منذ سنوات، إن لم يكن منذ عقود، ونحن نسمع عن علاج اختلال التركيبة السكانية في الكويت، معظم النواب تطرقوا إلى هذه القضية وما لها من آثار سلبية على المجتمع ككل من جهة وعلى المواطنين والأجيال المقبلة من جهة أخرى خصوصا، ولاتزال مستمرة حتى يومنا هذا وستبقى إذا لم يكن هناك علاج جذري وحقيقي ومنطقي وبعيد عن المجاملات والضغوط لأنه كثيرا ما نجد المنادين بعلاج التركيبة السكانية هم أنفسهم من يتوسطون أو يعملون على استمرار الوضع على ما هو عليه!
نعم، فالكثير من الوافدين المخالفين جاء بهم أصحاب شركات وهمية من المواطنين وتركوهم يعملون بعيدا عن الجهات الرقابية وبأعمال ومهن بعيدة عن مجالات هذه الشركات ويتقاضون عنهم مبالغ بشكل سنوي وعند كل تجديد للإقامة أو طلب أي أوراق متعلقة بهذا الوافد أو ذاك.
جميع أبناء الكويت يتمنون تعديل التركيبة السكانية لكن بشكل منطقي، إذ ليس منطقيا التخلي عن أصحاب المهن والحرف التي لا يعمل بها المواطنون بحجة أنهم بلغوا الستين عاما، والحمد لله أن رأي «الفتوى والتشريع» أنصف هذه الفئة، فهناك مهن صعبة تحتاج إلى مهارات كبيرة اكتسبها أصحابها خلال سنوات طويلة من العمل كالنجارة والحدادة والخياطة وصيد الأسماك وغيرها الكثير من المهن التي صارت أجور العاملين فيها أضعافا مضاعفة مع ندرة في العثور عليهم، وهذا الأمر بات المواطن يلمسه بشكل يومي خصوصا أصحاب القسائم ومن يعملون ترميما لمنازلهم، وأيضا الارتفاع الكبير بأسعار الأسماك بحجة عدم وجود صيادين ومطالبة اتحاد الصيادين بعودة من هم خارج البلاد للكويت بأسرع وقت لتعود الأسعار إلى مستوياتها وتتوافر الأسماك، وأيضا المطالبة ذاتها من اتحاد المزارعين الذين أصبحوا يعانون من عدم توافر العمالة المدربة والماهرة في أعمال الزراعة، وغيرها من مهن نحتاجها بشكل مستمر في حياتنا اليومية.
ويشكل قرار وزارة الداخلية السماح بإصدار تصاريح العمل لهذه الفئات دعما لضمان الأمن الغذائي في البلاد والحد من ارتفاع الأسعار.
حقيقة، استبشرنا كثيرا من تقرير البنك الوطني بانخفاض أعداد سكان الكويت ومغادرة حوالي 190 ألف وافد منذ بداية جائحة «كورونا»، لكن ربما لا تعكس هذه الأرقام حقيقة الفئة المرغوب في تقليل أعدادها حيث ان هناك أشخاصا اضطرتهم الظروف وآثار «كورونا» لمغادرة الكويت أو ترحيل عائلاتهم، وبقي الكثيرون من غير المنتجين، وعلى المعنيين في «القوى العاملة» و«التجارة والصناعة» و«الشؤون» و«الداخلية» و«الزراعة» مراعاة ذلك إذا كنا نريد الوصول إلى تنمية حقيقية بعيدا عن القرارات العشوائية غير المدروسة والتي يدفع ثمنها أولا وأخيرا المواطن البسيط.
وجميعنا مع حملات وزارة الداخلية في ضبط المخالفين، والعمل على حفظ الأمن في جميع المحافظات ومناطق الكويت لردع المخالفين والمستهترين بالقوانين ومنع الجريمة قبل حدوثها.