استقبل أمير دولة قطر صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب بحضور وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني لمناقشة الوضع في أفغانستان واحتمالات تشغيل مطار كابل.
وأعلن وزير الخارجية القطري أن بلاده تعمل مع حركة طالبان لإعادة تشغيل مطار كابول في «أقرب وقت ممكن»، بينما يجري وفد فني قطري محادثات في العاصمة لأفغانية حول هذه المسألة.
وتتوسط قطر بين طالبان والدول الغربية في أعقاب انسحاب القوات الأجنبية من هذا البلد بعد حرب استمرت عقدين، كما انها تستضيف مكتبا للحركة وقد سهلت المحادثات بين المجموعة الأفغانية والولايات المتحدة.
وقال الوزير القطري في مؤتمر صحافي في الدوحة مع نظيره البريطاني راب «ما زلنا في إطار التقييم. لا يوجد مؤشر واضح على موعد تشغيله بكامل طاقته بعد، لكننا نعمل بجد ونأمل في أن نتمكن من تشغيله في أسرع وقت ممكن».
وتابع الوزير «نحن نتعامل معهم وكذلك مع تركيا حول ما إذا كان بإمكانها تقديم أي مساعدة فنية في هذه المرحلة. ونأمل في الأيام القليلة القادمة أن نسمع بعض الأخبار الجيدة».
من جهته، قال راب ان الأمر يتطلب التعامل مع طالبان، لكن بلاده لا تعتزم الاعتراف بحكومتها في الوقت الحالي. وقد قام الوزير البريطاني بزيارة مساكن إيواء للاجئين الذين تم إجلاؤهم من أفغانستان.
واعتبر راب أن العالم بحاجة «إلى التكيف مع الواقع الجديد» في أفغانستان، مشددا على أن الأولوية هي «تأمين الممر الآمن للرعايا البريطانيين المتبقين، وكذلك الأفغان الذين عملوا لصالح المملكة المتحدة».
وقد دافع وزير الخارجية البريطاني الذي انتقد لكيفية إدارته الأزمة في أفغانستان عن نفسه أول من أمس أمام نواب ينتقدون عدم جهوزية الحكومة البريطانية لسيناريو الانسحاب.
واتهم العاملون في إدارته بأن مستواها غير مهني عندما كشفت الصحافة أن وثائق تحدد متعاونين أفغانا تركت على أرضية سفارة كابول التي أخليت، وأن آلاف الرسائل الإلكترونية المتعلقة بعمليات الإجلاء لم تقرأ.
وقال راب إنه ناقش مع مسؤولين قطريين ضمانات عدم تحول أفغانستان إلى تربة خصبة للإرهاب في المستقبل ومنع تفجر أزمة إنسانية والحفاظ على استقرار المنطقة وضمان التزام طالبان بتعهدها بتشكيل حكومة أكثر شمولا.
وقد حطت طائرة قطرية تحمل فريقا فنيا في كابول أول من أمس لمناقشة استئناف عمليات الملاحة في مطار العاصمة الأفغانية والبحث في تقديم المساعدة بعد سيطرة طالبان على المطار.
في السياق، أعلنت حركة طالبان أنها قريبة من تشكيل حكومة جديدة فيما يواجه النظام الجديد عراقيل اقتصادية كبرى وارتيابا من قبل الشعب.
والإعلان عن حكومة جديدة التي قال مصدران من طالبان لوكالة «فرانس برس» إنه قد يحصل اليوم بعد صلاة الجمعة، سيأتي بعد أيام على الانسحاب الفوضوي للقوات الأميركية من أفغانستان الذي أنهى أطول حروب أميركا مع انتصار عسكري للحركة.
وفي إحدى اللحظات الأكثر رمزية منذ الاستيلاء على كابول في 15 اغسطس، استعرض مقاتلو طالبان أمس الأول بعض المعدات العسكرية التي استولوا عليها خلال هجومهم كما حلقت مروحية من طراز بلاك هوك فوق قندهار، المعقل الروحي لحركتهم.
في غضون ذلك، قال المفوض الأعلى للسياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن النهاية الكارثية للتدخل الغربي في أفغانستان الناتجة عن انسحاب القوات الأميركية والقوات المتحالفة تؤكد على حاجة أوروبا إلى تطوير قدرات دفاعية مستقلة.
وأضاف بوريل للصحافيين في محادثات مع وزراء دفاع التكتل في سلوفينيا «الحاجة إلى نظام دفاع أوروبي قوي واضحة اليوم أكثر من ذي قبل».
وعقب الهزيمة المخزية، تفكر الدول الأوروبية بجدية أكبر بشأن إنشاء قوة دائمة للاستجابة السريعة، وكان الاقتراح أن تتكون من نحو خمسة آلاف عسكري. ولكن وزير الدفاع السلوفيني ماتيج تونين قال أمس إن الوحدة يمكن أن تضم ما يصل إلى 20 ألف جندي.
ميدانيا، شنت حركة طالبان هجوما جديدا على وادي بانشير، أحد آخر جيوب المقاومة لحركة طالبان في شرق البلاد، كما أكدت المقاومة أمس، عقب اشتباكات راح ضحيتها أربعة أشخاص على الأقل وفق منظمة غير حكومية.
وشن مقاتلو طالبان هجوما على جنوب بانشير من ولاية كابيسا، كما قادوا هجوما في شرق الوادي، بحسب عدد من مقاتلي الفصائل المناوئة للحركة.
وروى مقاتل من «الجبهة الوطنية للمقاومة» التي تضم ميليشيات مناهضة لطالبان وأفرادا سابقين في القوات الأفغانية لوكالة «فرانس برس»: «قبل ساعات قليلة، شنوا هجوما وقد ألحقنا بهم هزيمة ثقيلة».
وتابع «نتوقع هجمات جديدة من طالبان. نحن مستعدون للتغلب عليهم، إذا خاطروا بمهاجمتنا».
وقالت منظمة «إميرجنسي» الإيطالية غير الحكومية على تويتر إنها استقبلت في مستشفاها في كابول «أربعة جرحى وأربعة قتلى نتيجة القتال في غلبهار» عند مداخل وادي بانشير.
وتعهدت الجبهة، التي أعربت عن أملها في الحوار مع طالبان، الدفاع عن الوادي الذي يحيط به مئات المقاتلين من الحركة. لكن هذه المحادثات فشلت، بحسب طالبان التي دعتهم إلى الاستسلام دون قتال.
وقال مقاتل آخر في الجبهة «حاولنا الذهاب نحو السلام، لكن (طالبان) تستخدم القوة، وهو أمر لا يجدي»، متحدثا عن سقوط «الكثير من القتلى في صفوف العدو» في الاشتباكات الأخيرة.