لسنا ضد ممارسة اعضاء مجلس الامة لحقوقهم الدستورية، ولسنا ضد احكام الرقابة على تصرفات وسلوك السلطة التنفيذية، اذا كانت الغاية هي تقويم اعوجاج او تصحيح مسار واخضاع كل الممارسات الى ما ورد في القسم الدستوري، لان في ذلك شعورا بالمسؤولية وحرصا على استقامة النهج.
ولكننا بكل تأكيد ضد ان تكون الاستجوابات ردود افعال غير مدروسة، قد تصيب وكثيرا ما تخطئ في تحقيق غايتها، فثقافة بعض الاستجوابات التي لا تعدو ان تكون بهرجة اعلامية وسياسية، ستكون بكل تأكيد غير مرغوب فيها من قبل الامة التي هي مصدر السلطات، فاذا كانت نتيجة هذه الاستجوابات لا تعدو ان تكون زوبعة في فنجان وخاصة بعد تفنيدها، وغالبا ما تنتهي الى لا شيء الا اللهم ان من قدم الاستجواب ومن رد عليه في نهاية المناقشة يتصافحان ويتبادلان حب الخشوم وأخذ صورة باسمة، بحجة ان الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، ثم تنشر وسائل الاعلام تلك المشاهد وتثبت بأنها ممارسة ديموقراطية. نحن ابناء هذه الامة نهدي نصيحة لمن يقدم استجوابا متطلعا الى ان تكون نهايته صورة باسمة على هذا النحو، وهي ان اي وزير او حتى رئيس الوزراء نفسه اذا ما طلب اليه صورة ملونة مع اي مواطن فإن طلبه سيجاب بكل سرور، اما ان يستخدم العضو ما جعله الدستور ومواده حقا له للوصول الى مثل هذه النتيجة، فإننا نجزم بأن الدستور في هذه الحالة قد أهين بشكل فج اهانة كبيرة. لان الاصل في الاستجواب ان يثبت من خلال الاجابة ان من وجه اليه الاستجواب قد حنث في القسم وضلل الامة.
ولعل من المفيد ان يكون لدى اعضاء مجلس الامة ثقافة قانونية دستورية، حيث ان الدستور ومواده كتب لينظم الممارسات البرلمانية الفاعلة الهادفة والتي لها علاقة بالشأن العام، ولعل من المناسب جدا وجود ثقافة ذهنية تحكمها قواعد دستورية تسبق الشروع في كتابة مادة الاستجواب التي نأمل الا تفقد اهميتها بسبب كثرتها وضعف مضمونها ونشاز نهايتها، فما معنى ان استجوابا تقام له الدنيا ولا تقعد ينتهي بأن من قدم الاستجواب يكتفي بما قاله المستجوب، مثل هذه النهايات اصبحت كقشور ذبلت اطرافها من كثرة تكرارها على غير هدى. اننا ننادي بأعلى اصواتنا يا سادة يا اعضاء مجلس الامة، لا تكفروا المجتمع بالممارسة الديموقراطية، يا سادة نحن الامة لسنا بحاجة الى استجوابات غايتها تكسب صاحبها سياسيا واعلاميا وبخاصة تلك التي تكون ردود افعال او وراءها امور اخرى وأقاويل لا نريد ذكرها لانها ان صحت، فإنها تزكم النفوس قبل الانوف. ونحن على يقين من ان اغلبية اعضاء مجلس الامة مجتهدون لكن لا تصادر الاقلية في مجلس الامة رأي الاغلبية لان القول الفصل الذي تتطلع اليه الامة هو ان استقرار الكويت غاية الغايات.