ياسر العيلة
يعد «تعدد الأكوان» نظرية مفادها أن كوننا قد لا يكون الوحيد لكنه واحد من عدد لا حصر له من الأكوان المتوازية التي تحتوي على نسخ لا نهائية من أنفسنا، وهذا الأمر يجعلنا نردد «ماذا لو كانت حقيقة؟ ماذا لو كانت هناك نسخة أخرى منا تحيا في مسار زمني مختلف؟»، تلك الأسئلة حول طبيعة وتكوين وتأثير العوالم الموازية المفترضة كانت النقطة التي انطلقت من عندها فكرة الفيلم الكوميدي «فاصل من اللحظات السعيدة»، تأليف شريف نجيب وجورج عزمي، وإخراج أحمد الجندي، وبطولة هشام ماجد وهنا الزاهد ومحمد ثروت كمال وبيومي فؤاد والطفل جان رامز.
تدور أحداث الفيلم في إطار تشويقي كوميدي حول قصة زوجين صالح أبو سعدة (هشام ماجد) المهندس الفاشل وزوجته درية (هنا الزاهد) وابنه بودي الطفل (جان رامز) يعيشون في حي شعبي بمنزل فوضوي غير منظم لا شيء فيه يعمل بشكل طبيعي، يعيش الزوجان حياة تعيسة يسيطر عليها الملل والروتين اليومي، حتى تحدث لهم مفاجأة تغير مسار حياة الأسرة ويعيشون فاصلا من اللحظات اللذيذة والسعيدة، حيث تفتح «فجوة زمنية» بين الأرض وكوكب آخر بإحدى غرف منزلهم، فيجذب الزوج «صالح» نتيجة طاقة قوية عبر هذه الفتحة ليجد نفسه في كوكب مواز، ويشاهد نسخة أخرى منه ناجحة وأنيقة ومنظمة تسكن في فيلا فخمة وسط حي راق وجيران مميزين، ولم تقتصر النسخة الجديدة عليه بل تشمل زوجته وابنه وكل الناس الذين يعرفهم من قبل في كوكب الأرض، لتعيش الاسرة هناك وفق شروط حياتية جديدة تحتوي على مفاجآت ومفارقات ضاحكة.
الفيلم عائلي وممتع بمعنى الكلمة، وهذا ليس بجديد على المخرج أحمد الجندي الذي اعتبره هو والمخرج معتز التوني افضل مخرجين يقدمان أعمالا كوميدية على الاطلاق، فالفيلم فانتازي وهزلي ويحوي كمية ضحك غير طبيعية، وينتمي الضحك هنا إلى كوميديا الموقف النابعة من المفارقات الساخرة بين حياة الفوضى والانضباط، وما الذي يحدث حين تتبادل «النسختان العائليتان» الأدوار، فتعيش النسخة الشعبية في حي راق، وتعيش النسخة الراقية حياة الفوضى والعبث، ثم تصل الحكاية إلى ذروتها، حين يحدث الصدام المتوقع بين النسختين ويتحول إلى صراع لا هوادة فيه.
كل ممثل في الفيلم بذل مجهودا كبيرا، خاصة هشام ماجد وهنا الزاهد ومحمد ثروت والطفل جان رامز، فكل واحد منهم جسد شخصيتين، الاولى في الحقيقة والثانية في العالم الموازي.
هشام ماجد يثبت في كل عمل يقدمه أنه فنان من طراز مختلف وذكي في اختياراته، وقد جسد الشخصيتين بشكل رائع، خاصة مشاهد الضرب التي حدثت بينه وبين «صالح الآخر» في العالم الموازي، ويبدو ان عام 2024 كان وجه خير عليه، وحقق نجاحا كبيرا في رمضان الماضي من خلال مسلسله «أشغال شقة».
وكانت هنا الزاهد مفاجأة، حيث قدمت افضل أدوارها على الاطلاق، وأثبتت أنها فنانة كوميدية قوية، فقد قدمت الزوجة الشعبية الفاشلة ببراعة والشخصية الأخرى في العالم الثاني بتمكن، وكانت أشبه بشخصية «باربي» الشهيرة.
بينما كان الطفل جان رامز «لذيذا» في تقديم دوره بشكل مميز، وهو موهوب بمعنى الكلمة. أما محمد ثروت فكان فاكهة العمل ومنذ سنوات لم أشاهده بهذا التمكن والتركيز، فأضفى بأدائه حالة من البهجة خلال الأحداث وانتزع الضحك من كل المتواجدين في قاعة العرض، أول مرة أشاهده في مساحة دور طويلة وبكامل طاقته الكوميدية.
ووسط كل الإيجابيات في الفيلم، إلا أن هناك بعض السلبيات، صحيح أن القصة خيالية ويحكمها اللامنطق، لكن الفيلم لم يمهد لموضوع النقلة للعالم الموازي، ولم يوضح المخرج المبرر الدرامي لها، وهذه «الفتحة» التي يذهب من خلالها البطل إلى العالم الموازي، لكن بشكل عام الفيلم يستحق المشاهدة للباحثين عن جرعات السعادة والبهجة من خلال ضحك متواصل بلا فواصل.