بعد أكثر من 5 أشهر على اندلاع الحرب في غزة، تبنى مجلس الأمن الدولي أمس ولأول مرة قرارا يطالب بـ«وقف فوري لإطلاق النار»، وهو مطلب سبق أن عطلته الولايات المتحدة مرات عدة لكنها امتنعت هذه المرة عن التصويت عليه، ما يعني ضغطا إضافيا على حليفتها إسرائيل.
وبعيد تبني القرار أعلن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أنه لن يرسل وفدا إلى واشنطن، كما كان مقررا بناء على طلب الرئيس الأميركي جو بايدن.
وأكد بيان صادر عن مكتب نتنياهو أن امتناع واشنطن عن استخدام الڤيتو لإحباط القرار «يضر بالمجهود الحربي وجهود إطلاق سراح الرهائن»، مشيرا إلى أنه «في ضوء تغير الموقف الأميركي، قرر رئيس الوزراء أن الوفد لن يغادر» إسرائيل.
ويطالب القرار الذي تم تبنيه بغالبية 14 صوتا مؤيدا وامتناع عضو واحد عن التصويت، بـ «وقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان» الذي بدأ قبل أسبوعين، على أن «يؤدي إلى وقف إطلاق نار دائم». كما يدعو إلى «الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين».
وفي الكثير من الأحيان، تقابل قرارات مجلس الأمن الملزمة بالتجاهل من قبل الدول المعنية، غير أن السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة نيكولا دو ريفيير حض على العمل باتجاه وقف دائم لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس. وقال: «لم تنته هذه الأزمة. سيتعين على مجلسنا أن يواصل تحركاته والعودة فورا إلى العمل. بعد رمضان الذي ينتهي خلال أسبوعين، سيتعين عليه ترسيخ وقف دائم لإطلاق النار».
من جهته، أكد مندوب الجزائر عمار بن جامع أن المجلس «يتحمل أخيرا مسؤوليته». وقال: «منذ 5 أشهر، يعاني الشعب الفلسطيني بشكل رهيب. استمر حمام الدم هذا لفترة طويلة جدا. من واجبنا أن نضع حدا له».
وبخلاف النص الأميركي الذي رفضته روسيا والصين الجمعة، فإن القرار الجديد لا يربط المطالب التي ينص عليها بالجهود الديبلوماسية التي تبذلها قطر والولايات المتحدة ومصر، حتى لو «اعترف» بوجود المحادثات الرامية إلى هدنة يرافقها تبادل للرهائن الإسرائيليين والأسرى الفلسطينيين.
واستخدمت روسيا والصين الجمعة حق النقض (الڤيتو) في مجلس الأمن الدولي لإسقاط مشروع قرار أميركي دعمت فيه واشنطن للمرة الأولى وقفا «فوريا» لإطلاق النار في غزة ربطته بالإفراج عن المحتجزين لدى حماس.
ورأى بعض المراقبين في ذلك المشروع تحولا كبيرا في موقف واشنطن التي تتعرض لضغوط للحد من دعمها لإسرائيل في وقت أسفر الهجوم الإسرائيلي عن مقتل 32333 شخصا في غزة وفق أحدث حصيلة أعلنتها وزارة الصحة التابعة لحماس.
وسبق للولايات المتحدة أن عارضت بشكل منهجي مصطلح «وقف إطلاق النار» في قرارات الأمم المتحدة، كما عرقلت 3 نصوص في هذا الإطار.
ولكن النص الأميركي الذي أسقط بالڤيتو لم يدع بشكل صريح إلى وقف فوري لإطلاق النار، بل استخدم صياغة اعتبرت غامضة من جانب الدول العربية والصين، وكذلك روسيا التي نددت بـ «نفاق» الولايات المتحدة.
وجاء مشروع القرار الذي تم تبنيه أمس، نتيجة لعمل الأعضاء غير الدائمين في المجلس الذين تفاوضوا مع الولايات المتحدة في محاولة لتجنب فشل آخر، وفقا لمصادر ديبلوماسية.
ويدعو القرار أيضا إلى «إزالة كل العوائق» أمام المساعدات الإنسانية التي من دونها بات سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة معرضين لخطر المجاعة.
من جهتها، أكدت إسرائيل أن امتناع واشنطن عن استخدام حق النقض (الڤيتو) لإحباط القرار «يضر بالمجهود الحربي وجهود إطلاق سراح المحتجزين».
