تطوير التعليم لا يمكن أن يبدأ من المرحلة الثانوية أو الجامعية، بل يعتمد على اللبنة الأولى في حياة الطفل.
تطوير التعليم لا يكون بعيدا عن الطفل وعن مرحلة الرياض وعن المرحلة الابتدائية.
في مرحلة رياض الأطفال تتكون شخصية الطفل حيث يتعلم مبادئ الأخلاق التي ستنمو معه سنة بعد سنة عبر مراحل حياته العلمية إلى أن يصل إلى المرحلة الجامعية.
والحقيقة التي يجب أن يدركها المسؤول في وزارة التربية أنه لا تطوير للتعليم بعيدا عن الأخلاق.
فهذه الأخلاق يكتسبها الطفل من مرحلة رياض الأطفال حتى وإن أهمل الوالدان في تربية أبنائهم وتركوهم للأيدي العاملة في المنزل.
الطفل خامة ليّنة: الطفل خامة مرنة وعجينة لينة يمكن للتربوي أن يشكلها بكل سهولة في مرحلة رياض الأطفال وفي المرحلة الابتدائية، فيتعلم الطفل معنى تحمل المسؤولية والصدق والإيثار والإخلاص والتضحية، بل ويتعلم فن الانتماء للجماعة والعمل بروح الفريق الواحد بعيدا عن الأنانية، ويتعلم أن شر الأعمال التي يقوم بها التلميذ أو الطالب هي الغش لأنه قتل للأوطان.
في هذه المرحلة العمرية المرنة يتعلم الطفل أن الإنسان طاقات متعددة ومواهب متنوعة، وليس شرطا أن نتفوق جميعا علميا، بل يمكننا أن نتفوق مهنيا،
وبذلك يتعلم الطفل حب الصنعة والحرفة وأنها لا تقل أهمية عن شهادة الدكتوراه، فهذا الوطن يحتاج إلى الحرفيين المهنيين كحاجته للعلماء والمعلمين.
وزارة لتعليم الطفل: الطفل هو البذرة الأولى لنمو المجتمع، فإذا مرت مرحلة الطفولة بسلام فهذا الوطن سينتعش وسيعيش بسلام.
ففي هذه المرحلة تنمو الآمال وتتبلور في ذهن الطفل وتنمو مواهبه ويكتشف إبداعاته، لذلك اهتمت الدول المتقدمة بالطفل اهتماما بالغا وجعلته في المرتبة الأولى من ضمن اهتماماتها.
فأنت عندما تربي طفلا فإنك تصنع مستقبلا مشرقا وتقدم للوطن أروع وأعظم الإنتاج، ذلك أن صناعة الإنسان أصعب من صناعة البنيان، بل إن صناعة الإنسان هي الصناعة الحقيقية للأوطان.
وعليه، فإننا إذا ما أردنا أن نطور التعليم فلابد أن نقوم بإنشاء وزارة لتربية ولتعليم الطفل بعيدا عن وزارة التربية والتعليم العالي من أجل تنمية الطفل جسديا وعقليا وحركيا ولغويا واجتماعيا.
هذه الوزارة - وزارة التربية لتعليم الطفل- ستؤهل الطفل للتعبير عن نفسه وعن خيالاته وستكسبه المفاهيم والمهارات الخاصة بالتربية الدينية واللغة العربية والرياضيات والفنون والموسيقى والتربية الصحية والاجتماعية.
باختصار شديد، إن إنشاء وزارة لتربية ولتعليم الطفل بات مطلبا وطنيا، فتطور المجتمعات يقاس بمدى اهتمامها بالطفل وبمدى اهتمامها بنظامها التربوي بما يتلاءم ومستجدات العصر ومع الانفجار المعرفي الهائل المتلاحق.