تنشر «الأنباء» دراسة خاصة أعدها م. أحمد طاهر، الباحث بمجال إدارة الطاقة والهندسة الكهربائية، حول فرص الكويت للتحول الى مقر إقليمي وعالمي للغاز الطبيعي المسال، حيث تقترح الدراسة ان تستفيد البلاد من مواردها بالغاز، ثم الاستعانة بموارد جيرانها لإنشاء محطة وميناء لتسييل الغاز الطبيعي وتصديره على دور أوروبا، عن طريق إنشاء خط للغاز يمر عبر الأراضي العراقية والسورية، ومنها الى تركيا، ثم الانطلاق الى دول أوروبا.
وتشير الدراسة إلى أن الكويت ظلت تستورد الغاز الطبيعي لأكثر من عقد من الزمان، ولكن يبدو أن هناك فرصة ذهبية لاستفادة البلاد من نمو الطلب العالمي على الغاز الطبيعي، وذلك من خلال الاستفادة من موارد جيرانها، بالإضافة الى احتياطيات الغاز الطبيعي المحلية في المستقبل القريب من حقل الدرة. وهذه الفرص الذهيبة، تتمثل في بناء منشأة لتجميع وتسييل وشحن الغاز الطبيعي، حيث ستتم تغذية المنشأة بالغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب من العراق وحقل غاز الدرة في البداية، ثم مع مزيد من التوسع والديبلوماسية، يتم تسييل المزيد من الغاز الطبيعي من كردستان العراق وأذربيجان، ليتم شحنه عالميا.
العراق
العراق يمتلك احتياطات غاز طبيعي يقارب 3 تريليونات متر مكعب، وفي الماضي كان العراق يعتمد على استيراد الغاز الطبيعي من إيران، وبسبب مشاكل الدولة المالية، لم يتمكن من دفع ثمن الغاز الإيراني ـ الذي غالبا ما يكون مبالغا في سعره، لذلك يتطلع العراق حاليا إلى استخدام موارده الخاصة لتقليل وارداته من الطاقة الإيرانية.
أبرمت شركة الطاقة الفرنسية، توتال، مؤخرا صفقة طاقة مع حكومة العراق، ويشمل جزء من الصفقة مصنع معالجة الغاز الطبيعي بقيمة 2 مليار دولار أميركي بإنتاج متوقع يبلغ 600 مليون متر مكعب من الغاز يوميا.
على مدى 3 إلى 4 سنوات المقبلة بمجرد أن يتمكن العراق من تأمين احتياجاته من الغاز، سيتم تصدير الفائض لزيادة إيرادات الدولة، وسوف يكون موقف الكويت قويا لتصدير الغاز الطبيعي العراقي بسعر عادل.
كردستان
حاليا، تنتج كردستان 5 مليارات متر مكعب من الغاز سنويا لتلبية الطلب المحلي مع وجود خطط لتوسيع الإنتاج إلى 40 مليار متر مكعب سنويا بحلول عام 2035. كما تخطط كردستان لبيع 10 مليارات متر مكعب من الغاز سنويا إلى تركيا بمجرد انتهاء عقد استيراد تركيا مع إيران في عام 2026.
لكن بدا مؤخرا أن تركيا تميل أكثر نحو استيراد الغاز المسال وتقليل واردات غاز خطوط الأنابيب مما يجعل العراق العميل الوحيد المتبقي للغاز الكردستاني.
بسبب تشبع السوق الأوروبية في المستقبل القريب بإمدادات الغاز الطبيعي من روسيا وقطر وشمال أفريقيا والولايات المتحدة الأميركية، سوف يساعد مركز الكويت الجغرافي من ناحية شحن السعة الإضافية المتبقية من مبيعات الغاز في كردستان، من خلال العراق، إلى الأسواق الآسيوية الطالبة للغاز (كوريا الجنوبية واليابان والصين).
