كلما ازداد وقت الفراغ زاد الفساد، وكلما غبت عن ابنك غاب عنك، وهذه من الأمور المسلّم بها منذ الأزل والتي كثر الحديث عنها سواء من خلال النصائح والحكم وكذلك من خلال ما جاء في القرآن الكريم وفي سُنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك في معظم كتب التربية وأسس بناء المجتمعات السليمة.
ومن الأمور المؤسفة في أيامنا هذه ما أصبحنا نشهده ونسمع عنه من جرائم أخذت في الازدياد وبشكل غريب ومستهجن في مجتمعنا وبشكل شبه يومي، فإن لم تكن جرائم قتل كانت مشاجرات وتصرفات فيها من الغرابة ما لم نعتد عليه في مجتمعنا، الأمر الذي يدعونا جميعا إلى دق ناقوس الخطر والانتباه إلى الأسباب والمسببات والعمل على دراستها من المتخصصين واقتراح الحلول ووضع العلاجات المناسبة لها واجتثاث الأسباب من جذورها مهما كانت طبيعتها، والتي في مقدمتها محاربة تجار المخدرات وعدم الرأفة بهم وهذا الأمر لا يقع على عاتق وزارة الداخلية فحسب وإنما على جميع الجهات المعنية، ولعل في مقدمتها الأسرة، حيث إنها الأكثر دراية بتصرفات أبنائها وبناتها ولأنها المتضرر الأول والأكبر من انتشار المخدرات وهذا الضرر الذي ينتقل إلى بقية المجتمع وأفراده والذي إضافة إلى ضرره الصحي والمجتمعي سينعكس أيضا على الخدمات الصحية والمجتمعية من مستشفيات ومراكز تأهيل ومخافر ودور رعاية وغيرها، وبالتالي علينا تأكيد الوقاية من الضرر قبل وقوعه لأنها خير من العلاج وما يترتب عليه.
كثرة الجرائم بحاجة إلى وقفة جادة وحقيقية للحفاظ على مجتمعنا متماسكاً، ولابد من التوعية الدينية والتربوية والأسرية وحتى في أماكن العمل لأن المشكلة عامة وتمس كل شخص فينا، وجميعنا سندفع الثمن إن لم تكن هناك معالجة حقيقية وناجحة، بضبط الحدود ومنع تهريب المخدرات والمراقبة الداخلية لمنع ترويجها ومتابعة حالات المدمنين والمتعاطين بشكل مهني ومدروس مع الدور القضائي بإنزال أشد العقوبات على المهربين والمروجين.
هناك حرب على الفساد في جميع المواقع وجميعنا نؤيد الإجراءات العلاجية الحقيقية التي تقوم بها القيادة لاجتثاث هذه الآفة من جذورها، ومن أعلى المستويات تدشيناً لمرحلة جديدة نتمنى جميعنا أن تكون أفضل على جميع المستويات الاقتصادية والعلمية والصحية والاجتماعية وغيرها، سنحصد ثمارها في أقرب وقت إن شاء الله تعالى وستكون انطلاقة لمستقبل أفضل لأبنائنا ومستقبل الكويت الذي تستحقه، فالإمكانات متوافرة والعزيمة والإرادة موجودة ويبقى التنفيذ والعمل، سيروا على بركة الله والشعب معكم.