- الاستقرار المالي والنقدي للبلاد غير قابل للاستدامة ما لم يدعم بالاستقرار الاقتصادي الكامل
- مريم عبدالسلام: القطاع المصرفي حافظ على مستويات متدنية للقروض غير المنتظمة عند 2%
- المستثمر المحلي بدأ يهرب من الكويت.. لعدم وجود فرص تسويقية وتكدس الأموال بالبنوك
- هيا الحميدي: الأزمة شكلت اختباراً حقيقياً لمتانة البنوك الكويتية.. واجتازت عامها الأول بنجاح
طارق عرابي
قال محافظ بنك الكويت المركزي د.محمد الهاشل إن الكويت تحتاج إلى إصلاحات عاجلة لتقف أوضاعها المالية على أرضية أكثر استمرارية، إذ إن الأدوات النقدية غير كافية لمواجهة التحديات الهيكلية، مشددا على ضرورة وجود إصلاحات لمعالجة الاختلالات، وذلك في ظل وجود شلل اقتصادي وسياسي يلقي بتبعات جسيمة، مضيفا أن الاستقرار المالي والنقدي غير قابل للاستدامة ما لم يدعم بالاستقرار الاقتصادي الكامل.
وأكد د.الهاشل خلال الملتقى الذي عقدة البنك المركزي، أمس حول الإصدار التاسع من تقرير الاستقرار المالي لعام 2020، على أن الكويت بحاجة إلى خطة معالجة شاملة لتنويع الاقتصاد وخلق وظائف للمواطنين الكويتيين، خاصة أن لدينا نحو 20 إلى 25 ألف خريج سنويا، لذا يجب تمكين القطاع الخاص حتى يستطيع النمو وأن يستقطب المواطنين، كما يجب إصلاح المؤسسة التعليمية حتى تستطيع تخريج الكفاءات القادرة على مواكبة التطورات.
انعدام اليقين
وأضاف أنه في ضوء تسارع مستجدات الجائحة وتوالي موجاتها، وتحورات الفيروس، وتداعيات كل ذلك على الاقتصاد، فقد بلغت حالة انعدام اليقين مستويات لم نشهدها من قبل، حتى في الأزمة المالية العالمية، لدرجة اضطرت معها حتى المؤسسات الاقتصادية الدولية، مثل صندوق النقد الدولي، إلى إخضاع توقعاتها لمعدل نمو الناتج العالمي لمراجعات وتعديلات متكررة، وصعبت حالة انعدام اليقين مهمة واضعي السياسات المالية والنقدية والاقتصادية في اتخاذ قرارات فعالة ووضع خطط للتخفيف من التداعيات الحادة للجائحة التي أدت إلى تدهور في النشاط الاقتصادي وخسائر فادحة في الوظائف. ويدل على ذلك الانكماش في الناتج الإجمالي العالمي بنسبة 3.3% أي ما يقارب 5 أضعاف الانكماش اثناء الأزمة العالمية في 2008، فيما بلغت مستويات البطالة في الولايات المتحدة الأميركية ـ على سبيل المثال ـ مستويات مرتفعة وصلت إلى 14.7%.
وأكد د.الهاشل على أن المعضلة الكبرى التي تواجه عمل البنوك في الكويت هو عدم تنوع الاقتصاد، وعدم وجود بيئة تشغيلية تنافسية تستقطب المستثمر الأجنبي، ناهيك عن القوانين الطاردة والبيروقراطية المهلكة، بينما نجد المحفزات الكبيرة في الإمارات والسعودية للمستثمر المحلي والأجنبي على السواء.
وأضاف أن المستثمر المحلي بدأ يهرب من الكويت، خاصة أن البنوك متخمة بالأموال التي لا تجد لها سبيلا، حتى أن البنوك المركزية قامت بضخ سيولة خلال جائحة «كوفيد»، بينما كان «المركزي الكويتي» يعمل على امتصاص السيولة بنسبة زادت 23% عن 2019، وذلك كله بسبب عدم وجود فرص تسويقية إلى جانب تكدس الأموال لدى البنوك.
وبالعودة إلى تقرير الاستقرار المالي، ذكر د.الهاشل أن الأزمة على المستوى المحلي كانت صدمة مزدوجة، فمن جانب كانت مواجهة تداعيات الجائحة تتطلب مزيدا من الإنفاق لتوفير احتياجات القطاع الطبي وتوفير السلع الاستراتيجية ولتخفيف تداعيات الإغلاق على القطاعات المختلفة ودعم الشرائح الأكثر احتياجا، ومن الجانب المقابل كانت الإيرادات تنخفض نتيجة تدني أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة بلغ معها نفط غرب تكساس (WTI) مستويات سالبة للمرة الأولى في التاريخ وذلك في أبريل 2020.
