بيروت ـ عمر حبنجر
تخطى الرئيس المكلف سعد الحريري تحفظاته وانتقاداته كافة لرئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وزاره في السراي الحكومي ظهر أمس، معلنا رفضه الادعاء على رئيس حكومة تصريف الاعمال من جانب المحقق العدلي فادي صوان بشبهة المسؤولية عن عدم متابعة التقارير التي رفعها المسؤولون الأمنيون في مرفأ بيروت عن خطورة مادة نيترات الأمنيوم التي فجرت المرفأ في 4 أغسطس الماضي وأوقعت 200 ضحية و5000 جريح وتدمير الأحياء الشرقية من بيروت.
وكان دياب في استقبال الحريري على باب السراي، والذي بعد محادثات قصيرة صرح من منبر أعد على عجل قائلا: نرفض الادعاء على الرئيس دياب والدستور واضح، فرؤساء الحكومات يحاكمون امام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء (هيئة نيابية وقضائية مشتركة يفضي نظامها المعقد الى استحالة ملاحقة اي رئيس او وزير دون موافقة ثلثي اعضاء مجلس النواب).
وأكد الحريري على حق الشعب اللبناني بأن يعرف الحقيقة، وبالتحديد من أدخل باخرة النيترات الى مرفأ بيروت وغطى عليها، لكن التعدي على الدستور والادعاء على رئاسة الحكومة مرفوض، وقد أتيت لكي أعبر عن رفضي المطلق للخرق الدستوري الواضح والفاضح الذي ارتكبه القاضي بالادعاء على رئيس الحكومة وللتضامن مع دياب والوقوف معه.
في هذا السياق، قال وزير الدفاع السابق النائب إلياس بوصعب، في مداخلة تلفزيونية مع الاعلامي مارسيل غانم، «انه يتعين معرفة كيفية دعوة الباخرة الروسية الناقلة للنيترات الى مرفأ بيروت لتنقل معدات حفر بطلب من وزارة الطاقة، الى الأردن».
والمعروف ان وزير الطاقة يوم ذلك كان جبران باسيل.
يذكر ان ثلاثة رؤساء حكومات مروا والنيترات مخزونة في مرفأ بيروت، وهم تمام سلام وسعد الحريري وحسان دياب، وقد انتفض الجميع ضد ملاحقة دياب، وثلاثة وزراء سابقين، بداعي احترام مقام رئاسة الحكومة، وضمنا لتجنب وصول المحقق اليهم.
وكان الرئيس حسان دياب أجاب على دعوة المحقق العدلي سريعا، متهما القاضي صوان بخرق الدستور وتجاوز مجلس النواب، ووضع الادعاء في خانة استهداف موقع رئاسة الحكومة، مشددا على انه لن يسمح به، من أي جهة أتى، وانه قال ما عنده في هذا الملف ونقطة على السطر.
وقال دياب، في رده، انه مرتاح الضمير في تعامله مع الانفجار في المرفأ، مستغربا الاستهداف الذي يتجاوز الشخصي الى الموقع.. ما يوحي بامتناعه عن استقبال المحقق العدلي في مكتبه يوم الاثنين كما هي القاعدة عند استجواب أحد رؤساء الجمهورية او المجلس او الحكومة.
مجلس القضاء الأعلى وقف الى جانب المحقق العدلي، مشددا على ان التحقيق في انفجار المرفأ يتم بدقة وباحترام الأصول، وكذلك فعل نقيب المحامين في بيروت ملحم خلف، علما ان الوزراء الثلاثة المدعى عليهم محامون.
بدوره، قال الرئيس نجيب ميقاتي ان «العدالة لا تستقيم بمكيالين ومن حق ذوي ضحايا تفجير المرفأ معرفة الحقيقة ومحاسبة الضالعين في الجريمة، فكيف يمكن اعتماد الانتقائية في الملاحقة وإغفال ما قاله رئيس الجمهورية من أنه قرأ التقارير التي تحذر من وجود مواد خطرة بالمرفأ»، مشددا على ان «الحق كل لا يتجزأ وليس استهداف أشخاص بعينهم افتراء».
وغرد الرئيس تمام سلام في حسابه على تويتر بالقول: رئاسة مجلس الوزراء ليست مكسر عصا لأي كان.
واصدر مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان بيانا جاء فيه: إن الادعاء على مقام رئاسة الحكومة هو استهداف سياسي غير مقبول وتجاوز للدستور ولقانون محاكمة الرؤساء والوزراء السابقين، فالكل مسؤول في هذا الحادث المفجع.
