عبدالكريم أحمد
أصدرت المحكمة الدستورية برئاسة المستشار يوسف المطاوعة وعضوية المستشارين خالد سالم ومحمد بن ناجي وخالد الوقيان وإبراهيم السيف حكمين بعدم دستورية القانون رقم 78 لسنة 2015 بشأن البصمة الوراثية: الأول بعدم دستورية المواد 2 و4 و8 و11 من القانون، والثاني بسقوط باقي مواد القانون لارتباط هذه المواد بالمواد المقضي بعدم دستوريتها ارتباط لزوم لا انفصال فيه.
وأرجعت هيئة المحكمة رفضها القانون إلى أنه فرض على جميع المواطنين والمقيمين والزائرين بإعطاء العينة الحيوية اللازمة لإجراء فحص البصمة الوراثية متى طلب منهم ذلك وخلال الموعد المحدد لكل منهم وفرض عقوبة على كل من يمتنع منهم عن إعطاء تلك العينة عمدا ودون عذر مقبول، وأوجب تسجيل نتائج الفحوصات التي تجرى بهذا الشأن في قاعدة بيانات البصمة الوراثية التي تنشأ بوزارة الداخلية وتخصص لحفظ جميع البصمات الوراثية، بحيث تصبح هذه السجلات التي تحوي قاعدة بيانات البصمة الوراثية بمنزلة سجلات تكشف أمور الحياة الخاصة لكل من يوجد على الأراضي الكويتية.
وقالت المحكمة بحيثيات حكمها: إن البصمة الوراثية لكل إنسان تحوي كل صفاته الشخصية التي تميزه عن غيره وتوضح نسبه وعائلته والأمراض الوراثية فيها وأسراره الطبية الدفينة وهو ما يمثل انتهاكا صارخا للحرية الشخصية التي حرص الدستور على صونها.
وتابعت: إن نصوص القانون جاءت عامة يطبق حكمها على جميع الأشخاص، ودون رضاهم بشأن ما أمروا به أو حتى صدور موافقة أو إجازة سابقة منهم تتعلق بحق لهم هو من الحقوق اللصيقة بالشخص بموجب إنسانيته وآدميته، بما يعنى أن القانون ينتهك حق الفرد في الخصوصية، كما أطلق القانون التحليل دون أن يقصره على إعطاء الحد الأدنى الضروري من المعلومات والذي يكفي لتحقيق الغاية التي صدر من أجلها، ودون أن يبين مآلها بعد الوفاة أو كيفية ووسيلة تصنيف المعلومات المأخوذة من البصمات الوراثية، أو يسبغ الحماية الواجبة على العينات ذاتها، مكتفيا بتقرير سريتها في حين أن الأمر مختلف ما بين الحماية والسرية، وهو ما يعيب القانون ويوصمه بعدم الدستورية.
واستطردت: لا يغير من ذلك ما قد يسهم فيه ذلك القانون عند تطبيقه من الحفاظ على هوية الجثث المجهولة، إذ إن ممارسة الدولة لحقها في حماية الأمن العام يحده - حين ممارسته - حق الفرد الدستوري في كفالة حريته الشخصية بما يقتضيه ذلك من الحفاظ على كرامته واحترام مناطق خصوصيته بعدم امتهانها أو انتهاك أسراره فيها دون مقتضى.
وأشارت إلى أن بقية مواد القانون - بخلاف المحكوم بعدم دستوريتها - تتعلق بتعريف عبارات القانون ولائحته وقاعدة بيانات البصمة وسرية بياناتها وكيفية تبادلها مع الجهات الأجنبية وعقوبة إفشاء أسرارها، وهي ترتبط بالنصوص المقضي بعدم دستوريتها ارتباط لزوم لا يقبل التجزئة بحيث لا يتصور وجودها بدونها، الأمر الذي يرتب سقوط باقي مواد القانون تباعا لذلك.
وكان النائب المبطلة عضويته مرزوق الخليفة والمحامي عادل عبدالهادي قد تقدما بطعن على القانون، حيث أكدا أنه يخالف الشرع والدستور والاتفاقيات الدولية التي وقعتها البلاد، فضلا عن أنه ينتهك خصوصية الإنسان ويكشف صفاته الجينية.
من جانبه، قال مقدم الطعن المحامي عادل عبدالهادي إنه سبق أن أشار إلى خطورة هذا القانون وتبعاته السيئة على انتظام الحياة الدستورية والاجتماعية والسياسية في البلاد، لافتا إلى أنه سبق أن تواصل مع العديد من علماء الجينات البشرية والمنظمات الدولية التي تعنى بعلم الجينات الوراثية وأبرزها المنظمة الأوروبية للعلوم الجينية وأبدوا مخاوفهم من تطبيق هذا القانون سيما لجهة تجميع عينات البصمة الوراثية لدولة كاملة من مواطنين ومقيمين وحتى الزوار.
وأضاف عبدالهادي: كنا واثقين بأن طعننا سيحقق النتيجة المطلوبة ألا وهي إلغاء القانون لأنه لا يجوز اعتماد مثل هذا القانون غير الاخلاقي، ولله الحمد انتصرت المحكمة الدستورية لمبادئ وروح الدستور ولمبدأ حرمة وخصوصية الحياة البشرية ولصورة ومكانة الكويت دوليا.