وأكد بيان صادر عن مكتب نتنياهو أن موقف واشنطن «يمنح حماس الأمل في أن الضغوط الدولية ستسمح لها بقبول وقف إطلاق النار بدون إطلاق سراح الرهائن» المحتجزين في غزة.
وأضاف ان نتنياهو قال: «إذا تراجعت الولايات المتحدة عن موقفها المبدئي، فإنه لن يرسل الوفد» الذي أعلن أنه سيذهب إلى واشنطن بناء على طلب الرئيس الأميركي جو بايدن.
وتابع: «في ضوء تغير الموقف الأميركي، قرر رئيس الوزراء أن الوفد لن يغادر».
في المقابل، أكد متحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي أمس ان امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على القرار لا يعني «تغييرا للموقف السياسي».
وأوضح كيربي ان واشنطن التي سبق ان عطلت العديد من مشاريع القرارات المماثلة، لم تؤيد هذا القرار لأنه كان يفتقر إلى عناصر «أساسية» مثل إدانة حركة حماس.
وأعربت الولايات المتحدة عن «خيبة أملها الشديدة» لقرار نتنياهو إلغاء زيارة الوفد رفيع المستوى إلى واشنطن لمناقشة الهجوم المحتمل على رفح، حسبما أعلن متحدث باسم البيت الأبيض أمس.
وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي: «نشعر بخيبة أمل شديدة لأنهم لن يأتوا إلى العاصمة واشنطن ليتسنى لنا إجراء نقاش واف معهم بشأن البدائل الحيوية لهجوم بري على رفح» في جنوب قطاع غزة.
وقال كيربي: «بقينا ملتزمين بموقفنا الداعم لوقف إطلاق نار في مقابل صفقة لتحرير الرهائن».
وفيما يبدو انه تحد لقرار مجلس الأمن، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت من واشنطن أمس أن إسرائيل لن توقف حربها في غزة طالما لم تفرج حركة حماس عن الرهائن.
وقال غالانت قبل اجتماع مع مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن: «ليس لدينا مبرر أخلاقي لوقف الحرب ما دام هناك رهائن في غزة».
من جهته، طالب الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش بتنفيذ أول القرار، وكتب على منصة اكس «ينبغي تنفيذ هذا القرار. إن الفشل سيكون أمرا لا يغتفر».
هذا، ورحبت المملكة العربية السعودية بصدور قرار مجلس الأمن الدولي وجددت المملكة بحسب وكالة الأنباء السعودية «واس»، مطالبتها المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤوليته تجاه وقف اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين في قطاع غزة، والتأكيد على ضرورة إنهاء المعاناة وتوفير الأمل للشعب الفلسطيني وتمكينه من الحصول على حقوقه في العيش بأمان، وتقرير المصير عبر مسار موثوق لا رجعة فيه لإقامة دولته الفلسطينية بحدود عام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة.
من جهتها، طالبت مصر بالتنفيذ الفوري لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وذكرت وزارة الخارجية في بيان أن «مصر ترحب باعتماد مجلس الأمن قرارا يطالب بوقف إطلاق النار في قطاع غزة خلال شهر رمضان، وذلك للمرة الأولى منذ بدء الأزمة، وعقب تكرار عجز مجلس الأمن عن التوصل لقرار يطالب بوقف دائم لإطلاق النار».
واعتبرت مصر، أن «صدور هذا القرار بعد أكثر من خمسة أشهر من العمليات العسكرية الإسرائيلية التي ألحقت أضرارا بالغة بالمدنيين في قطاع غزة، ورغم ما يشوبه من عدم توازن نتيجة إطاره الزمني المحدود والالتزامات الواردة به، إلا أنه يمثل خطوة أولى مهمة وضرورية لوقف نزيف الدماء ووضع حد لسقوط الضحايا من المدنيين الفلسطينيين، وإتاحة الفرصة لدخول المساعدات الإنسانية» إلى غزة.
ودعت إلى ضرورة التنفيذ الفوري لوقف إطلاق النار، وبما يفتح المجال للتعامل مع كافة عناصر الأزمة، مؤكدة أنها ستواصل جهودها الحثيثة مع الأطراف الدولية والإقليمية من أجل احتواء أزمة قطاع غزة في أسرع وقت.