الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإنكار الفساد ومحاربة الفاسدين لإصلاح المنظومة الإدارية مطلوب وضروري من الجميع كل في مجاله، لكن يجب أن يكون موافقا لنهج المصطفى ﷺ ولا يخرج عن إطار قوانين الدولة قدر المستطاع، ولا تنس حظ نفسك من ذلك.
من المفاهيم الخاطئة حصر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أشخاص محددين، قال تعالى: (كنتم خير أمة أُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) (آل عمران -١١٠). إذا أصبح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثقافة اجتماعية سائدة صلح الكثير من الفساد الأخلاقي والمالي والإداري، ولن يتجرأ الفاسد على نشر فساده، ولن يجد من يعينه، أو من يزين له صنيعه.
قد يقول القائل: إنكار المنكر والفساد لا يغير الواقع فما الفائدة. علينا البذل والنتائج بيد الله، وأيضا الإعذار إلى الله بالقيام بهذا الواجب، وعدم الإقرار بشرعية المنكر والفساد، لكن يجب أن نبدأ بأنفسنا، وما هو تحت نطاق مسؤولياتنا، مع الحذر كل الحذر أن ندخل أو نشارك أو نسهم في منظومة الفساد، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ثم بعد ذلك ننكر الفساد، فتضعف حجتنا، وتقل هيبتنا، ولا تسمع كلمتنا. لا نتحجج بتقصير الآخرين، أو بسبب انتشار الفاسدين، أو بغياب التقدير، من المسؤول والمدير، لمن للعمل متقن وقدير. أعلم علم اليقين، سيبقى الفساد فسادا، حتى لو ارتكبه كل الناس وسيظل الحق حقا ولو تنكر له الكثير من الناس، وسينكشف الفاسدون ولو بعد حين.
قال الإمام الشافعي:
نعيبُ زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب
ولو نطق الزمان لنا هجانا.في البداية، محاسبتك لنفسك ونقدها وتزكيتها وتطهيرها وإصلاحها أولى فقط من نقدك للآخرين، قال تعالى: (قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها).
وأعجب في الوقت نفسه بالاهتمام الكبير بالفساد الذي هو خارج نطاق مسؤولية الفرد وعدم الالتفات إلى ما هو تحت نطاق مسؤوليات الفرد. إن كان الفساد يحدث بين نطاق مسؤولياتك ولا تحرك ساكنا لتغيره مع قدرتك على ذلك فاعلم أنك مساءل عنه وأنت جزء من الفساد، نسأل الله العفو والعافية.
في الختام أقول: لا تلم الأعداء، ولا تلم الآخرين، ولا تلم المسؤولين ولا تلم العلماء، بل عليك أن تلوم نفسك أولا وتحاسبها ولتنظر ماذا قدمت للإسلام والمسلمين، فلن تحاسب عن غيرك يوم الحساب بل عن نفسك فقط، (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم).