كان يا ما كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان يا سادة يا كرام.. المعلم كان أفضل سياسي واقتصادي وفنان مدرك للضرورة السياسية والاقتصادية والفنية والمجتمعية للتعليم عند العمل على تكوين الطلاب وتشكيلهم معرفيا، مدرك للواقع فيقوم برسالته بشكل أفضل.
كانت الدقائق الأولى من الحصة الدراسية تبدأ بحوارات تطور الثقافة النقدية والمعرفية لدى الطلاب بشكل خلاق، لأنه يقتضي من الطلاب إعادة تصور فهمهم السابق وممارسة تصورات جديدة بصفتهم متعلمين خلاقين.
كان المعلم في ذاك الزمان يمتلك مفاتيح الكلمات بلغة كل طالب ومقدار وعيه، فزادت قدرته على تشكيل المادة والموضوعات، بإعادة صياغته الدلائل المعرفية، بحيث تستوعب كل طالب مع الكثير من الخيال من جانب المعلم، فكان المعلم فنانا في اكتشاف الموضوع المفتاحي للطالب وتنسيقه كحافز، والتنويع بالموضوعات واستخدام فني للحوار.
زمان يا سادة يا كرام كان المعلم يمتلك فنون وأدوات السيطرة لخلق صمت وإنصات الطلاب، فالطلاب بطبيعتهم البشرية ليسوا صامتين، فهم بارعون في التعاطي مع الكلام، وابتكار المظاهر البصرية والشفهية للصف الدراسي للتصدي لفنون التعليم التقليدي السلبي غير البناء، القائم على الصوت العالي.
كان يا ما كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان يا سادة يا كرام الصفوف المدرسية ذات أبعاد بصرية وصوتية، الطالب يرى ويسمع الكثير من الأشياء لتحفيز الانتباه النقدي غير الاعتيادي، من ناحية التركيب الشفهي نفسه، وإضفاء الطابع الجمالي على الصف الدراسي عبر تشكيلة من التعابير للتخاطب بأنماط متعددة.
التعليم الجيد والمعلم الفنان الخلاق يعملان جنبا إلى جنب مع البيت والأسرة، ومساعد للطلاب لتشكيل نموهم وتكوينهم.
ممارسة جمالية تتطلب وعي المعلم والقائمين على التعليم بهذا الجانب الجمالي، وانعكاسها على تكوين الطلاب عبر التدريس وإعادة خلق الموضوعات إلى جانب الاطلاع، فلا تعليم من دون اطلاع خصوصا كأساس لتشكيل الطلاب.
زمان كان المعلم يمرر قيما ورسائل تنير طريق الطالب وتخدمه طوال حياته، يبحث عن المعلومة ويقرأ أمهات الكتب لينقل عصارتها لتلاميذه، بحب وعشق وتفان.
والطالب عندما يتلقى تعليما جيدا من معلمه تتحرك مشاعره وتعمل جوارحه، وعندما يشارك معلمه في البحث والمعرفة يصبح الطالب نفسه مشاركا في تجويد التعليم.
لكن اليوم يا سادة يا كرام تغير الأمر، فالمعلم بات موظفا يقوم بمهمة التلقين فحسب، وعمله وأقواله لا يرسخان في ذهن الطالب في أغلب الأحيان!
كثير من الناس تغيرت حياتهم للأفضل بسبب معلم، وعديد منهم انقلبت حياتهم للأسوأ نتيجة تأثير سلبي لمعلم.
جبران خليل جبران يقول «أيها المعلم سنكون خيوطا في يديك وعلى نولك، فلتنسجنا ثوبا إن أردت، فسنكون قطعة في ثوب العلي المتعالي».
٭ عز الكلام: معلمونا الأفاضل، بعد التحية والتقدير، أنتم أصحاب الأيادي البيضاء والشخصيات المؤثرة البناءة، بين أيديكم عقول ونفوس المستقبل يقظة حساسة تلتقط كل ما يطرح أمامها وتتأثر به.
لا تجعلوا أداءكم الوظيفي باهتا يخرج من نفس منهكة، ولكن احرصوا على الأداء المتميز الحيوي الذي يخترق النفوس، يتفاعل، يتفهم، يؤثر ويتأثر بمن حوله، وحافظوا على فضولكم التربوي الذي يمكنكم من قراءة الطلاب واحتوائهم بمهارة وذكاء.. فكونوا ملهمين.
[email protected]
Nesaimallewan@