بقلم: فالح بن حجري
حقيقة مرة، لا بد أن تقال، وهي أنه بدلا من أن نتحول بعد النفط إلى «ملوك» حولنا البترول بدوره إلى «مماليك» لجرعاته الزائدة من رفاهية التواكل!
والشاهد على هذا أن شعب الكويت قبل النفط كانت له بصمات مؤثرة في الحياة السياسية والاقتصادية، أما الآن فله بصمات في «دواماته» الوظيفية فقط، وكلما زاد سعر برميلنا دولارا أصابنا «سعار» الاستهلاك، وكلما نقص دولارا أصبحنا نقص على أمانينا حكايات «المناخ» و«المديونيات الصعبة» مقسمين أمامها «بلحية برقان» بانها مجرد شدة «أوپيكية» وتزول «وبكره دولارات براميلنا أحلى»، يا ترى ماذا لو صحونا يوما ووجدنا «معزبنا» البترول وقد سحب بساط آباره من تحت أرجلنا؟ هل سنتحمل الصدمة الأولى حينما نتحول من مجتمع «ريعي» إلى مجتمع « متروع»، وهو يرى دخله الوحيد يهجر دار ميزانيته؟ هل سيتكيف مجتمع ولد وفى فمه ملعقة من ذهب أسود على ظروف فقدان «الملعقة النفطية» متحملا انغراس «شوكة» حالته الاقتصادية الجديدة في خاصرة معيشته؟! هل سنلعب دوما مباراة تنميتنا «باحتياطي النفط» ونترك الأساسيين من مشاريع تصنيع وخطط تطوير على دكة البدلاء؟!
أصبنا للأسف بالمرض الهولندي، وهو مصطلح اطلقه الاقتصاديون على حالة هولندا بعد اكتشاف النفط فيها أوائل القرن العشرين، حيث تحول شعبها من شعب منتج إلى استهلاكي تاركا تاريخ كفاحه الطويل وراء ظهر دخان آباره النفطية، وهولندا تاريخيا تستحق الباقة الكاملة من «كان وأخواتها» كانت طاحونة التصنيع الأوروبي حتى لقبت «ببقالة اوروبا» وكان أسطولها يبني المدن في العالم الجديد كنيويورك وغيرها في الوقت الذي كان أسطول آخر لها يدك البصرة وأسطول آخر في إجازة يحتسي قهوته على ضفاف شاطئ سومطرة في سطوة هولندية على البحار سطرتها مجاديف شعب لا يكل ولا يمل!
بعد 50 عاما من اكتشاف النفط في هولندا نضب فجأة واستيقظ الهولنديون على واقع مر حاولوا إصلاح ما يمكن إصلاحه عبر السنوات الماضية بتطبيق قاعدة العمل والإنتاج وتطوير القدرات البشرية، ورغم إحرازهم بعض التقدم، لكن هولندا قبل النفط لم تكن أبدا هولندا بعد النفط، فما زال المرض الهولندي يرسم ندوبه على تاريخها!
العمل والإنتاج وتطوير القدرات البشرية «هذا دواك يا وطني المتلحف بخام براميلك النفطية وعلى الله ثم إرادة شعبك شفاك»!
bin7egri@