السنوات الأخيرة من الانتخابات البرلمانية بالكويت تمر أحداثها تقليدية، ولا جديد فيها، ومع الجائحة فالحال أكثر كآبة، لكن هذا لا يعني عدم وجود استثناءات، ففي انتخابات مجلس الأمة 1985، لمع الاقتصادي جاسم السعدون بأطروحات لافتة جعلته نجما، وبعده ظهر د.عبدالله الشايجي في انتخابات 1992، وكان حينها رئيسا لقسم العلوم السياسية في جامعة الكويت، فوقتها جعل قسمه مكانا لندوات سياسية عامرة بالفائدة، اختتمها بلقاء تلفزيوني مع الراحل سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله، رد فيه على كل ما أثاره مرشحون في ندواتهم.
وفي انتخابات 2020 (زمن كورونا)، الأوضاع أكثر كآبة، بسبب الإجراءات الاحترازية، لكن مرشح الدائرة الثالثة باسل الجاسر، يبدو أنه كسر قالب الجليد، وبرز كواحد من نجوم الساحة، من خلال طرح يحقق ما ننتظره من أطروحات عملية للمرشحين، وليس كلاما يطلق في الهواء، لا يسمن ولا يغني من جوع، فـ «أبو تركي»، أول ما بدأه كان إبراء ذمته المالية، وتعزيز شفافيته، من خلال دعوى قضائية لإلغاء المعاشات الاستثنائية لأعضاء مجلس الأمة، ولم يكتف بتصريح أو ندوة يقول فيها إن هذه المعاشات غير دستورية، إبراء للذمة، أو ذر الرماد في العيون.
وإذا كـــان البــعض يتساءل في المجالس عن إعلانات مليونية في الشـــوارع، يضعها مرشحون في مختـــلف طرقات دوائرهم، فإن باسل الجاسر، كــــان واضـــحا وصريحا أكثر ممن اكتفى بالسؤال والاستغراب فقط.. فهو رفض هذه الإعلانات، واكتفى بإعلانات صغيرة توضع على الأرض، فمن بذخ وأسرف في إعلانات تكلف ملايين الدنانير، ربما سيكون بعيدا عن هموم المواطنين، وإذا وصل إلى البرلمان قد يسعى الى استرجاع ما صرفه وأكثر، وهذا يعكس حرص الجاسر على الوضوح والنقاء أمام ناخبيه.. وهذا ديدن كل المخلصين.
نعم، المرشح لانتخابات مجلس الأمة لا يجب أن يكون مجرد ميكروفونا أو تصريحا صحافيا أو تغريدات يطلقها، بل قول وفعل، يبرهن حمايته للمال العام، وتصديه للفساد، ومقاومته المفسدين مهما كانوا وأينما حلوا، لذلك ليس مستغربا على باسل الجاسر بلاغه للنيابة العامة عن تجاوزات الحاويات لمنع السرقة والاعتداء على أموال البلد، ووقفه اعتداءات متنفذين على ساحات الواجهة البحرية أيام عضويته في المجلس البلدي، ونجاحه في خلقه نظام بناء السكن الذي قضى فيه على تنفيع هذا وذاك، على حساب مستحقين من المواطنين.
هذه الكلمات البسيطة، ليست دعاية أو ترويجا لباسل الجاسر، بل تعزيز لمفاهيم وأصول، من الضروري أن يتصف بها المرشح في كل الدوائر، فالكويت ليست بحاجة إلى خطباء وألسنة تحت قبة البرلمان، بل فعل صادق، وقول لا يخاف في الله لومة لائم، وضمائر حية، ويد نظيفة، وثوب أبيض لا يتلطخ بشبهة أو مخالفات، إن كان مرشحونا هكذا، فحتما ستعود الكويت عروس الخليج من جديد.