وأضاف أنه لتقدير حجم هذه الصدمة المزدوجة يجب النظر إلى أسعار النفط الخام الكويتي والتي وصلت إلى أدنى مستوياتها في ابريل 2020، والعجز المقدر لعام 2020/2021 الذي بلغ 10.8 مليارات دينار، أي ما نسبته 29% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي الأعلى بتاريخ الكويت من حيث القيمة، ما يسلط الضوء مجددا على اتكال اقتصادنا التام على الإيرادات النفطية، ويعيد التذكير بالاختلالات المالية والاقتصادية والهيكلية المتجذرة وضرورة المسارعة إلى معالجتها.
إجراءات استباقية
وتناول المحافظ دور بنك الكويت المركزي وإجراءاته الاستباقية التي بادر باتخاذها منذ مارس 2020 لمواجهة التداعيات المحتملة للجائحة، وقدم أمثلة على هذه التدابير والإجراءات من أبرزها تخفيض سعر الخصم في مارس 2020 ليصل إلى مستوى هو الأدنى تاريخيا عند نسبة 1.5% والإفراج عن المصدة الرأسمالية التحوطية للقطاع المصرفي مما أدى إلى خفض كلفة التمويل وتوسيع المساحة الإقراضية للقطاع المصرفي بهدف تمكين القطاع من مواصلة دور الوساطة المالية الذي تزداد أهميته في مثل هذه الظروف الاقتصادية الضاغطة.
وأشار إلى أن هذه التدابير تأتي في أعقاب عقد من جهود بنك الكويت المركزي لتعزيز الاستقرار النقدي والاستقرار المالي عبر تبني سياسات تحوطية حصيفة عززت متانة القطاع المصرفي ومكنته من دخول هذه الأزمة من موقع قوة.
وأكد د.الهاشل على أن «المركزي» لم يفتر منذ العام 2008 وحتى يومنا هذا لبحث جوانب قانون ضمان الودائع، حيث بقي البنك «كل يوم في شأن»، حيث بذل البنك جهدا كبيرا للوصول إلى ما وصل إليه ولتحقيق هذه الإنجازات.
وأضاف: عملنا في خط موازٍ مع صندوق النقد الدولي مبكرا وقبل أكثر من 5 سنوات لوضع قانون متكامل لتأمين الودائع، لكن البنك اصطدم بعدد من المعوقات القانونية والدستورية، كان أبرزها أن هذه القوانين تتطلب أن يكون القرار المتخذ من السلطة الرقابية النقدية المعنية بهذا الموضوع نهائي ولا رجعة فيه، بمعنى أنه في حال إغلاق بنك وسحب رخصته تتدخل تأمين الودائع وتبدأ بأخذ حقوق المساهمين وغيره من الاولويات، لكن البيئة القانونية لدينا لا تسمح بهذا الشيء، فحق التقاضي مكفول للجميع.
مواصلة النمو
في السياق ذاته، قدمت نائب مدير مكتب الاستقرار المالي في بنك الكويت المركزي مريم عبدالسلام عرضا لتطور المركز المالي للقطاع المصرفي وأبرز مؤشرات السلامة المالية للقطاع، حيث أوضحت في بداية حديثها بأن تقرير الاستقرار المالي قد ركز على تحليل البنوك الكويتية على المستوى المجمع.
وأفادت بأنه على عكس الأزمات السابقة التي كانت البنوك فيها بحاجة لتلقي الدعم، وفي بعض الأحيان تساهم في تفاقم آثار الصدمات الأولية بحكم أنها مرآة عاكسة للوحدات الاقتصادية وأوضاعها المالية، لعبت البنوك خلال جائحة كورونا دورا داعما ورئيسيا في التعافي الاقتصادي ومواجهة أزمة السيولة الشديدة مدعومة بالسياسات الرقابية الحصيفة المطبقة على مدار العقد الماضي.
وأشارت إلى أنه على الرغم من انكماش الناتج المحلي الإجمالي للكويت تأثرا بالجائحة، واصل القطاع المصرفي النمو بنسبة 2.9% على أساس سنوي ليصل إجمالي الأصول إلى 85.4 مليار دينار، فيما شهدت الودائع زيادة بنسبة 4.1% رغم تدني سعر الخصم إلى مستويات قياسية لتصل ودائع النظام المصرفي لأعلى مستوى لها بمبلغ 61 مليار دينار، 78.1% منها من مصادر محلية، مما يعكس ثقة الجمهور في البنوك المحلية.
