الإنسان كائن ضعيف، لاحول له ولا قوة، وهو عرضة للهم والغم والمصائب والمحن، وما من أحد في هذه الدنيا إلا وتعرض إلى أزمة وشدة، ومع ذلك فالناس أجناس، فهناك من يصبر ويسلم أمره إلى الله تعالى، وهناك من يجزع ويظن أن أبواب الفرج سدت في وجهه، وفرق كبير بين الأول والثاني، ولو تأملنا الأزمة التي تمر بها البلاد وحللنا أسبابها لأيقنا أنها ستنجلي عاجلا أو آجل وأنها ستزول، فما من مشكلة مهما استصعبت إلا ولها حل، وما من شك أن الأمور ستعود كما كانت، وربما تكون أفضل مما كانت عليه، فالعسر مقرون باليسر، ولن يغلب عسر يسرين، المهم أن نتفاهم ونرمي خلافاتنا وراء ظهورنا وتكون نقطة حوارنا مصلحة الكويت، وإذا سرنا على هذا النهج سنجد الحل الأنسب، وتنتهي الأزمة وتسير عجلة التنمية خاصة أن الكويت بدأت تتعافى اقتصاديا شيئا فشيئا، وقد مررنا بتجارب مريرة كان الحل الأنجع لها الحوار والتفاهم، ولو نظرنا حولنا لوجدنا أننا أفضل من غيرنا بكثير، ولنا فيمن سبقنا العبرة والعظة، وأعود لما بدأته وأقول أن الصبر مقرون بالظفر ولله در إبراهيم بن العباس الصولي حيث يقول:
ولرب نازلة يضيق بها الفتى
ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فرجت وكنت أظنها لا تفرج
والأمثلة على ذلك كثيرة، فهذا ابن النحوي يوسف بن محمد بن يوسف التوزي، وهو من الصالحين، صادر والي توز أمواله ظلما وعدوانا حتى جعله صفر اليدين فخرج إلى الجزائر وأقام في مسجد بني حماد بالمسيلة وترك أهله بلا مال، فرأى الوالي الظالم رؤيا أفزعته فبعث لابن النحوي وأعاده إلى بلدته ورد عليه أمواله واعتذر له وطلب منه أن يحلله، لأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه وطلب منه أن يعيد ابن النحوي لبلدته ويرد له أمواله ففعل الوالي، وكان ابن النحوي مستجاب الدعوة، وقد سأله الوالي عن وسيلته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه قال قصيدة أسماها المنفرجة يقول في بعض أبياتها:
اشتدي أزمة تنفرجي
قد آذن ليلك بالبلح
وظلام الليل له سرج
حتى يغشاه أبو السرج
وسحاب الخير له مطر
فإذا جاء الإبان يجي
وفوائد مولانا جمل
لسروج الأنفس والمهج
ولها إرج محي أبدا
فاقصد محيا ذاك الأرج
فلا تأسف على ما فاتك، فلعل القادم أفضل، واعلم أن مع العسر يسرا وتوكل على الله ولعلنا نكره شيئا وفيه الخير الكثير لنا ونحن لا نعلم، فهي مشيئة الله تعالى وأمره وتدبيره وما نحن إلا طوع أمره.