نحمد الله عز وجل على زوال الغمة وعودة الحياة الطبيعية بعد شهور والتي لم تسبقها تجارب من قبل، ويجب علينا الآن أن نقوم بتقييم الدروس المستفادة من تلك المحنة، ولعل أولها وجود وكفاءة جهاز وطني متعدد التخصصات لإدارة الكوارث والطوارئ والأوبئة بشكل علمي وتوفير التدريب في هذا المجال والإمكانات اللازمة حتى لا تكون المسؤوليات غير مترابطة وحتى لا ترهق الأجهزة بأجمعها وسط حدث واحد ولتكن للجهاز ميزانية وصلاحيات على مستوى المسؤوليات التي ننتظرها.
أما الدرس الثاني فهو إدخال إدارة الأزمات على كل مستويات التدريب للقيادات في المواقع المختلفة وإعداد بيان عملي دوري في مختلف المناسبات.
أما الدرس الثالث فهو سرعة وجود متحدث رسمي مؤهل يتولى مهمة التواصل الجماهيري دون استهجان أو محاولات تخوين أو تصريحات استفزازية، وقد يكون وجود لجنة استشارية من المتخصصين لإعطاء النصيحة والرأي العلمي دون الحط من آراء المعارضين أو أصحاب الآراء الأخرى ودون مصادرة عليهم. أما من الدروس المستفادة فهو الدراسة العلمية لكل ما يطرح في مواقع التواصل والتأكد من مصداقيتها والرد عليها بأسلوب علمي يبعث على الاحترام، ومن الدروس المستفادة أيضا التفكير في جدوى وتداعيات أي قرار قبل اتخاذه من جانب واحد في ضوء القرارات التي قد تضيف للصحة ولكنها تضر بنواح أخرى في الحياة اليومية. وقد يحضرني الآن أهمية التعديلات المطلوبة في التشريعات والقوانين من جانب أجهزة الدولة التي استفادت من هذه الجائحة بعيدا عن القضايا والعقوبات التي لا تحل أي مشكلة ومن الأمور المهمة جدا إعادة تعريف خصوصية المريض وحقه في الخصوصية في ضوء الحاجة إلى التقنيات الحديثة والمنصات للتعامل مع الكوارث.
أما بخصوص دور المتطوعين، فيجب ألا تترك النوايا الحسنة دون تنظيم وترتيب ولو الأمر في يدي لأدخلت أيضا نظام مكافآت وحوافز تلتزم الدولة بتنفيذه بما هو أكثر من الشكر والامتنان في نهاية الأزمنة، أما الخبرات التراكمية لمن عملوا بإخلاص ومهنية فيجب الاستفادة منها بعد ذلك في الترشيحات للوظائف الإشرافية والقيادية بالدولة. ومن الدروس المستفادة معرفة نصيبنا من حركة البحث العلمي والابتكار للبحث عن وسائل تشخيص وعلاج وبحوث مشتركة مع المراكز العالمية للكشف عن المزيد مما أحيط بالجائحة وأين البحوث المنشورة من باحثين من الكويت طوال تلك الأزمة وما دور الجهات الراعية للبحوث والداعم لها مثل مؤسسة الكويت للتقدم العلمي وجامعة الكويت، حيث إن كفاءة الباحثين خلال الأزمة تبشر بالخير مستقبلا وتجب الاستفادة من نتائجها لحل القضايا الصحية بأسلوب علمي يتفق مع ما تقتضيه ضرورات العصر الحديث والإدارة العلمية للنظام الصحي.