لم تكن عوامل التجوية والتعرية هي المسؤولة عما يعيشه أبناء الكويت شيبا وشبابا تحت زحف الغبار القاتل لصحة المواطن صاحب الطموحات والأمل بالمستقبل، أدرك تماما أن هناك أسبابا مناخية عالمية، وطبيعة طقسنا المحلي متقلبة لكن لم تخدمنا تلك القرارات المعطلة التي تفاقمت، وما نجنيه من آثارها السلبية على المواطن ومفاصل الدولة الحيوية منذ عشرات السنين.
لقد ظل التجاهل لدعوات وتوصيات القيادة السياسية في دفع عجلة التنمية.. معطلا والذي لا نستطيع أن نصفه باللامقصود بل إنه تجاهل المسؤول اللامسؤول ومثاله.. عما يعانيه أبناء الوطن جراء التلوث البيئي وجر البلاد نحو الهاوية الصحية وغيرها، لتتراجع الكويت في أغلب المؤشرات القياسية الدالة على حضارة الدولة وانتظام مؤسساتها.
ولعلي ككاتب كويتي أعيش كالعين الراصدة على الحدث المحلي والإنساني والدولي، ولا «يزعلون مني» أذكر المعنيين بالهيئة العامة للبيئة والزراعة بغياب الخطط الحقيقية لعشرات السنين، وأين كانوا.. وأين هم الآن.. من توصيات أمير القلوب الراحل الشيخ جابر الأحمد، رحمة الله عليه، عندما أمر بتخضير الكويت فنهض الجميع للزراعة والاهتمام بالشجر، فكنا نرى شوارعنا مخضرة على الجانبين، وبدأت الزراعة تنتشر في أرجاء الكويت، وكمواطنين توسمنا خيرا كثيرا، وحينها طمأنتنا الجهات المعنية بالاهتمام بخلق وتشكيل المصدات الهوائية الشجرية، لمكافحة التصحر والزحف الرملي وحماية الحدود والمناطق في الكويت.
لقد كان مشروع التخضير حلما بيئيا كويتيا.. ومازال المشروع المستحق لرغبة سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله.. حينها ركزت الرغبة السامية على مرتكزات أعلنت عنها إدارات الاختصاص في معهد الأبحاث، وأهمها رفع مستوى الوعي البيئي الكويتي، ونشر ثقافة التخضير، والمحافظة على البيئة، وزيادة المساحات الخضراء، والحد من عوامل التصحر، والمساهمة في وضع إستراتيجية للأمن الغذائي في الكويت من خلال زراعة أجود أنواع النخيل، أعود لأتساءل: ماذا حققت الهيئة العامة للبيئة في الكويت من هذه المرتكزات الضرورية لدفع العواصف والأتربة التي ملأت أنوفنا وصدور أبنائنا وأطفالنا منذ أسبوع على الأقل؟.
هذا ونحن في مناسبة اليوم العالمي لمكافحة التصحر، ماذا عساي أن أقول إلا أن أستنهضكم بالتكاتف سريعا وعاجلا، لإحياء مشروع تخضير الكويت والمحافظة عليها وجها حضاريا مشرقا جوا وبحرا وبرا، فكما اجتهدنا اليوم في بناء الفنادق والمنتجعات العصرية حول الشواطئ لتشجيع السياحة، علينا بناء المجمعات الزراعية ورسم خريطة بيئية جديدة لتحسين البيئة العامة للجو الذي يؤثر على نفسية المواطن المنهارة من تعطيل التنمية بسبب التجاذبات السياسية بين السلطتين.
وبالاحتفال السنوي ما بين اليوم العالمي للتصحر في 17 من يونيو، ويوم الاستقلال الكويتي في 19 من يونيو 1962 من كل عام.
أقول: لقد ابتعدنا كثيرا عن استقلالنا بالأمس من جهة تحقيق طموحات وتطلعات الشعب وما بين جهود السلطتين في ضمان حقه في بيئة نظيفة آمنة كما نص عليه الدستور الكويتي.
ومع احتفال الكويت في 19 من يونيو بيوم الاستقلال، ما أحوجنا للاستقلال عن المآرب الشخصية إزاء المصالح الوطنية، وما أحوجنا إلى إستراتيجية لمستقبل يضمن رفاهية الأجيال القادمة في ظل البيئة الآمنة سواء الصحية أو التعليمية أو الاقتصادية أو الاجتماعية والبيئية.
[email protected]