عند مطالعتي للصحف في الأيام القليلة الماضية أصابني الفزع مما قرأت، الكويت تشهد (15) حالة طلاق في اليوم، هذا العدد من الحالات ليس بالقليل، ولكم أن تتخيلوا كم حالة طلاق نشهد في العام الواحد، إنه عدد كبير جدا لا يمكن المرور دون التوقف عنده ومحاولة فهم الأسباب وتلمس الحلول، لاسيما أن الأمر من شأنه زعزعة المجتمع والنيل من استقراره لما له من تبعات مؤلمة على الأسر خاصة والمجتمع عامة، إنها بكل بساطة مصيبة المصائب تلك التي تمر علينا ونحن في غفلة عنها.
كيف لنا أن نتجاهل ضياع (15) أسرة كويتية يوميا وتشرد أبنائها ووضعهم في مهب الريح لا يعلم مصيرهم إلا الله، إنها من أعظم المشكلات التي تواجه مجتمعنا وتنذر بالخطر الذي يهدد تماسكه وتفكك روابطه، علينا أن نقوم بدراسة تلك المصيبة التي تحل علينا وتعرض أبناءنا وبناتنا لمشكلات اجتماعية قد تفتك بهم وتحيل عددا منهم للضياع قبل أن تتحول إلى ظاهرة يصعب التعامل معها.
لنعد الى أصل المشكلة، ونتلمس أسبابها، كم أسرة غرست في نفوس أبنائها أهمية الاختيار وتحمل المسؤولية؟ كم أسرة منحت بناتها الحق بالقبول والرفض، وعلمت أبناءها الذكور احترام الأخت والعمل على إكرامها وعدم تعريضها للإهانة؟ كم أسرة أصلت لدى أفرادها أهمية روابط الزوجية والعشرة الحسنة وأنشأت بناتها على عزة النفس ورفض الإهانة من أي شخص كان؟
إن المرأة «المعنفة» في بيت الأهل والتي تتعرض إلى ألوان مختلفة من الإهانة والتعذيب النفسي والجسدي لا يمكن لها أن تعرف طعم الكرامة واحترام الذات، ما يجعلها تبحث عن الخلاص من هيمنة الذكورية الرعناء لتجد في أي فرصة طوقا للنجاة ومهربا من وضعها المؤلم الذي تعيشه في بيت أبيها، فتلقي بنفسها إلى مصير مجهول دون النظر للتكافؤ بينها وبين من تقدم لخطبتها، وتكون بذلك دخلت قفصا غير واضح المعالم، لاسيما إذا أسقطها النصيب في براثن زوج لا يفقه من الإنسانية أو المعاملة الحسنة شيئا، لتصبح كالفريسة التي لا تعرف مخرجا للنجاة، فإن عادت للأهل لن تلقى ما هو أرحم من البقاء، وعبثا تحاول أن تتحمل المرأة ما تتعرض له من انتهاك لحقوقها الطبيعية والإنسانية من أجل الحفاظ على أسرتها وأطفالها إلى أن يطفح الكيل بها وتصبح غير قادرة على المناورة أو مجابهة هذا الاستهتار الأسري من قبل الزوج، عندها لن تطيق معه صبرا، ولعل هذا العدد من حالات الطلاق خير شاهد على ذلك.
أيها الإخوة الرجال لقد كان آباؤنا وأجدادنا يتفاخرون بأخواتهم، كان الرجل منهم يقول: «أنا أخو فلانة»، وهذا دليل على الكرامة والأنفة والاعتزاز بالأخت.
أيها الإخوة الرجال أكرموا ضيفتكم تحفظ هيبتكم، واجعلوها تحن إلى مكان طفولتها لتعود إليه سعيدة مبتهجة عند زيارته وتغادره وفي خاطرها العودة إليه لتستمد العزة والكرامة من دهاليزه وغرفه وممراته، يا سادة ان بناتكم وأخواتكم ضيفات عندكم فأكرموا ضيفتكم.
أيها الإخوة الرجال أختصر عليكم، كل بنت ما هي إلا ضيفة مؤقتة في بيت أبيها فأكرموها لعل الحال يصلح بنا وبهن، كما قال شاعر النيل:
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعبا طيب الأعراق
وأخيرا، أشكر الأخوات القائمات على حملة «أنا سندها» للحد من العنف ضد المرأة، فلهن منا كامل الود والاحترام.