الراتب في الكويت يتجسد شهريا بحالات المادة الثلاث، الصلبة، الغازية والسائلة فهو في أول الشهر «صلب » إذا ما قورن بحالات الرواتب الأخرى العالمية ومن الممكن تصنيفه في مرتبة «الجامد أوي» إن لم تكن مرتبة: جلمود صخر حطه «الكي نت» من عل.
أما في منتصف الشهر فيبدأ في التبخر متحولا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إلى «غاز» تحت ضغط مطرقة الغلاء وسندان المصاريف، وأخيرا في آخر الشهر يلفظ الراتب أصفاره الأخيرة ويصبح مجرد «سائل» على أبواب فيزا البنوك واخوان الصفا.
بعيد عنكم مادة «كيمياء الراتب» في الكويت لا شك أنها مادة صعبة ولكن صعوبتها لا تقارن بصعوبة مادة أخرى هي «فلسفة الراتب» خصوصا إن كان منهجها يدرس على يد تنمية حكومية تحب أن «تتفلسف» أمام آمال مواطنيها، كما تحب «أن تفسفس» مواردهم المالية على الخارج.
تفلسف تنمية الحكومة الزائد واضح وضوح الشمس عند تنطعها بحلول المشكلة الاسكانية، من مدن على ورق لا ندري انسكن مخططاته أم نكتب عليه وصايانا إلى «سالفة جاكم ذيب زيادة بدل الإيجار وجاكم ولده» إلى «زيادة قرض بنك التسليف التي يسيل لها لعاب تجار العقار وتجف منها حلقونا».
الحكومة المتفلسفة تعلم جيدا أن أسعار العقار حلقت عاليا وربما لامست اليوم الغلاف الجوى للمليون دينار والحكومة تعلم أيضا أن قطار الإيجارات لم يعد يقف إطلاقا عند محطة بدل الـ 150 التي تعطيها للمواطن بل تعداها ومنذ زمان طويل إلى محطات الـ 500 و800 والـ 1000.
والحكومة تعلم أن مشكلة الإسكان ليست في ندرة الأراضي فهي متوافرة وبكثرة وليست مشكلتها في السيولة المالية فالقاعدة البترولية تقول إن ظهر سيل البرميل فلا تأمن سيل الفوائض المالية.
المشكلة الحقيقية أن التنمية لحكومة تحب وراء كل امتحان «فلسفة راتب» تقدمه لنا أن ترى بعده كشوفات درجات سلم الآمال وقد كتب عليها أمام أسماء أحلامنا.. لم «ينج» أحد.
@bin_7egri