أذربيجان
تحاول أذربيجان بيع وقودها عبر طرق بديلة عن خطوط الأنابيب الروسية. لذلك تمكنت أذربيجان مؤخرا من تصدير غازها إلى أوروبا عبر الخط الأدرياتيكي المتصل بأوروبا من خلال خط غاز الأناضول.
ولكن لا توجد صلة بين الغاز الأذربيجاني والسوق الآسيوية. في المستقبل القريب يمكن للكويت أن تشارك في تمديد خط أنابيب جنوبي يبدأ من محطة إرضروم التركية إلى ميناء الكويت من خلال ربطها بخطوط الأنابيب التي ستنقل الغاز الكردستاني والعراقي إلى ميناء الكويت.
إيران
منذ عام 2014، تجري إيران وسلطنة عمان محادثات بشأن خط أنابيب للغاز تحت سطح البحر سيسمح لإيران بإرسال غازها إلى عمان لتسييله وشحنه إلى الخارج. وهذا يدل على رغبة الإيرانيين في التعاون مع دول الجوار في تسييل غازهم.
علاوة على ذلك، منذ عام 2015، كانت تمد إيران المنطقة الجنوبية العراقية بـ 20 إلى 35 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي يوميا. وبعد تشغيل مشاريع الغاز في العراق وتوتال، وإمداد كردستان للعراق بالغاز الطبيعي أو الكهرباء، ستكون هناك سعة إضافية من الغاز الطبيعي الإيراني الذي يمكن للكويت تسييله بميناء الغاز المسال المقترح.
هنالك خلاف بين الكويت وإيران بخصوص حقل غاز الدرة، حيث إيران تدعي بأن أجزاء من الحقل تقع ضمن حدودها البحرية مع الكويت والمملكة العربية السعودية، فمن الممكن أن يساعد ميناء الغاز المسال المقترح في تقليل التوتر في هذه القضية.
تكلفة المشروع
يتكون كل مرفأ للغاز المسال من قطارات فردية أو متعددة وتأتي قطارات الغاز الطبيعي المسال بأحجام مختلفة، تتراوح سعة القطارات متوسطة الحجم بين 0.5 و 2 مليون طن سنويا وتسمح بسهولة تكبير سعة تسييل الغاز في المستقبل، ولكن تؤثر على هوامش الأرباح، بينما تبلغ سعة القطارات الكبيرة أكثر من 3 ملايين طن سنويا وهذا يوفر في اقتصاديات الحجم، ولكن بتكلفة مقدمة أعلى.
ستعتمد تكلفة مرفأ الكويت على المقايضة بين مدى استعداد كل منطقة ودولة مشاركة للالتزام بالتصدير عبر الكويت، ومقدار رأس المال الذي ترغب الكويت في جمعه وتخصيصه للمشروع.
وكمثال تبلغ الطاقة الإنتاجية لمرفأ كوربوس كريستي 18.4 مليار متر مكعب سنويا وبلغت التكلفة الإجمالية 4 مليارات دينار، بينما تبلغ سعة مشروع قطار 7 النيجيري 5.7 مليارات متر مكعب سنويا وبسعر 3.3 مليارات دينار.
كيفية تمويل المشروع
هناك 3 سيناريوهات مختلفة لكيفية تمويل الكويت للمشروع، وللحد من المخاطر، يمكن تمويل جزء من المشروع من خلال الشراكة بين القطاع العام والخاص، في حين يمكن جمع غالبية رأس المال من خلال التمويل البنكي وعن طريق إصدار الصكوك.
وبسبب مشكلة السيولة الحالية في الكويت ستكون دعوة الممولين الدوليين وشركات النفط العالمية بالإضافة إلى المساهمين لتمويل هذا المشروع هو النهج الأفضل، كما أنه يسمح للكويت بجذب الاستثمار الأجنبي إلى البلاد، وهو أحد الأهداف الرئيسية من وراء المشروع.