القروض غير المنتظمة
وأشارت عبدالسلام إلى محافظة القطاع على مستويات متدنية من القروض غير المنتظمة عند 2% بفضل قدرة البنوك على شطب تلك القروض عبر استخدام المخصصات التي بنتها على مدى العقد الماضي، حيث مازال القطاع المصرفي ورغم عمليات الشطب يتمتع بمعدل تغطية مرتفع عند 222%، وأشارت في هذا الشأن إلى تمتع القطاع المصرفي بمعدلات سيولة صحية تتخطى المتطلبات الرقابية، حيث بلغ معيار تغطية السيولة 184% (مقابل 100% كحد أدنى) في حين بلغ معيار صافي التمويل المستقر 115% (مقابل 100% كحد أدنى) أما نسبة السيولة الرقابية فبلغت 27.5% (مقابل 18% كحد أدنى).
نمو الأرباح
أما مديرة مكتب الاستقرار المالي هيا بندر الحميدي فقد ذكرت أنه رغم تحديات البيئة التشغيلية من إغلاق وحظر وتوقف للأعمال وتراجع في الإيرادات العقارية والتي بلا شك لها أثر على انتظام عملاء القطاع المصرفي وبالتبعية ارتفاع التعثر، فضلا عن تأجيل أقساط التمويل الشخصي ومعدلات الفائدة الأدنى تاريخيا، واصلت البنوك الكويتية تحقيق أرباح جيدة وأنهت العام بكفاية رأسمالية عالية.
وأشارت الى أن إجمالي الأرباح الصافية للمساهمين بلغ نحو 455 مليون دينار، وارتفع معيار كفاية رأس المال ليصل إلى 19%، وعلى الرغم من قيام بنك الكويت المركزي بالإفراج عن المصدة الرأسمالية التحوطية إلا أن القطاع لم يلجأ لاستخدامها واستمر في القيام بدوره في الاقتصاد المحلي.
وذكرت أن الأزمة شكلت اختبارا حقيقيا لمتانة القطاع المصرفي، ورغم اجتياز القطاع السنة الأولى من الأزمة بنجاح، إلا أن بنك الكويت المركزي حريص على الاطمئنان إلى استمرارية هذه الإنجازات التي تحققت للقطاع، لذلك استمر البنك المركزي في إجراء اختبارات الضغط على نحو ربع سنوي، وعكف البنك المركزي خلال العام الماضي وبالتعاون مع جهة استشارية عالمية على تطوير تلك الاختبارات لتتماشى مع التحديات الجديدة والمتغيرة في الاقتصاد المحلي والعالمي.
فاروق بستكي: توجّه عالمي لتمويل ودعم القطاعات الصديقة للبيئة
قال العضو المنتدب في الهيئة العامة للاستثمار فاروق بستكي إنه يجب التركيز على التوجه العالمي الحالي لجهات التمويل في دعم القطاعات الصديقة للبيئة، مع التشديد على عدم تمويل المشاريع النفطية، وهو الأمر الذي سيؤثر سلبيا على القطاع النفطي الكويتي.
وأشار إلى وجود رأيين لجهات التمويل، الأول يدعو إلى عدم تمويل القطاع النفطي، والآخر يدعو إلى رفع فائدة التمويل لهذا القطاع، وذلك بسبب ارتفاع نسب التلوث والكربون بسبب الصناعات النفطية.
وفاء القطامي: تخفيض التصنيف الائتماني مستمر.. مع غياب خطط الإصلاح
قالت عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت وفاء القطامي إنه ما لم تكن هناك خطة للاصلاحات الحكومية وبرنامج عمل لتطبيق هذه الاصلاحات، فربما استمر تخفيض التصنيف الائتماني للكويت. وقالت إن الحديث عن تنويع الدخل في الكويت كان منذ أكثر من 20 سنة، لكن لم يتغير أي شيء حتى يومنا هذا، فمازالت نحو 90% من الرواتب تدفع من دخل النفط، وليس هناك أي إجراءات حكومية تصحيحية لهذا الوضع.
إشادات بدور «المركزي» خلال «كورونا»
أشاد حضور الملتقى بالدور الكبير الذي يلعبه بنك الكويت المركزي في سبيل الحفاظ على الاستقرار المالي في الكويت، لاسيما في ظل جائحة فيروس كورونا التي ضربت العالم خلال العام الماضي وتواصلت آثارها خلال العام الحالي.
