبوا مذكراتهم وتجاربهم لكي تطلع عليها الأجيال القادمة بعد الوزارة لا أزال أحنّ للعلم، ففكرت بتقديم الماجستير وبنفس الوقت عينت عضوا في لجنة الوقف الجعفري في وزارة الأوقاف هذا قبل تعييني بالوزارة وتفاعلت أثناء هذا العمل ودخلت لتقديم شهادة الماجستير ببحث الوقف وعنوانها طويل.
وبعد ذلك أكملت شهادة الدكتوراه بعنوان «الأوقاف الجعفرية الكويتية في ظروفها السياسية والاجتماعية» خمسمائة صفحة الجامعة الإسلامية في لندن، وعن الأوقاف وتاريخ الأوقاف في الكويت مثلا أول مسجد يعتبر وقفا، وبعد ذلك مدارس ومساجد وحسينيات، وكانت توجد أوقاف للسود كانوا يوقفون ووقف «العشياء» يخرجون العشاء وعندنا وقف البقشة نتاج المزارع في الدول المجاورة.
الخادمة وزوجها
كانت عندنا خادمة أشرفت على تربية أولادي وطلبت مني إحضار زوجها وبعد أن حضر عرضت عليه شراء سيارة نساف يعمل عليها مناصفة وبالفعل أحضرت السيارة واشتغل عليها والحمد لله استفدت.
عمل الوالد بالتجارة
يتناول الصالح لقطات من حياة والده وعمله فيقول: بداية عمله الحكومي في شركة نفط الكويت بالاحمدي وتعلم تمديد وتركيب الاسلاك الكهربائية وبدأ يعمل بتلك المهنة وباشر أيضا عمله بتمديد كهرباء دسمان وبعد سنوات فتح له محلا لبيع الادوات الكهربائية مع بداية النهضة الحديثة وطور عمله لبيع الملابس النسائية والاطفال في سوق المباركية قريبا من سوق الخضرة وتعاون مع الحاج حمزة العوضي، وكنت أشاهد المدرسات يدخلن المحل لشراء الملابس وهن لابسات العباءة، وأذكر أن مدرستي دخلت المحل فاختبأت خلف الطاولة بالمحل واستمر الوالد في العمل.
والبيت العائلة مشترك بين الوالد والعمام، هكذا كانت العائلات قديما يسكنون مع بعضهم بعضا وقريب من بيت العائلة بيت جدي لأمي، ويوجد خباز قريب من بيتنا وكنت أشتري الخبز وأذهب حافي القدمين والأرض حارة من حرارة الشمس أيضا بالقرب من بيتنا «نداف» الذي يصنع المخدات وفراش النوم، والمطارح.
وبالقرب منا المطبة وكنت أذهب الى سماع المالد (قراءات دينية) وأذهب الى دروازة العبدالرزاق وسوق بن دعيج والاسواق القريبة.
العمل التجاري
وعن نشاطه في ميدان التجارة التي بها تسعة أعشار الرزق، يقول الصالح: تعلمت العمل التجاري وخاصة مع خالي حسين بالصيف فبدأت بشراء الفوط (المناشف) والجو حار ورطب جدا وأبيعها والساحة الموجود فيها ماء السبيل لعائلة الدعيج كان يقف فيها بعض المهرة أبناء اليمن، فوقفت معهم أبيع المناشف وخاصة يوم الرطوبة وبعت الكثير وحصلت على أرباح ومن ثم تعلمت شراء علب الأناناس ماركة طائر الطاووس أشتري بالكرتون وطورت العمل لبيع السجائر ومنها سجائر الفايسروي وأبوقوان واللوكي جميعها حاليا انقطعت، العلبة بطرفها كبريت فالمدخن يسحب السيجارة فوق العلبة ويولعها، وبعت الكثير.
وفي آخر العمل التجاري وأنا في مرحلة الشباب شاهدت خالي حسين يعمل في البريد فسألته كيف هذا العمل وكيف ألتحق به؟
العمل بالبريد
لعمله في البريد قصة يحكيها ضيفنا قائلا: قال خالي خذ ورقة بيضاء واكتب لمدير البريد بأنك ترغب في العمل وقدمها له، وبالفعل فعلت مثلما قال لي خالي وكان مقر الوزارة آخر شارع فهد السالم حاليا مكاتب البريد، وكنت أستخدم الدراجة، أول من استقبلني وأخذ مني الكتاب الشاعر والأديب المرحوم خالد سعود الزيد وكل مرة يعطيني موعدا حتى تم قبولي، وكنت شابا وكان في الصيف.
وعينت في بريد الصفاة وكان المسؤول عبدالرحمن العوضي وخصص وانيت أحمر يوصلني من البيت الى العمل واشتغلت حتى نهاية العطلة الصيفية، وبعد ذلك ذهبت الى «الداخلية» للعمل وقابلت عبداللطيف الثويني وقبلت بالعمل واشتغلت موظفا وعينت في جوازات مبنى في بنيد القار وعملي تجديد الجوازات وختمها وبعد ذلك أخذت الاتجاه السياسي، والدي كان مشغولا بالعمل التجاري، ولكن كنت بعلاقة مع خوالي وقدمت استقالتي من الداخلية واستمررت في الدراسة.
الأندية الصيفية
يتطرق الصالح الى الاندية الصيفية بالقول: أذكر أن أحد الطلبة أراد أن يلتحق بقسم الموسيقى فقال له المدرس أي آلة تريد، فقال العود وأعطاه العود وقطع الأوتار أثناء الضرب عليه وأعطاه آلة صفير (كركاشة) وكنت من ضمن الطلبة في الاندية ولكن لم أستطع أن أعزف أي شيء، وعندنا مادة الاشغال بالمدرسة وشاركت فيها.
كرة القدم
عن ممارسته الرياضة، يقول الصالح: مارست كرة القدم، البداية كانت بالفريج مع أبناء الفريج وكنا مجموعة من الشباب وكونا فريقا لكرة القدم وما كنت «شاطر» وكنت حارس مرمى ولكن الاهداف كانت تمر، وعندنا الالعاب الشعبية أيضا لعبتها مثل المقصي والتيلة والهول وأمها وأبوها في سكة الصاغة وكنت أشاهد الصاغة مثل عبدالحسين الصالح ومحمد الصالح، السيوف يطلونها بالذهب ونحن نلعب بالسيوف من الخشب، واستمررت في اللعب وكذلك شاركت في فريق المدرسة وخاصة في الثانوية لعبت مع فريق المدرسة... وكنت مشاركا معهم ولا أتخلف عن زملائي وأحببت كرة القدم.
وكنت أذهب الى البحر للحداق وفي إحدى المرات صدت سمكة البالول وكانت فرحتي كبيرة وكنت أذهب الى الفرضة نحصل على فواكه، وأذهب مع الاصدقاء الى ساحل بحر البنيدر بالسيارات والبر خال من دون شاليهات، هذه حياة الصبا والوناسة.