قدم نادي سين مساء السبت الفيلم المصري المستقل "الخروج للنهار" برعاية مقدمة من شركة "أوزون" للسينما بـ"تريومول"، وبالتعاون مع رابطة الأدباء الكويتية وداخل مقرها بقاعة الدكتورة سعاد الصباح.
"الخروج للنهار" هو الاستهلالة الأولى للمخرجة هالة لطفي في عالم السينما، وسبق أن نال عدة جوائز خارج مصر، ولعب الأدوار الرئيسية دنيا ماهر وسلمى النجار ودعاء عريقات ونادية الجندي وجلال البحيري وأحمد شرف وأحمد لطفي.
السينما بشكل أو بآخر هي فن من فنون "الحكي"، والقدرة على السر البصري، عبر سيناريو من المفترض أنه محكم، وقدرة إخراجية على لجم المونتاج لتوفير أكبر قدر من المتعة والبعد عن المط والتطويل، ورغم أن هالة لطفي كمخرجة قد حجزت لنفسها مكانا لائقا بين مخرجي السينما المستقلة، إلا أن النص قد ناله ما ناله من المط والتطويل.
لعبت هالة لطفي ضمن إطار السينما المستقلة فتفوقت، أغلب الظن أنها خافت أن تدهسها ماكينات وقوانين السينما التجارية فابتعدت، فالمستقلة لديها قدر أكبر على الابتكار والمجازفة والتحليق خارج قواعد لعبة السينما التجارية المستهلكة، فاختارت فكرة غارقة في الشكل الإنساني، ولم تعبأ بكون الفيلم خاليا من أي اسم سينمائي معروف فقدمت ممثلين لمعوا كل في دوره بفضل موهبتهم ولا شيء آخر.
يتناول الفيلم قصة فتاة انغقلت حياتها داخل محيط غاية في الضيق، أم ذات نفسية مهترئة وروح مهدمة، وأب عاجز كليا، مقعد مسجون داخل كرسيه المدولب فسجن معه الإبنة والزوجة فسلموا بذلك، وصارت حياتهما أشبه بالمناوبة على خدمة الرجل القعيد.
في مشهد شبه ثابت قاتم مطاط غلب على جل أحداث الفيلم، البيت الكئيب الذي لا تتبدل ملامحه الرديئة الحزينة، تستيقظ الفتاة متململة كسولة لتبدأ دائرتها المفرغة، إطعام الأب وحديث باهت بينها وبين أمها يتبادلان خلاله اللوم والعتاب حول من منهما المتقاعسة اكثر في خدمة الرجل.
تتقوقع الفتاة وتغلق كل حواسها على إطعام الأب ووضعه في فراشه، وتنظيف تقيحات جسده جراء نومه الطويل، وسط نظرة لوم وعدم رضا من الأم المنهكة، وزيارة غير محببة من ابن خالتها المجند لم يلبث أن شعر بعدم الترحيب فانصرف، لتستثمر الفتاة الفرصة وتقرر الخروج لساعتين تبدد خلالها الإحساس بالمحبس المفروض عليها، لتكشف الاحداث عن مقابلة مفترضة مع حبيب لم تتم.
تتحرك الاحداث في شيء من الخفة عندما تخرج الفتاة من منزلها المعتم، مرورا بمشهد الفتاة المرتبكة المذعورة التي تستشعر أنها ممسوسة ويدور بينهما حوار حول الحجاب والأعمال السفلية، وانتهاء بإنهاء الفتاة علاقتها بالشاب عبر مكالمة هاتفية، وإسراعها إلى المستشفى فور علمها بتردي صحة الأب، ومكوثها خارج البيت حتى الصباح متمسكة بحالة الحرية التي لم تستشعرها منذ شهور، لتشهد أحداث دوت في مخيلتها مثل خشونة سائق الميكروباص في تعامله معها وإنزالها من السيارة عنوة لتواجه وحدها وحشة الطريق وقسوته ليلا، وبعد ليل طويل تصل البيت لتجد الأم تصلح ما أفسده الدهر من فراش والدها لتنتهي الأحداث بسؤال حالك...أين سندفن أبي عندما يموت؟.
فيلم "الخروج للنهار" يكسر كل تابوهات المألوف والمضمون والمعهود والمتعارف عليه، يلعب على وترك أنت وعذاباتك انت وينتصر لك انت، في ليل القاهرة الحالك وروح أبطال الفيلم الغارقين في روتين المرض وهوانه وسجنه كانت تلك الأيقونة المستقلة الجامحة الغير عادية لتتبوأ به هالة لطفي مكانا تستحقه.
عقب الفيلم فتح باب المناقشة وشهد سجالا ساخنا بين مؤيد ومعارض للفيلم، أعقب ذلك مسابقة سينمائية نال عنها الفائزون جوائز مقدمة من شركة "أوزون للسينما".