وقد أشاد كل من نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك الكويت الوطني شيخة البحر، وعضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت وفاء القطامي، ومدير عام هيئة تشجيع الاستثمار المباشر الشيخ الدكتور مشعل جابر الأحمد الصباح، ونائب رئيس مجلس إدارة المركز العلمي، رئيس اتحاد مصارف الكويت سابقا عبدالمجيد الشطي، والعضو المنتدب في الهيئة العامة للاستثمار فاروق بستكي، ورئيس اتحاد العقاريين توفيق الجراح، بالجهود الكبيرة التي بذلها ومازال يبذلها بنك الكويت المركزي في سبيل الحفاظ على الاستقرار المالي بالكويت، لاسيما من خلال القرارات الحصيفة التي اتخذها منذ بداية الأزمة أو حتى مع بوادر الأزمة، خاصة ما يتعلق بتخفيض الفائدة على الودائع، وآثار تلك القرارات على حالة الاستقرار التي شهدتها البلاد منذ بداية الأزمة حتى يومنا هذا.
الشيخ د.مشعل الجابر: «تشجيع الاستثمار» استقطبت خلال الأزمة استثمارات أكثر من العام السابق
قال مدير عام هيئة تشجيع الاستثمار المباشر الشيخ د.مشعل الجابر إن تداعيات أزمة كورونا مستمرة ولا نعرف حجمها الحقيقي أو مدتها حتى الآن، ولذلك يجب أن نستمر في التحوط ووضع المصدات لمواجهة هذه الأزمة، لافتا الى أنه رغم هذه التداعيات السلبية إلا أن هيئة تشجيع الاستثمار المباشر استطاعت خلال عام الأزمة استقطاب استثمارات أكثر من العام الذي سبقه.
وحول الأرقام الحقيقية للاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة في ميزان المدفوعات، أوضح أن «المركزي» يسأل بهذا الشأن، حيث يجب أن يتم الاهتمام بالمعلومات الخاصة بتدفق الاستثمارات الاجنبية الحقيقية في ميزان المدفوعات، مؤكدا أن هذه المعلومات ستسلط الضوء على موضع الخلل الحقيقي في الاقتصاد الكويتي.
وأكد الشيخ د.مشعل الجابر أن الاستبيانات الخاصة بتدفق الاستثمارات الأجنبية في ميزان المدفوعات، لا يتم الاستجابة لها بنسبة 100%، وهو الأمر الذي لا يعكس الرقم الحقيقي لهذه الاستثمارات في ميزان المدفوعات.
نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة البنك الوطني خلال مشاركتها في ملتقى تقرير الاستقرار المالي 2020
شيخة البحر: البنوك نقطة مضيئة بالاقتصاد الكويتي.. وسط الأزمة
- مسؤولية البنوك في حماية البيئة تتجاوز أنشطتها التشغيلية وتمتد لما تقدمه من تمويلات
- البنوك بحاجة لتقدير أثر التغير المناخي على عملياتها.. ومخاطره على مركزها المالي
- جهود «المركزي» أثمرت قطاعاً مصرفياً يتمتع برسملة قوية وجودة أصول استثنائية
- لا تنويع للاقتصاد بدون زيادة الاعتماد على القطاع الخاص لدفع النمو وخلق الوظائف
قالت نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك الكويت الوطني شيخة البحر، إن الاقتصاد الكويتي يواجه أزمة غير مسبوقة وتداعياتها ممتدة وقد فاقم من تلك التداعيات ما يعانيه الاقتصاد من اختلالات هيكلية واعتماد كبير على النفط.
وأشارت البحر خلال مشاركتها في الملتقى الذي نظمه بنك الكويت المركزي حول تقرير الاستقرار المالي لعام 2020، إلى أن تداعيات الأزمة على الاقتصاد الكويتي قد انعكست بوضوح في تقرير وكالة ستاندرد آند بورز الذي خفضت فيه التصنيف الائتماني للكويت وما ذكرته من وصول العجز المالي إلى 33% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد خلال العام 2020/2021 مسجلا أعلى مستوى بين كافة الدول التي تقوم بتصنيفها.
نقطة مضيئة
وأضافت البحر، أن القطاع المصرفي يمثل النقطة المضيئة في الاقتصاد الكويتي وسط تلك التداعيات وهو ما يرجع الفضل فيه بالأساس إلى جهود بنك الكويت المركزي على مدار السنوات الماضية والتي أثمرت بناء نظام مصرفي قوي يتمتع بمستويات رسملة قوية وجودة أصول استثنائية وسيولة وافرة.
