فايز النشوان
بعد ساعات من نشر هذا المقال قد نسمع عن التشكيلة الجديدة لحكومة سمو رئيس الوزراء الخامسة وهي على ما يبدو لن تكون جديدة من ناحية المضمون عن أخواتها الأربعة السابقة، وإن كان هناك تغيير فقد يكون شكليا فقط، وسيأتي الوزراء على أسس المحاصصة بين القوى السياسية الرئيسية في البلاد، ولن يكون فيها أي الحكومة الجديدة أي أمل جديد يعول عليه الشارع الكويتي لإضافة أي جديد يذكر.
من المهم أن نشير إلى أن كل وزير في الوزارة الجديدة ولو كان من الرموز المعروف عنها تطبيق القانون وقلبه على المال العام ورجلا فاضلا فعليه ألا يعتمد على أي غطاء ممكن أن تقدمه له الحكومة سواء من ناحية تقوية «شكيمته» أمام النواب في مجلس الأمة أو أمام الإعلام والشعب بشكل عام، فمن أسهل الأمور التي عهدناها في الحكومات الفائتة هي التخلي عن الوزير الذي قد يتعرض لأي أزمة سياسية والاكتفاء بدعم محدود لا يسمن ولا يغني عن جوع بل قد يكون له أثر سلبي على حياة الوزير السياسية.
وللتغلب على هذه المعضلة الكبيرة التي يواجهها أي وزير جديد لابد أن يعتمد على نفسه في مواجهة أي مشكلة سياسية وأن يرسم لنفسه سياسة تخصه لأنه في النهاية هو المتضرر، وعليه أن يضع نهجا واضحا يكسب به تأييد عدد كبير من النواب عن طريق التعامل النظيف المباشر معهم، وألا يقع في فخ تسيير معاملات مشبوهة قد ترضي بعض النواب وتغضب آخرين، فيكون عرضة لانتقاداتهم ومن ثم مساءلته سياسيا، لذا فمن مواصفات الوزير الناجح أن يمسك بالعصا من المنتصف وعلاج ما يعرضه النواب عليه معالجة صحيحة ليستطيع المراوغة والخروج من أي معاملة أو أمر قد يكون فيه شبهة أو التواء على القانون عرضه عليه النائب سواء بقصد أو بدون قصد، ولا بأس من الاستماع لآراء النواب والاتصال المباشر بهم لأخذ آرائهم في بعض الأمور العامة فهو أمر يدعو لتوثيق الصلة بين الوزير الناجح والنائب.
لا شك أن التواصل الاجتماعي والمجاملات السياسية لها دور نسبي في كسب تأييد بعض النواب، وهم معروفون بالمناسبة، لكن هذا الأمر لا ينطلي على بعض النواب أصحاب الرأي والتوجه فهم يفصلون بين العلاقة الاجتماعية والعمل.
وأهم أمر على الوزير الناجح أن يتعامل معه بكل حرفنه هو وسائل الإعلام المقروءة بالتحديد، فهي من تستطيع شحن الرأي العام ضد أي وزير لأي سبب ولو كان هذا السبب غير وجيه ولا يستحق، ولأن الأمر معقد في هذا المجال فلن يستطيع الوزير بمفرده مواجهة هذا الكم الكبير من الصحف، لذا فعليه أن يجند بعض المستشارين الفاعلين والعالمين ببواطن الأمور في شارع الصحافة ويمتلكون قدرة نافذة ورأيا صائبا، فهناك فرق كبير بين القانوني والإعلامي لاسيما إن كان هذا الإعلامي يتعاطى بالشأن السياسي الشائك والمعقد بالكويت، وعلى الوزير أن يكون ذا علم في مسألة تأثير الإعلام غير المباشر في تحقيق ما يريد.
والإعلام بشكل عام لا يميل لأي وزير بشكل تام إلا إذا كان هذا الوزير من المحسوبين على ملاك الصحيفة سواء كان أسريا أو تنظيميا أو مصلحيا، لكن مع ذلك لا تستطيع صحيفة واحدة أن تدافع عن وزير واحد لمدة طويلة وهو مهاجم من صحف أخرى قد تبيد حياته السياسية وتدخله في غياهب النسيان.
وفي النهاية إن الوزير الناجح هو الوزير الذي يمتلك قدرة كبيرة على المراوغة السياسية ويعرف عنه تطبيق القانون وينجح في التعامل مع وسائل الإعلام، ولا شك في إن النجاح الأهم هو ما يقدمه الوزير من قيمة مضافة وبصمة واضحة للعمل في وزارته فهو بالنهاية مؤتمن على عمله.