مسكين يا فن، إلى متى سنظل نبكيك ما دام هذا حالك، وساطور التقشف يقطع جسدك ونحن نتفرج، «نتحلطم» ونحتج فيما بيننا، نبقى فنانين لغتنا الإبداعية لوحة، لون، منحوتة، لكننا بعيدون عن «المداحر» والمناكفة، طيبون بقلوب بيضاء لا تنفع في ظل مؤسسات تنظر إلى أدائنا الإبداعي كقطعة ديكور أو إكسسوار يمكنها تقزيمه ودفعه إلى خانة الإهمال.
ففي مهرجان القرين الذي أقيم بعد غياب عامين، كان التقشف شعار المهرجان، اختصرت المصاريف، والفن التشكيلي بالطبع هو «كبش الفداء» حيث تم دمج معرضين تقليديين سنويين وهما القرين والشباب بصورة عشوائية غير مدروسة، ليشارك فنان ثمانيني إلى جانب هاو في العشرين من عمره لتزدحم صالتا «الفنون والعدواني» بالأعمال المشاركة، خصوصا ان جميع المشاركين كانوا يحتفلون بنهاية الحظر الكلي والجزئي وعودة الحياة الطبيعية.
وجاءت الطامة الكبرى عندما فاضت صالات العرض بطوفان اللوحات، فتم استبعاد ما يقارب الـ 150 عملا من قبل لجنة التحكيم والفرز التي أيضا اختصرت عدد أعضائها الى ثلاثة محكمين بدلا من خمسة، لأن «الجماعة» ليس عندهم «فلوس» لمخصصات اللجنة، وكان ضحايا المجزرة شباب وكهولة «انكسرت نفوسهم» وربما يترتب على ذلك انسحابهم من المشهد التشكيلي!
كانت صالات متحف الفن الحديث مناسبة لإقامة معرض الشباب بدلا من معرض لإصدارات مجلة العربي وجدارية السفارة الأميركية والتي كان بالإمكان ترحيلهما الى وقت آخر!
ساطور التقشف أيضا نال جوائز معرض القرين التي اختصرت من 10 إلى 5 جوائز، وكذلك قيمة الجائزة خفضت، لذا كان من الأفضل عدم إقامة معرض مبتور بهذه الطريقة المهينة، وكأنهم يصرخون بأعلى صوتهم «نحن مفلسون» في دولة لديها ميزانية مليونية لرصف شارع طوله كيلومتر ولا تمتلك الإمكانية لتطوير ودعم الإبداع البشري!