وأوضحت البحر، أن البنوك نجحت خلال فترة زمنية قصيرة في التعافي من الأزمة المالية العالمية عام 2008 وما نتجت عنها من تداعيات في عام 2009 ورغم ما شهده العقد الماضي من تحديات على الصعيدين الإقليمي والدولي فقد نجحت البنوك في تخطي هذه التحديات بثبات مع الحفاظ على تطورها طوال تلك الفترة ما يجعلها اليوم قادرة على قيادة دفة تعافي الاقتصاد.
وقد أكد تقرير وكالة ستاندرد آند بورز على قوة القطاع المصرفي رغم خفض التصنيف السيادي للكويت حيث أشارت الوكالة إلى مواجهة البنوك الكويتية لتداعيات الجائحة مرتكزة إلى ما تتمتع به من أسس صلبة إلى جانب ما تلقته من دعم بفضل الإجراءات التي سارع بنك الكويت المركزي إلى تنفيذها لتخفيف وطأة التداعيات وزيادة قدرتها على دعم الاقتصاد.
أكدت البحر أن العديد من التحديات التي تواجهها البنوك لاتزال قائمة في ظل استمرار تداعيات الوباء على الاقتصاد والتي تتزامن مع استمرار الاختلالات التي تضع ضغوطا تحد من قدرة الاقتصاد على النمو وقدرة القطاع المصرفي على قيادة تنمية اقتصادية مستدامة طويلة الأجل ترتكز إلى تمكين القطاع الخاص وتعزيز مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي وخلق فرص عمل.
أشارت البحر إلى الدعم الذي تلقته البنوك الكويتية من بنك الكويت المركزي في مواجهة التحديات على صعيد الصناعة المصرفية بسبب ما تشهده من تطور متسارع وجهود المركزي في ذلك الشأن والخاصة بحماية العملاء، وتمكين التقنيات المصرفية المتطورة، ومكافحة الجرائم الإلكترونية والاحتيال المالي.
الاقتصاد الكلي
وعلى صعيد الاقتصاد الكلي، أكدت البحر أن هناك العديد من التحديات والتي تأتي في مقدمتها التجاذبات السياسية وما ينتج عنها من تفاقم التحديات مثلما نشهد بشأن تجديد قانون الدين العام وأثر ذلك على استمرار مشكلة شح السيولة. هذا بالإضافة إلى ما يعانيه الاقتصاد من غياب التنوع والاعتماد على الإنفاق الحكومي وما ينتج عنه من تأثيرات سلبية على قدرة الاقتصاد على خلق الوظائف ما يؤكد الحاجة إلى زيادة الاعتماد على القطاع الخاص في دفع النمو الاقتصادي.
دعت البحر إلى التكاتف في مواجهة ما وصفته بأبرز التحديات التي تواجه البنوك والمتمثلة في مدى قدرتها على تحقيق نمو مستدام وتكثيف جهودها في مجالات حماية البيئة والمسؤولية الاجتماعية والامتثال لمعايير الحوكمة.
وبينت البحر أن البنوك الكويتية بقيادة بنك الكويت المركزي نجحت إلى حد كبير في الامتثال لمعايير الحوكمة العالمية بينما تبقى ركائز التنمية المستدامة الأخرى من حماية البيئة والمسؤولية الاجتماعية بحاجة لبذل المزيد من الجهود من أجل دعم احتفاظ البنوك الكويتية بمكانتها الريادية على مستوى المنطقة.
ألقت البحر الضوء على ضرورة حماية البيئة ودور البنوك في ذلك الصدد ليس فقط كركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة ولكن أيضا لما قد يحمله عدم التعامل مع التطورات في ذلك الصدد بشكل جيد من مخاطر كبيرة. وأشارت إلى المخاوف المتزايدة على مستوى العالم بشأن التغير المناخي كما حذرت من عدم كفاية ممارسات حماية البيئة وما يمكن أن تتعرض له المؤسسات من عقوبات مباشرة مثل الغرامات المالية وغير مباشرة من خلال الإضرار بسمعتها.
