بين يوم وليلة أحسست ببعض التعب في جسدي.. فعزلت نفسي بعيدا عن الجميع خوفا من أن أنقل لهم العدوى..
ظننت في البداية انها نزلة معوية، ولكن بعد فحصي تبين لي أنها «كورونا»، بدأت الحجر المنزلي الذي من خلاله أكتب لكم هذا المقال..
أحسست كم هي الصحة غالية.. وكم في لحظة يتغير حال الإنسان من حال إلى حال.. وان الإنسان ليس سوى لسان، إن كان في كامل عافيته خاض في كل شاردة وواردة.. فيما ينفعه وما ليست له علاقة به.
فالعافية تاج على الإنسان في هذه الدنيا إن سلبت منه.. سلبت منه متعة الحياة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «سلوا الله العافية فإنه لم يعط عبد شيئا أفضل من العافية».
والأهم أنه عندما يصاب الإنسان بمرض ما فيجب عليه أن يحافظ على من هم حوله وألا يختلط بأحد بحجة أنه لا يستطيع كبت حريته وسعادته!
حتى المسجد الذي الصلاة فيه فرض، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم إتيانه لمن أكل ثوما وبصلا، فكيف إن كان به مرض وأذى للمسلمين ويخالط الناس في المساجد وأماكن التجمعات والترفيه فجرم ذلك أعظم عند الله.
في مرضي أحسست بقيمة الحرية، لبثت في داري 10 أيام لكن ما هون علي أنني كنت دائما أفكر بمن هم في السجون وكيف يكون حالهم! وهذا حال المسلم أن ينظر إلى من هم دونه وألا ينظر إلى من هم أفضل منه.
وبمثل هذه الابتلاءات على النفس تكون قوة الإنسان وتعلمه الصبر على تحمل مكابدة الحياة وتقلباتها وابتلاءاتها، فتخرج من كل ابتلاء إنسانا أقوى وأفضل.
فلا قيمة لحياة الإنسان دون أن يصبر صبرا جميلا يليق بكمال ثقته برحمة الله وأن كل ما يكتبه عليه سبحانه ليس إلا خيرا له كما قال النبي:
«عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له»
ويجب أن يكون الصبر دون جزع ولا شكوى ولا اظهار ضعف لأحد إلا له سبحانه، فلن يرحمك ولن يستطيع أحد أن يساعدك إلا هو فلا تلجأ إلا إليه!
نعم تعلمت: أن برامج المواقع التواصل أوهمنا أنفسنا اننا لا نستطيع التخلي عنها، وأصبحنا عبيدا لها دون ان نشعر، تتحكم بنا وبأنفسنا وعقولنا، ونرى من هم دون المستوى الفكري والنفسي والعقلي والأدبي من هم سفاسف الناس وأسوأهم ويريدون ان يقودوا الناس بأفكارهم السيئة والمنحرفة.. وللأسف من يحتفي بهم بعض عقلاء الناس.
تعلمت أنه لا ملجأ لنا سوى لله، في لحظة تسلب منا جميع النعم، في لحظة من دون أن نشعر ستتوقف هذه الحياة الذي نظن أنفسنا أننا مخلدون فيها ويطول الأمل فيها، فلن يكون بيننا وبينه حاجب وسيكون حسابنا وحدنا دون أمهاتنا وآبائنا وعشيرتنا ومن يدافع عنا.
ستكون حسناتنا وسيئاتنا كفيلة برجح الميزان.
فلا تغرك الدنيا بظلم أحد، لا تغرك بمنصبك ومالك وجاهك، ولا تغرك بزينتها وتأكل المال الحرام، لا تغرك بغش الناس، لا تغرك وتنسى فرائض الله عليك، لا تغرك وتنتهك محارمه ونواهيه!
فلا أكمل ولا أعقل للإنسان من ان يستعد لذلك اليوم الذي سيأتي لا محالة!
اللهم نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ولا تأخذنا من الدنيا إلا وأنت راض عنا واجعل آخر قولنا منها «أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله».
Twitter: Y_Alotaibii
[email protected]