قال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، إنه بعد الظروف الصعبة التي مر بها الاقتصاد العماني خلال عام 2020، تبدو آفاق الاقتصاد الكلي أكثر إشراقا، وذلك بفضل تعافي أنشطة القطاعين النفطي وغير النفطي، إذ من المحتمل أن يسجل القطاع غير النفطي نموا يتخطى أكثر من 3% على المدى المتوسط بدعم من الإصلاحات واسعة النطاق المرتبطة بتطبيق رؤية 2040.
كما ستسهم الإصلاحات المالية الأولية، بما في ذلك ضريبة القيمة المضافة وخفض معدلات الإنفاق، في تقليص عجز المالية العامة إلى 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024. وتشمل المخاطر التي تهدد آفاق النمو تجدد الضغوط الناجمة عن الجائحة، وانخفاض أسعار الطاقة، وتأخر تنفيذ برنامج الإصلاح الحكومي.
انتعاش النمو
بدأت الآفاق المستقبلية للاقتصاد العماني في التحسن بعد مرور عام 2020، مع احتمال نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.1% في عام 2021، ثم لنحو 3.1% في المتوسط خلال الفترة 2022-2024، نتيجة لمزيج من العوامل التي تتضمن ارتفاع إنتاج النفط والغاز وكذلك تطبيق الحكومة لبرنامج الإصلاحات الهيكلية على نطاق موسع، إلا أن الإصلاحات المتعلقة بتخفيض العجز من خلال تصحيح أوضاع المالية العامة قد تؤثر سلبا على النمو خلال المدى القصير.
وعلى صعيد قطاع الطاقة، من المقرر أن يؤدي تخفيف الأوپيك لخفض حصص الإنتاج بداية من شهر أغسطس إلى زيادة إنتاج عمان من النفط بنحو 8 آلاف برميل يوميا كل شهر ليصل في المتوسط إلى 759 ألف برميل يوميا في المتوسط (-0.4% على أساس سنوي).
كما أن زيادة إنتاج الغاز الطبيعي (المصاحب وغير المصاحب)، مدعوما بزيادة إنتاج حقلي غزير وخزان الرئيسيين، والزيادة في إنتاج المكثفات ستسهم في تعويض انخفاض إنتاج النفط هذا العام بصفة عامة. وبالتالي فمن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للقطاع النفطي بنسبة 2.8% في عام 2021 وبنسبة 3.6% في المتوسط خلال 2022-2024.
تقلص العجز
لمواجهة الزيادة الحادة لمستويات العجز العام الماضي، أطلقت الحكومة في عام 2020، خطة مالية متوسطة الأجل بهدف استعادة الاستقرار المالي وإعادة التوازن للميزانية بحلول عام 2025.
وتشمل الإجراءات التي تم تنفيذها بالفعل تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وتخفيض دعم المرافق العامة والنفقات الرأسمالية، إضافة إلى تقليص فاتورة أجور القطاع العام (على الرغم من أنه سيتم توسيع شبكات الأمان الاجتماعي وتوجيهها بشكل أفضل لدعم الفئات الأكثر احتياجا لها من العمانيين).
كما تتم دراسة استحداث ضريبة الدخل الشخصي. وقد ساعدت تلك الإجراءات، إلى جانب ارتفاع أسعار النفط، في تضييق فجوة العجز بشكل حاد بنسبة 46% على أساس سنوي لتصل إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي كما في شهر أغسطس. ونتوقع أن يتقلص العجز إلى 3.6% بنهاية العام مقابل 10.5% في عام 2020.
تعزيز المركز الخارجي
اتسع عجز الحساب الجاري ليبلغ 12% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020 مقابل 5.5% في عام 2019، وذلك على خلفية انخفاض صادرات النفط، إلا انه على الرغم من ذلك، من المقرر أن يتقلص إلى 1.0% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2024 بفضل ارتفاع أسعار النفط، إذ تسهم سياسة التنويع التي تتبعها الحكومة وبرنامج توطين الوظائف في تعزيز الصادرات الصناعية وخفض التحويلات المالية إلى الخارج. ويعد ارتفاع أسعار الطاقة في الوقت الحالي السبب الرئيسي للتحسن الأخير الذي شهده الميزان الخارجي.
وقد أدى ربط الريال العماني بالدولار الأميركي منذ فترة طويلة إلى تثبيت الأسعار وترسيخ أركان الاستقرار المالي، مدعوما بنحو 35 مليار دولار من الأصول الأجنبية (بما في ذلك 18 مليار دولار من أصول صناديق الثروة السيادية). ووفقا لأحدث التقارير الصادرة مؤخرا عن صندوق النقد الدولي، ستكون السلطات منفتحة لتقبل سعر صرف أكثر مرونة على المدى الطويل مع ازدياد أهمية الصادرات غير النفطية في ظل أجندة التنويع الاقتصادي.
نجاح الإصلاح
من المتوقع أن يؤدي ارتفاع أسعار النفط والوتيرة المتسارعة لخطى لإصلاحات إلى تعزيز نمو القطاع غير النفطي وتقليص عجز المالية العامة والحساب الجاري لميزان المدفوعات بشكل حاد بحلول عام 2024، ما سيسهم في الحد من مواطن الضعف الاقتصادية، إلا أن انخفاض أسعار الطاقة قد يؤثر سلبا على مسيرة الإصلاح، نظرا لما لذلك من تداعيات سلبية على الاقتصاد. ك
ما يشكل تجدد ضعف الطلب المرتبط بالجائحة إضافة إلى إجراءات تصحيح المالية العامة الكبيرة والسريعة من المخاطر التي قد تؤثر سلبا على مسيرة النمو في المدى القريب. وقد تواجه الإصلاحات في حد ذاتها بعض المقاومة أيضا، ما قد يستدعي تقليصها أو إبطاء وتيرتها لاستدامة النمو.