ياسر العيلة
لن أكلّ أو أملّ من مقولتي «إن أرض الكويت لا تنضب أبدا من المواهب» كلما شاهدت عملا فنيا مبهرا يحمل فكرا وإبداعا ورؤية مختلفة عن الآخرين، وهذا الكلام ينطبق حرفيا على الفنان الشاب الشامل بدر الشعيبي وفريق «ترند برودكشن» فهو من النجوم أصحاب المواهب الحقيقية، فالشعيبي يعد واحدا من أهم المواهب الفنية التي نجحت في صناعة شكل جديد للمسرح الغنائي الاستعراضي على المستوى الخليجي والعربي، حيث حضرت له مؤخرا مسرحيته الجديدة «ابرا كدابرا 2» وهي الجزء الثاني لمسرحية «ابرا كدابرا» التي قدمها العام الماضي، والحقيقة لا ادري ماذا سيقدم بدر الشعيبي العام المقبل؟ لأنه قدم في هذه المسرحية كل شيء من عناصر إبهار غير مسبوقة من ديكور صممه عدنان المويل، والإضاءة لعبدالله النصار، وموسيقى واستعراض من تصميم فرج الفرحان، وغناء وأداء تمثيلي واستغلال الشاشات على المسرح مع حركة الممثلين، تمت بشكل احترافي بمعنى الكلمة من قبل مخرج الشاشات محمد عادل البلوشي، فكل تلك العناصر صاغها الشعيبي كمخرج باحترافية لتقديم مسرح استعراضي غنائي بصورة سينمائية، ندر تقديمه، لكلفته المالية العالية من ناحية، ومن ناحية أخرى لعدم توافر مسارح مجهزة لمثل هذه النوعية من الفنون، وهذا يحسب لشركة «ترند برودكشن» وللمشرف العام عن العمل الفنان والمنتج عبدالرحمن اليحيوح الجندي المجهول لكل نجاحات الشركة.
الجزء الأول الذي عرض العام الماضي من «ابرا كدابرا» شهد صراعا بين فرقتين مسرحيتين انتهى بتحالفهما معا لتقديم اعمال مشتركة، فيما يشهد الجزء الجديد محاربتهم والتصدي للفن الذي يقدمونه من قبل احد الضباط في المدينة والذي يصدر قرارا بهدم المسرح واستبداله بمواقف للسيارات، بالإضافة إلى فرض حظر التجوال بعد الساعة العاشرة مساء ليلجأ أعضاء الفرقة إلى تقديم عملهم بشكل سري بعيدا عن اعين الشرطة، لكن بسبب «وشاية» من احد عمال النظافة الخائنين يتم القبض عليهم فيشعرون بمرارة الخيانة، ويصبحون اسرى الثقة المهزومة بينهم، وهنا يظهر نجم فرقة «ميامي» خالد الرندي عبر الشاشات وهو يقدم اغنية مؤثرة تذكرهم ببدايتهم ونجاحاتهم السابقة معا، وان قوتهم في صداقتهم، وألا يسمحوا للشك وسوء الظن بأن يتمكن منهم.
ويطلب أعضاء الفرقة من الضابط الذي امر بهدم المسرح ان يحضر العرض المسرحي وان يعتبره العرض الأخير لهم على ان يتخذ قراره النهائي عقب مشاهدته، لتكون المفاجأة بأنه اعجب بالعمل خصوصا انه لامسه على المستوى الشخصي، ويسمح لهم بالاستمرار في تقديم عروضهم، ويتراجع عن هدم المسرح.
هذا باختصار قصة المسرحية القريبة من القلب، والتي تستمع بمشاهدتها، وترغب الاذن في معاودة سماع ألحانها وموسيقاها عقب انتهاء العرض، وهذا يحسب بلا شك لبدر الشعيبي وللكاتبة مريم نصير ولنجوم العمل بداية من النجم يعقوب عبدالله، مرورا بالنجوم الشباب الذين اشعلوا المسرح حماسا ومتعة بأدائهم المتميز، وهم: فرح الصراف وناصر عباس وفهد الصالح ورهف محمد وعبدالرحمن اليحيوح وميثم الحسيني وضاري الرشدان وفيصل فريد وعبدالرحمن الفهد وهاني الهزاع وريان دشتي ونور محمود وعبدالله الشطي، الذين قدموا عملا مميزا يستحق الإشادة لعناصره المتكاملة، نصا وموسيقى وأداء وسينوغرافيا وإخراجا، بالإضافة إلى الأزياء الرائعة من تصميم «سبا وفاطمة العازمي» والديكورات والأكسسوارات.
ومن عوامل النجاح أيضا الموسيقى والأغاني التي احتواها العرض، ففي هذا العمل أثبت بدر الشعيبي انه ملحن عبقري بمعنى الكلمة، شاركه الشاعر المتميز محمد الشريدة الذي كتب النص الغنائي، والتأليف والتوزيع الموسيقي للفنان القدير ربيع الصيداوي والإشراف الموسيقي على العمل لهادي خميس.