الموت حق ومآل وخاتمة كل حي، فبه الانتقال من دار الممر الى دار المقر، من دنيا العمل الى آخرة الجزاء الأوفى، حيث يجازي الله سبحانه من كانوا له موحدين وله عابدين ولأحكامه منفذين بنعيم مقيم وجنات عدن فضلا وكرما من رب رحيم كريم.
قدر الله تعالى أن يحل بدارنا ملك الموت ويتوفى أبانا فهد ركاد البرازي المطيري صباح يوم السبت 19 مارس تاركا قلوبا عليه منفطرة وألسنة له داعية وعقولا متفكرة ذاكرة بلاغة أقواله ومحاسن أفعاله، دون اعتراض على قضاء الله وقدره ولا جزع من أمره، وحالنا مع أبينا رحمه الله ينطق به حال النبي صلى الله عليه وسلم عند قوله لابنه إبراهيم «لولا أنه أمر حق، ووعد صدق، وإن آخرنا سيلحق أولنا، لحزنا عليك حزنا هو أشد من هذا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون، تبكي العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب» وقوله عليه الصلاة والسلام «تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا».
وقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعد تقبيل جبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد وفاته «بأبي أنت وأمي طبت حيا وميتا» وقالها علي رضي الله عنه عند تغسيل النبي عليه الصلاة والسلام «بأبي الطيب، طبت حيا وميتا»، وما قاله ابن عقيل رحمه الله «لولا أن القلوب توقن باجتمع ثان لتفطرت المرائر لفراق المحبين».
ونحن نقول كذلك طبت يا أبانا رحمك الله حيا وميتا فقد اقتديت بذلك السلف الصالح وكنت من ذلك الجيل المخضرم الذي عاصر شدة الحياة وضيقها، فصبر وصابر مغتنيا عن الناس ومعتمدا على النفس، فقد استثمر أبونا رحمه الله شبابه بالعمل لبلده ابتدأ بشركة نفط الكويت في بداية الخمسينيات ثم الالتحاق بالأمن العام في بداياته وعمل بأمانة الحريص وإخلاص المؤتمن على أمن هذا البلد منذ ما يربو على الخمسة عقود باذلا جهده، وجل وقته بل وروحه من أجل حفظ الأمن والأموال والأعراض للكويت وأهلها، فأبشر بما يسرك ويسعدك عند عظيم قال (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره).
كانت شخصية أبينا متعه الله بالجنان ذات وقار ولها هيبة دون وجل وذات عزة بعزيمة، اجتمع فيه المحبة بالتقدير والرحمة بالعطف والنصح بالتوجيه، يغترف من خبرته في كلامه ما يشوق سامعه ويقنع مناقشه ويمتع مجالسه ويفيد مستشيره، إن حضر أثر وإن غاب فقد فهو كان للخير فاتحا وللشر والمنكر مغلقا وناهيا.
كان رحمه الله وجعله في عليين لحقوق الله سبحانه مؤديا ولحقوق العباد باذلا ومنصفا، فهو للرحم واصل وعن الغائب والمسافر سائل، وعن الأقارب مستفسر وللجيران متفقد، أحب المصلين بمساجد ثلاثة الحضرمي والسبيل ومسجد أبي سبرة بن أبي رهم بالعارضية وأحبوه اجتمع معهم على ذلك وتفرقوا عليه، الله أسأل أن يجعلهم ممن يظلهم في ظله يوم لا ظل الا ظله.
ومما يواسينا عاجل البشرى، ولله الحمد، فشهود الله بالأرض الناس قد تواتر كلامهم بالشهادة له بالعبادة والطاعة وزين العمل والقول والدعاء له بالرحمة والجنة عند رب كريم لا يضيع أجر من أحسن عملا، وهو سبحانه عند ظن عباده الحسن به، ليبشر من دعا بخير له وللمسلمين بظهر الغيب بملك كريم طاهر يدعو لهذا الداعي «ولك مثله» كما ورد بالحديث الشريف، فطبت يا أبي حيا وميتا.
[email protected]