- من اقتضاء الضرورات المتوقعة اقتصاد المال وادخاره وتنميته وإكثاره حتى يبلغ المرء بقليله كثيره وبخسيسه نفيسه
- فليؤد المسلم زكـاة ماله وإن كـان مدخراً لحاجة وليجنب ماله أسباب الهلاك وليحذر موجبات الغضب والعـذاب
يوضح لنا د.حمد بن محمد الهاجري أن الاقتصاد في المال وادخاره مما حث عليه الشرع، مبينا ان الشارع لم يحرم كنز المال وادخاره مطلقا بل أباح ذلك وأحله بضوابط وشروط يوضحها خلال تلك السطور:
الحمد لله الذي آوى إلى الجنات من ادخر عنده الحسنات، وثوى في النار من تراكمت عليه السيئات، والصلاة والسلام على خير الرسل وأزكى البريات، أما بعد:
فإن من اقتضاء الضرورات المتوقعة، ودواعي الحاجات المرتقبة، اقتصاد المال وادخاره، وتنميته وإكثاره، حتى يبلغ المرء بقليله كثيره، وبخسيسه نفيسه، فكم من حاجة لا يتأتى الحصول عليها إلا بالجمع والتوفير، والاقتصاد في الإنفاق وعدم التبذير.
وإن من الحاجات التي يكثر الادخار لها ما حث عليه الشارع، ودعا إليه، كالحج، والزواج، ونحو ذلك مما تجتمع فيه مصالح الدين والدنيا.
وأكد أن الشارع لم يحرّم كنز المال وادخاره مطلقا، بل أباح ذلك وأحلَّه بضوابط تأتلف بها مقاصد الشريعة وتتفق، وتدفع أسباب الخلل عنها وتمنع، ومن أهم هذه الضوابط وآكدها: أن يؤدي المالك من ماله المدّخر فريضة الزكاة، فلا يحبسه عن الزكاة، طمعا في الاستكثار، واستعجالا به إلى ثمار الادخار.
شروط
وبين ان المال إذا توافرت فيه شروط الزكاة، كبلوغ النصاب، وحولان الحول، وجبت فيه الزكاة، حتى وإن كان مدخرا لحاجة، كشراء بيت، أو لزواج، أو غيرهما، ولا يختلف في هذا مال عن مال، فجميع الأموال - من الذهب والفضة والأوراق النقدية - في هذا سواء.
وذكر عدة أدلة على ذلك، منها:
1- عمومات أدلة وجوب الزكاة، حيث لم تستثن المال المدخر لحاجة، ولم تجعل مثل هذه المقاصد مسقطا للزكاة.
2- قول الله تعالى: والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم [التوبة: 34]. وهذا نص في الموضوع.
3- أن الزكاة لا تزيد المال إلا نموا وبركة، كما قال الله سبحانه: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها [التوبة: 103].
قال صلى الله عليه وسلم: «ما نقصت صدقة من مال» رواه مسلم (2588).
وممن أفتى بهذا: سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - رحمه الله -(1)، وفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -(2)، وصدر به قرارات هيئات الفتوى الشرعية-(3)، والمجامع الفقهية، كما في قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم 143 (1/16) في دورته 16 بدبي 1426هـ، ونصه: «تجب الزكاة في مبالـغ الحسابات الجارية، ولا أثر لكون الأموال مرصدة لحاجة مالكها».
وعليه فليؤد المسلم زكاة ماله، وإن كان مدخرا لحاجة، وليجنب ماله أسباب الهلاك، وليحذر موجبات الغضب والعذاب.
اللهم أوزعنا شكر نعمك، وجنبنا موجبات نقمك، واقض لنا الحاجات، واغفر لنا الزلات، وارفعنا عندك الدرجات، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1) ينظر: مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز (14/126،130)
(2) ينظر: مجموع فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين (18/174،177).
(3) كما في فتاوى اللجنة الدائمة (9/381،269).