بالتأكيد لن تكفي أربع مقالات للحديث عن مشاهداتي في «رحاب» مصر خلال زيارتي الأخيرة، والحقيقة أن التغييرات والإنجازات الملموسة على الأرض تستحق أضعاف هذا الرقم، ناهيك عن الخطط المستقبلية التي تنفذها الإدارة بجداول زمنية حقيقية، فكان لا بد من «كبح جماح» قلمي حتى لا أجده محلّقاً في فلك الإشادة والتصفيق، وإن كان ما وجدته يستحق ما هو أكثر من الإشادة، وما هو أعلى من التصفيق،.. ولكن كما قلت لا شيء كاملا على وجه الأرض صنعه الإنسان، وللسلبيات والملاحظات حديث سيأتي وقته.. قريباً جداً، فنحن لا نعيش في «اليوتوبيا».. ولم يصل شعبنا لمرحلة «النرفانا» بعد!!
وقبل أن أختتم حديثي عن مشاهداتي في داخل مصر، دعونا نرصد قليلاً ما حدث على صعيد السياسة الخارجية المصرية، والمواجهات الناعمة مع القوى الإقليمية والعالمية، ومحاولات البعض فرض إرادتهم على القاهرة، وكسر هيبتها وتطويعها.
في عالم السياسة هناك مقولات خالدة: «لا يوجد عدو دائم ولا صديق دائم»، «المصالح تتصالح»، «خذ ثم فاوض»، و«ضبط النفس».. وغيرها.
وقد اضطرت مصر إلى خوض بضع معارك من هذا النوع بعضها «وجودي» كما يحدث مع «إثيوبيا» في سد النهضة، وبعضها «سيادي» كترسيم الحدود البحرية، وبعضها يمسّ أمن مصر القومي وحدودها المشتركة كما في ليبيا والسودان، وكذلك في التعامل مع الإرهاب القادم من الخارج عبر حدودنا حاملاً مرتزقة وخونة.
وفي «كل» هذه المعارك حققت الإدارة الحالية نجاحاً واضحاً، واستخدمت كل أدوات «الدهاء» السياسي المشروع، وطبقت سياسة «النفس الطويل» والصبر الذكي، فكانت النتيجة ما يحدث في إثيوبيا اليوم، دون أن تضطر مصر لإطلاق رصاصة واحدة تجاه «الأشقاء» في إثيوبيا، بل وتدعو عبر إعلامها الرسمي بأن يحفظ الله دماء الإثيوبيين.
وتم ترسيم الحدود البحرية رغم الاعتراض التركي، وشهدنا التغير الواضح في خطاب أنقرة تجاه القاهرة، ومد يد المصالحة لنظام «30 يونيو»، وإرسال الرسائل المباشرة وغير المباشرة لإعادة العلاقات.
وفي ليبيا كان الإصرار على خروج المرتزقة وإجراء الانتخابات في موعدها، وتشكيل رأي عام عالمي يدعم وجهة النظر هذه، حتى تحدد موعد الانتخابات، وتم قبول ترشح «المشير» خليفة حفتر للرئاسة.
ولم نعد نسمع عن عمليات إرهابية في سيناء، أو نشاط لتنظيمات متطرفة يقودها المرتزقة والخونة.
.. كل هذه المعارك الصامتة.. خاضها النظام «بهدوء» وحكمة، وتحقق لمصر ما أرادت باعتماد سياسة خارجية قوية دعائمها الشرف والصدق والاحترام.
حفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
www.hossamfathy.net
Twitter: @hossamfathy66
Facebook: hossamfathy66
Alanba email ID
[email protected]