حماية البيئة
وأكدت البحر أن مسؤولية البنوك في حماية البيئة تتجاوز التأثير المباشر لأنشطتها التشغيلية وتمتد إلى الآثار البيئية لأنشطتها التمويلية ما يجعلها بحاجة لتطوير المناهج الخاصة بتقييم ممارسات حماية البيئة والمسؤولية الاجتماعية والحوكمة المؤسسية لكافة أصحاب المصالح والإدراك الكامل لتأثير ما تقدمه من تمويلات على تغير المناخ وانبعاثات الغازات الدفيئة وما يتطلبه ذلك من العمل مع كافة أصحاب المصالح للتأكد من الالتزام بأهداف التنمية المستدامة وممارسات حماية البيئة والمسؤولية الاجتماعية والحوكمة.
وأشارت البحر إلى المكاسب التي يمكن أن تجنيها البنوك الكويتية من امتثالها لممارسات حماية البيئة والمسؤولية الاجتماعية والحوكمة من جذب مزيد من المستثمرين العالميين الذي يمنح البنوك قاعدة تمويل مستدامة في الوقت الذي بلغ فيه إجمالي حجم سندات تمويل ممارسات الاستدامة 1.6 تريليون دولار عالميا مع توقعات تشير إلى وصول حجم الأصول المستثمرة في ممارسات حماية البيئة والمسؤولية الاجتماعية والحوكمة إلى53 تريليون دولار بحلول عام 2025.
وأوصت البحر بضرورة وقوف البنوك على تأثير التغيرات المناخية على عملياتها وما قد تحمله من مخاطر على مركزها المالي في ظل تصاعد وتيرة المخاوف العالمية بشكل متسارع خلال الآونة الأخيرة. كما دعت إلى ضرورة الاستعداد لتطبيق معايير امتثال أكثر صرامة بشأن الافصاح والشفافية عن الممارسات المتعلقة بمعايير حماية البيئة والمسؤولية الاجتماعية والحوكمة والتي أصبحت إلزامية في العديد من الأسواق حول العالم.
جاسم السعدون: عضوية «المركزي» لدى بنك التسويات الدولية.. شهادة على حرفيته
اعتبر الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس إدارة شركة «الشال» للاستشارات الاقتصادية جاسم السعدون ان ما حققه البنك المركزي في ظل البيئة الحالية الصعبة شيء جيد، مشيرا الى ان بنك الكويت المركزي الكويتي ليس كباقي البنوك المركزية التقليدية، حيث ان الاستقرار المالي هو الوظيفة الرئيسية لعمله وتتقدم على دور السياسات المالية الكلية.
وأضاف: أن بنك التسويات الدولية عندما أعطى بنك الكويت المركزي عضويته، فهو بمثابة شهادة على حرفية «المركزي» وتقدير للمهنية التي يتمتع بها البنك.
واستدرك السعدون بالقول بأن الدور التقليدي للبنوك المركزية يرتكز على موضوعين اساسيين الاول هو المساهمة في السياسات المالية والنقدية الكلية لمواءمة العلاقة بين النمو الاقتصادي من جهة ومعدلات التضخم من جهة اخرى والثاني هو دوره الاساسي في الاستقرار المالي والنقدي على مستوى المنظومة المالية داخل البلاد.
وذكر ان الاستقرار المالي بمعناه الضيق هو استقرار القطاع المالي في الكويت والذي تشكل البنوك اكثر من 80% منه، مشيرا الى ان تقرير الاستقرار المالي الحالي على المستوى الجزئي اظهر ثلاث مشاكل اولها ان البنوك فقدت 52% من ارباحها ما بين عامي 2019 و2020، ثانيها ان القروض غير المنتظمة زادت 43% خلال هذه الفترة، في حين تكمن المشكلة الثالثة في ان توجه الزيادة في الائتمان لم يكن «صحيا» اذ قادت القروض الشخصية هذه الزيادة، مشيرا الى ان هذه المشكلات لم تحدث منذ 90 سنة.
اما عن الوضع الايجابي فاعتبر السعدون ان هذه المشكلات الثلاث بحد ذاتها لا تعتبر سيئة كما يبدو، فلو اخذنا ارباح البنوك التي انخفضت بحوالي 497 مليون دينار في عام 2020 عن العام السابق، فإننا نجد أن 35% من هذا الانخفاض جاء من انخفاض الارباح التشغيلية، لأن قسما كبيرا من هذه الارباح ذهب الى المخصصات والقسم الآخر سيعود كأرباح للمساهمين إذا لم تكن هناك حاجة اليها.
واضاف انه فيما يخص ارتفاع القروض غير المنتظمة في المحفظة الائتمانية للبنوك التي ارتفعت من 1.5% في عام 2019 الى 2% في عام 2020 فإنها بالحدود المحتملة لاسيما ان تغطية هذه القروض اكثر من كافية.
واعتبر انه رغم ان الحكومة الكويتية سحبت ودائعها لتغطية نفقات الجائحة والحاجة الى السيولة الا ان ودائع القطاع الخاص ارتفعت بنسبة 1.4% وهي نسبة صحية وذكر ان كفاية رأس المال ارتفعت كذلك بسبب زيادة رأسمال البنوك وهو مؤشر ايجابي، مبينا ان هذه المعدل كاف لمساعدة القطاع المصرفي حتى لو تعرض العالم لأزمة جديدة.
ماكسيم ربنيكوف: الاستقرار المالي بالكويت.. آمن
شارك المدير التنفيذي في فريق التصنيفات السيادية في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيفات العالمية ماكسيم ربنيكوف في الملتقى بكلمة أشار خلالها إلى أن السنة الماضية كانت استثنائية بكل المقاييس بسبب تداعيات انتشار «كوفيد ـ 19» وحالة عدم اليقين والتقلبات الاقتصادية. ورغم ذلك، وعلى عكس الأزمة المالية العالمية التي هزت العالم في 2008 ـ 2009، فقد كان الاستقرار المالي هذه المرة في مأمن إلى حد كبير، ولكننا نعتقد أن البنوك ليست بمنأى عن التداعيات حتى الآن. وأضاف «قمنا مؤخرا بنشر توقعاتنا المصرفية العالمية، حيث نركز على العديد من المخاطر وآفاقها بداية من بطء انتشار التطعيمات والارتفاع الحاد في الديون واحتمالية إفلاس الشركات في بعض القطاعات ومخاطر التضخم غير المنتظم وانخفاض معدلات الفائدة التي تشكل تحديا أمام نماذج أعمال البنوك وكذلك المخاطر ذات الصلة بأسواق العقارات. وفي هذا الصدد، كيف نرى الاستقرار المالي في الكويت؟».
وتابع ربنيكوف «تقارن مخاطر القطاع المصرفي الكويتي بشكل إيجابي مع نظرائه ليس فقط إقليميا ولكن عالميا تصب في مصلحة القطاع المصرفي الكويتي. ونحن نقوم دوريا بنشر تقاييم لمخاطر الدول بالنسبة للقطاعات المصرفية التي تصنف مخاطر القطاع المصرفي على نطاق من 1 إلى 10 حيث يمثل 1 التقييم الأقوى و10 التقييم الأضعف. يقع القطاع المصرفي الكويتي حاليا في المجموعة 4 إلى جانب النظم المصرفية لكل من إيرلندا وبولندا وإسبانيا، وتصنف مخاطر القطاع المصرفي الكويتي في فئة واحدة أعلى من تلك المخصصة لكل من أستراليا وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة التي تأتي في المجموعة 3. أما بالنسبة لباقي دول مجلس تعاون الخليج العربية، تأتي المملكة العربية السعودية وحدها في المجموعة 4 مثل الكويت، وتأتي النظم المصرفية في باقي دول مجلس التعاون الأخرى في تصنيفات أقل».
وأوضح أنه يغلب على النظام المصرفي الكويتي الطابع التقليدي ويمول بصورة رئيسية من الودائع المحلية، ويخضع لرقابة حصيفة تاريخيا، وشكلت نسبة القروض غير المنتظمة فقط 1.5% مع بداية الجائحة. في السنة الماضية، ونتيجة طبيعية للجائحة ارتفعت نسبة القروض غير المنتظمة، ولكنها لاتزال تمثل حوالي 2% فقط من إجمالي القروض بنهاية 2020. مثل النظم المصرفية الأخرى، ليست البنوك الكويتية بمنأى عن ضغوط الجائحة بشكل كامل. وما زلنا نتوقع تراجع جودة الأصول بشكل كبير في المستقبل مع ارتفاع معدل القروض غير المنتظمة، كما نتوقع التعرض لمخاطر متعلقة بأسعار العقارات والأنشطة المصرفية في أسواق عالمية أكثر خطورة.
عبدالمجيد الشطي: القطاع العقاري يستحوذ على الجزء الأكبر من ديون البنوك
قال نائب رئيس مجلس إدارة المركز العلمي، رئيس اتحاد مصارف الكويت سابقا، عبدالمجيد الشطي إن الجميع يتفق على الحاجة إلى الاصلاح الاقتصادي وأن يكون هذا الاصلاح هو أولوية للحكومة ومجلس الامة والشعب، مشددا على أهمية توعية المجتمع بأهمية مثل هذه المصطلحات.
