يطالع عبدالله بن خالد المنتديات الاقتصادية على الإنترنت ويتابع مع أصدقائه بحثا عن أخبار لطرح عام أولي قد يكون في الأفق ويتذكر بضع سنوات مضت حين كانت تلك الاكتتابات تتيح له الفرصة لتحقيق أرباح وفيرة.
يمثل بن خالد وهو تاجر سعودي في منتصف الثلاثينيات من العمر قطاعا كبيرا من المتعاملين في سوق الأسهم السعودية أكبر البورصات العربية على الإطلاق فمع هيمنة المتعاملين الأفراد بصورة كبيرة على التعاملات يسعى الجميع وراء الربح السريع.
لكن يبدو أن شهية السعوديين العاديين للاكتتابات لن تجد ما يشبعها قريبا إذ لا تلوح في الأفق طروحات لأي من الشركات الكبرى.
اعتاد بن خالد وهو متزوج وأب لثلاثة أطفال الاكتتاب في أكبر عدد ممكن من الأسهم لتحقيق أكبر قدر يستطيعه من مكاسب مضمونة وسريعة تعينه على تكاليف الحياة رغم أنه يعيش في أحد اكثر بلدان العالم ثراء. وتشير بيانات صندوق النقد الدولي الى أن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي في السعودية بلغ 16641 دولارا في 2010.
وفي مقابلة مع رويترز عبر الهاتف قال بن خالد بصوت هادئ متزن «ربح البيع في أول ثلاثة أيام مضمون (لكن) الاكتتابات لم تعد كالسابق كان الربح فيها يتجاوز احيانا 150% في اقل من أسبوع... كنت اكتتب بأسماء أقاربي لجمع أكبر كمية من الاسهم وبيعها في أول يوم تداول».
ويضيف «حاليا لا أفضل أن اكتتب خصوصا ان هوامش الربح لم تعد تتجاوز 30% إلى جانب ان التخصيص بات قليلا جدا».
لكن رغم ثرائها تعاني السعودية من ارتفاع معدل البطالة اذ ان نظام التعليم قبل الجامعي المتقادم الذي يركز على علوم الدين واللغة العربية يفرز خريجين يواجهون صعوبة في الحصول على وظائف في الشركات الخاصة.
ويضطر كثير من السعوديين الى العمل كسائقي سيارات أجرة أو حرس خاص أو في وظائف أخرى بأجور زهيدة لتغطية تكاليف المعيشة.
وتشجع السلطات السعودية الطروحات العامة الاولية كإحدى الآليات التي تضمن توزيع عائدات النفط الهائلة.
ويقول محمد الشهري وهو مواطن سعودي ممن تستهويهم الطروحات الأولية إن الأرباح التي يجنيها من الاكتتابات تعينه على سداد بعض متطلبات الحياة. ويضيف الشهري وهو مدرس متزوج في أواخر العشرينيات من العمر «أكتتب في أي أسهم تأسيس لشركة جديدة... في السابق كانت (الاكتتابات) تعد دخلا اضافيا لي ولكن الاكتتابات حاليا قليلة... (قيمة أسهم بعض) شركات التأمين تضاعفت معي وساعدتني على دفع بعض الأقساط الشهرية». والمستثمرون الأفراد هم القوة الدافعة لسوق الأسهم السعودية كما ينشطون في أسواق أخرى مثل مصر والإمارات ووفقا لبيانات رسمية يسجل الأفراد نحو 93% من الصفقات اليومية في البورصة السعودية.
ووفقا لإحصاءات صندوق النقد العربي بلغت القيمة السوقية للأسهم السعودية منذ بداية العام وحتى 26 يونيو 345.05 مليار دولار تلتها قطر بقيمة 120.8 مليار دولار فيما جاءت أسواق مصر وأبوظبي ودبي بقيم 71.5 مليارا و72.8 مليارا و53.6 مليار دولار على الترتيب. كما بلغت قيمة التداولات في السوق السعودية خلال الفترة ذاتها 152.03 مليار دولار تلتها سوق الدوحة بقيم بلغت 12.6 مليار دولار. وبلغت أحجام التداول في السوق السعودية 26.6 مليار سهم مقارنة بـ 22.3 مليار سهم في البورصة الكويتية و16.7 مليار سهم في سوق دبي المالي. وتكشف تعليقات الأفراد على المواقع والمنتديات عن حالة من الولع بالاكتتابات فتعليقات مثل «الاكتتابات لن تتوقف مادامت وسيلة للكسب السريع» و«نعم للاكتتاب» و«نعم للاكتتاب والبيع في أول أيام التداول» و«مرحبا بالاكتتابات دعونا نرتزق» و«ابشر بالتغطية القوية» ما هي إلا غيض من فيض.