بيروت ـ زينة طبارة
رأى عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب زياد أسود أن لبنان أدخل عنوة في عين العاصفة السورية وبات وفقا للمعطيات الراهنة مرشحا كي يصبح طرفا أساسيا فيها لا بل جزءا من يومياتها ان لم تستدرك قياداته السياسية هذا الخطر عبر تعاطيها بحكمة ومسؤولية مع ما يطرأ من مستجدات أمنية وسياسية على أراضيه، معتبرا بالتالي أن قوى «14 آذار» تنازلت عن دورها الوطني عبر مقاطعتها لأعمال المجلس النيابي تحت عنوان «إسقاط الحكومة»، وساهمت في إضعاف مناعة لبنان من الانزلاق في أتون الاحداث الاقليمية واحتمال انعكاسها فتنة مذهبية بين اللبنانيين، مؤكدا أن مقاطعة المجلس النيابي في الظروف الحالية لا تساعد في إسقاط الحكومة بقدر ما تساهم في تسعير التشنجات والانقسامات القائمة، ناهيك عن تعطيل مصالح الناس وشؤونهم على كل المستويات وتحديدا على المستويين المعيشي والانمائي.
ولفت النائب أسود في تصريح لـ «الأنباء» الى أنه لا يمكن لأي عاقل أن يترجم مقاطعة قوى «14 آذار» لأعمال المجلس النيابي بالتصرف المحق، نظرا لانتفاء وجود رابط حقيقي وفعلي بين إسقاط الحكومة وأسباب المقاطعة، مشيرا الى أن قوى «14 آذار» تدرك جيدا أنه لا المقاطعة ولا نصب الخيم ولا الاعتصامات الطالبية ولا الشعارات التحريضية تستطيع إسقاط حكومة في بلد قائم على توازنات طائفية ـ مذهبية وعلى توافق سياسي كامل لا يمكن لأحد التغاضي عن أحكامه، معتبرا بالتالي أن الهدف الوحيد الذي تسعى قوى «14 آذار» الى تسجيله هو قطع الطريق أمام أي ولادة لقانون انتخاب جديد، وذلك لأن القوى المذكورة تعتبر أن فوزها في الانتخابات النيابية لا يمكن تحقيقه إلا بقانون الستين وتعديلاته في الدوحة.
وأضاف النائب أسود معربا عن أسفه لانصياع مسيحيي «14 آذار» لترتيبات بيت الوسط حتى لو اقتضى انصياعهم تخليهم عن حقهم بالتمثيل الصحيح داخل المجلس النيابي، بمعنى آخر يعتبر النائب أسود ان تيار «المستقبل» يمارس التضليل السياسي حتى مع حلفائه مسيحيي «14 آذار» بحيث يوحي اليهم بأن إسقاط الرئيس ميقاتي يستوجب مقاطعة المجلس النيابي ويدفع بهم بالتالي الى تبني هذا التوجه في وقت هم بأمس الحاجة الى انعقاد جلسات اللجان المشتركة للاتفاق على قانون انتخاب يعيد للمسيحيين حقوقهم ويكرس مشاركتهم في الحياة السياسية.
وعن قراءته لتدهور العلاقات بين بيت الوسط والمختارة على خلفية تحرك قوى «14 آذار» لإسقاط الحكومة، لفت النائب أسود الى أن حقيقة الأزمة بين الرجلين (الحريري وجنبلاط) هي أبعد ما تكون عن إسقاط الحكومة أو مقاطعة المجلس النيابي، انما التدهور الفعلي في العلاقات بينهما أتى تبعا لسببين أساسيين وهما:
٭ رفض المملكة السعودية حتى الساعة استقبال النائب جنبلاط أو تحديد موعد له، اذ يعتقد جنبلاط أنه بسجاله مع الحريري يكون قد أوصل الرسالة المطلوبة الى القيادات السعودية.
٭ قراءة سياسية جديدة أجراها النائب جنبلاط حول التطورات الاقليمية وتحديدا حول السورية منها، بحيث تبين له أن مسار ما يسمى بالثورة السورية أصبح خاضعا لتسويات ستبرمها لاحقا الادارة الاميركية مع سورية برعاية روسية ـ صينية ـ أوروبية، وان الرئيس الحريري ما كان ليتهم النائب جنبلاط بأن الاستقرار من وجهة نظره يكمن بالتحالف مع حكومة سورية وإيران وليس بالتخلص منها لولا إدراكه ان جنبلاط خرج من دائرة المتحمسين للربيع العربي.
هذا وردا على سؤال، أكد النائب أسود أنه مهما استفحل السجال بين الحريري وجنبلاط، فإن الأمور لن تصل الى حد الطلاق بينهما، وذلك لاعتباره أن النائب جنبلاط مهما شدت المملكة السعودية الخناق عليه ومهما تنقل بين ضفاف التحالفات المحلية والاقليمية ومهما تبدلت قراءاته السياسية لواقع المنطقة، يبقى بيت الوسط محط اهتماماته، بحيث يُبقي معه خيوطا غير منظورة تمكنه من إعادة وصل ما تقطع بينه وبين الحريري، ناهيك عن أن الحزب الاشتراكي هو حليف دائم وتاريخي لسنّة بيروت وإقليم الخروب، ما يعني أن الخلافات بينهما تبقى غيمة صيف عابرة فيما خلافات الاشتراكي مع الطرف المسيحي غيمة شتاء دائمة وعلى مسيحيي «14 آذار» أن يتعظوا.