وتطرق الشطي إلى أهمية القطاع العقاري بالكويت كونه يمثل جزءا كبيرا من ديون القطاع المصرفي بالكويت، لافتا إلى السياسة السكانية «المتخبطة»، حيث تعتمد الكويت منذ السبعينيات على العمالة الوافدة في اقتصادها، مضيفا أنه وبسبب السياسة السكانية المتخبطة التي لا تعتمد على الفكر الاقتصادي أصبحت الكويت بلدا «طاردا» للوافدين، ما أثر سلبا على القطاع العقاري بالكويت.
كذلك تطرق الشطي إلى مخالفات البناء المنتشرة في جميع مناطق الكويت، سواء في العقار السكني أو الاستثماري، ما يجعلها تمثل جزءا كبيرا من محفظة الرهونات لدى البنوك، متسائلا عن مدى استعداد البنوك لتحمل تبعات تأثر القطاع العقاري بخروج الوافدين..
توفيق الجراح: تعديل سياسات الإسكان الحالية.. أحد مفاتيح الإصلاح الاقتصادي
أكد رئيس اتحاد العقاريين توفيق الجراح، أن نسب الاشغال قد انخفضت خلال السنة الاخيرة، مضيفا ان نسب الاشغال والتي هي المحرك الرئيسي للعقار الاستثماري قد انخفضت من 88% في 2019 إلى نحو 84% في 2020 بسبب انخفاض أعداد الوافدين بنسبة 5%.
وتوقع الجراح ان يكون هناك انخفاض آخر بنسبة 5% كذلك في 2022، لكنه أكد على أن هذه النسب تبقى مطمئنة، لاسيما في ظل الاجراء الحصيف لبنك الكويتي المركزي بتخفيض سعر الفائدة بنحو 1.5% خلال السنة الاخيرة، والذي حافظ على التقييم العقاري بشكل جيد جدا.
وأكد على أن لمهنة التقييم العقاري دورا كبيرا في هذا الجانب، لكن هذه المهنة بحاجة إلى إعادة نظر في الكويت وأن يتم تعزيز كوادرها وتدريبهم بشكل أفضل.
من ناحية أخرى، أكد الجراح أن سياسات الاسكان بالكويت فيها خلل كبير من شأنه أن يؤثر على الانفاق الحكومي، مشيرا إلى أن أحد المفاتيح الرئيسية للاصلاح الاقتصادي بالكويت هو إصلاح سياسات الاسكان الحالية، خاصة أن السياسات التوسعية الحالية أصبحت تستنزف كل الموارد سواء البنية التحتية او الفوقية أو التركيبة السكانية أو الكهرباء والماء والطاقة.
دانييل كاندا: الإجراءات الحكومية خففت من آثار الأزمة.. ودعمت الاستقرار المالي
في مداخلة لممثل صندوق النقد الدولي دانييل كاندا، تمت عبر الاتصال المرئي، أكد أن الاقتصاد العالمي شهد خلال العام الماضي أسوأ تراجع منذ الكساد الكبير في الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث كان العام الماضي عاما للخسائر الفادحة في الأرواح وسبل العيش مع خسارة ملايين من الناس لوظائفهم. وقال إنه وكما في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، كان لجائحة «كوفيد ـ 19» إلى جانب الهبوط الحاد في أسعار النفط وخفض إنتاج النفط بموجب اتفاقية «أوپيك+» أثر كبير على النشاط الاقتصادي الكويتي والأرصدة المالية في عام 2020، وساعدت الاستجابة السريعة والمنظمة للسياسة من جانب السلطات الكويتية على حماية الصحة العامة والحد من التداعيات الاقتصادية للأزمة. وأشار كاندا إلى أن تقرير الاستقرار المالي 2020 يطرح مدخلات قيمة لصنع السياسة في هذه المرحلة المهمة للتعافي الاقتصادي، ويقدم مناقشات وتحليلات عميقة لأثر الجائحة على القطاع المالي ومخاطره وأداء القطاع المصرفي والأسواق العقارية والرأسمالية، مضيفا انه وبسبب الطبيعة المعقدة للتحديات، فقد أقرت السلطات الكويتية عددا من تدابير السياسة النقدية والمالية لدعم الاقتصاد والمحافظة على الاستقرار المالي وحماية المجموعات الأكثر احتياجا من السكان. ومما لا شك فيه أن هذه التدابير والإجراءات ساعدت على التخفيف من آثار الأزمة على الاقتصاد الكويتي والسكان، وأيضا المحافظة على الاستقرار المالي والحيلولة دون تفاقم التراجع بشكل أكبر.