للقضاء مكانته العليا في نفوس الناس وتقديره كبير عند الدول العادلة واستقلاليته مستحقه فلا سلطان على القاضي إلا مراقبته للحكيم العدل سبحانه ثم ضميره لذلك تجده ملاذا بعد الله للمظلومين وركنا يركن له المستضعفون، لذلك فمن واجب الدولة ومستلزمات عملها إبعاده عن الشبهات ومواطن النزاعات السياسية ولكن ما نراه في قضية ما يسمى باقتحام المجلس ورفع الحصانة عن الأعضاء نزاع سياسي فيه إقحام للقضاء في موضوع ابتدأ سياسيا ونتمنى أن ينتهي كذلك ودلائل أن النزاع سياسي ما يلي:
ان الحكومة اذا ما سايرناها بوصفها للواقعة لم تتخذ ثمة إجراء جزائي في حالة الجرم المشهود باقتحام المجلس بالمخالفة لنص المادة 20 من القانون 12 لسنة 1963 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس الأمة التي تنص على أنه «لا يجوز أثناء دور الانعقاد في غير حالة الجرم المشهود أن تتخذ نحو العضو إجراءات التحقيق او التفتيش او القبض او الحبس أو أي إجراء جزائي آخر إلا بإذن المجلس، «مفاد ذلك انه يجوز اتخاذ أي إجراء من الإجراءات الجزائية في حالة قيام أي عضو بجرم مشهود».
وما الجريمة المشهودة؟ قالت المادة 56 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية «وتعتبر الجريمة مشهودة إذا ارتكبت في حضور رجل الشرطة او إذا حضر إلى محل ارتكابها عقب ارتكابها ببرهة يسيره وكانت آثارها ونتائجها مازالت قاطعة بقرب وقوعها».
مفاد هذين النصين انه كان على الحكومة ممثلة بوزارة الداخلية ان تنشر رجالها حول المجلس وتقبض على المقتحمين كما يوصفون، أما وأنها لم تفعل بل وسهلت الأمر بالدخول والخروج فإن ذلك وان كان به حكمة بليغة فإنه يحمل معنى قانونيا في مضمونه بغلبة الشأن السياسي على القانوني بهذه الواقعة.
ان علمنا ذاك وأضفنا له توكيدا على ان النزاع سياسي وجود بلاغين متناقضين من مكتب مجلس الأمة قديم وحديث وإن كان الأحدث ينقض الأقدم وفق المبادئ السارية.
خلاصة القول إن القضاء ليس ساحة للمنازعات السياسية ولا يصح جره لمستنقع وحل السياسة ودهاليز خفاياها وأخطأ برأيي من وافق على رفع الحصانة ليلقي العبء على القضاء الذي لا أظنه سينطلي عليه ذلك.
lawer_albarazi