بدوره، حزب الله قال نحن على «تأييدنا المبدئي والتام للتحقيق القضائي النزيه والشفاف في جريمة انفجار المرفأ المروعة، ويتعين ملاحقة كل الجهات او الافراد المسؤولين عنها أي كانوا، ومحاكمتهم وانزال اقسى الاحكام والعقوبات بحقهم، دون اي استهداف سياسي».
واضاف «نحرص على حق الشعب اللبناني بمعرفة الحقيقة الكاملة في الجريمة ابتداء من وصول سفينة المواد المتفجرة الى المرفأ والجهات التي تملكها ومعرفة الوجهة النهائية لهذه الشحنة، واسباب بقائها كل تلك السنوات في عنابر المرفأ، وصولا الى اسباب الانفجار».
كما أكد حرصه «أن تكون جميع الإجراءات التي يتخذها قاضي التحقيق بعيدة عن السياسة والغرض، مطابقة لأحكام الدستور، غير قابلة للاجتهاد او التأويل أو التفسير، وان يتم الادعاء على اسس منطقية وقانونية، وهذا ما لم نجده في الاجراءات الاخيرة»، معلنا رفضه «بشكل قاطع غياب المعايير الموحدة والتي أدت الى ما نعتقده استهدافا سياسيا طال اشخاصا وتجاهل آخرين دون ميزان حق، وحمل شبهة الجريمة لأناس واستبعد آخرين دون مقياس عدل، وهذا سيؤدي مع الاسف الى تأخير التحقيق والمحاكمة بدلا من الوصول الى حكم قضائي مبرم وعادل».
وزير الاشغال السابق غازي زعيتر قال في مؤتمر صحافي انه كوزير اشغال لم يكن على علم بالمواد الموجودة في المرفأ وبدخول السفينة، لأن وزير الاشغال لا يطلع على ذلك، وقد علم بالأمر عندما تلقى كتابا من السفارة الروسية تسأل عن الباخرة وفريق العمل فيها، وقد حولت الكتاب الى الجهات المختصة، ولم اتهرب من المسؤولية، والامر متروك للقضاء والاصول الدستورية، وقيل له انك تقول لست على علم بحمولة الباخرة، علما ان ابنك محام في مكتب بارودي للمحاماة وكيل الباخرة، فأكد على عدم علمه، وقال ان وجود نجله كمحام متدرج في مكتب بارودي لا يوجب ان يعلم هو او انا بالامر، وتعرض زعيتر للمحقق العدلي ناسبا اليه ارتكاب مخالفة دستورية خارقة.
«اللقاء التشاوري» التقى سنيّا مع دياب ورأى في قرار الادعاء عليه بجرم الإهمال والتقصير قرارا مريبا ومشوبا بالخفة والارتجال، ودعا الى محاسبة الجميع من دون خطوط حمر ودون انتقائية او كيدية، كما يعلن شجبه استسهال المس بموقع رئاسة الوزراء باعتبار ان شاغله ليس من أمراء الطوائف.
والى اللقاء التشاوري، وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال رمزي مشرفية، المحسوب على النائب طلال ارسلان، تضامن مع رئيس حكومته، وقال: ان حسان دياب ليس لقمة سائغة ولا فشة خلق لأحد. كذلك فعل وزير الداخلية العميد محمد فهمي الذي قال «الرئيس دياب له في القصر من مبارح العصر».
النائب السابق فارس سعيد غرد مؤيدا خطوة المحقق العدلي، متمنيا لو انه كمل معروفه واستدعى الرئيس ميشال عون أيضا.
لكن صحيفة «الديار» القريبة من بعبدا، قالت ان رئيس الجمهورية لا يمكن محاكمته، بسبب وضعه الخاص، ولا يمكن محاكمته الا امام مجلس النواب.
وكان الرئيس عون اعترف بتلقيه تقريرا حول وجود النيترات الخطرة في مرفأ بيروت وأحاله الى المجلس الأعلى للدفاع، وقال انه ليس من صلاحياته متابعة الأمور التنفيذية.
وتقول مصادر سياسية متابعة لـ «الأنباء» ان قاضي التحقيق العدلي فادي صوان، مُصرّ على كشف الحقيقة، ولن يستثني أحدا.
وفي القانون، اذا تبلغ اي شخص مستدعى الى قاضي التحقيق ولا يحضر رغم تبلغه، يواجه صدور مذكرة توقيف غيابية بحقه، علما ان الرئيس دياب والوزراء الثلاثة (غازي زعيتر ويوسف فنيانوس وعلي حسن خليل) لم يتبلغوا الدعوة شخصيا الى التحقيق المحدد موعده ايام الاثنين والثلاثاء والاربعاء المقبلة.