دخل علي الزوج مع زوجته وقالا اننا اتفقنا على الانفصال وقد جئنا إليك لنرسم خريطة حياتنا بعد الطلاق، وقالا لدينا من الأبناء أربعة أصغرهم عشر سنوات وأكبرهم عشرين سنة، فقلت: إن خريطة الحياة بعد الطلاق ينبغي أن تراعي جوانب كثيرة، فاستخرج الزوج ورقة ليكتب والزوجة فتحت هاتفها لتسجل الملاحظات.
فقلت إن للطلاق والفراق ألما فلا بد أن تعطيا لأنفسكما وقتا لتجاوز هذا الألم الذي يكون مصدره المشاعر المضطربة والمخاوف من المستقبل والتفكير في نفسية الأبناء بعد الطلاق وهذا شعور طبيعي لا بد أن تتعاملا معه بحكمة ومهارة، وبعد هذه المرحلة عليكا باكتشاف أنفسكما من جديد لأن نمط حياتكما سيتغير فلا بد أن تهتما بصحتكما وتمارسا الرياضة أو تكملا تعليمكما أو تشاركا في برامج خدمة المجتمع وتجددا علاقتكما مع أصدقائكما أو أن تبحثا عن أصدقاء جدد يدعمونكما بقراركما هذا، ولتكن علاقتكما بالله قوية فالله خير معين وهادي للإنسان وقت المحن والأزمات، فكثرة الصلاة والدعاء والذكر يساعدكما على تجاوز الهموم والغموم في هذه المرحلة.
وفي الغالب بعد الطلاق الحياة ستختلف والمسؤوليات ستزداد لأن كل واحد منكم صار وحده فلا بد أن تتعلم كيف تخطط لحياتك وتنظم وقتك وتحدد أولوياتك، وكلما كان بينكما تفاهم وتوزيع للمسؤوليات كلما شعرتما بالراحة أكثر، كما أن الضغوط تزداد عليكما من الناس كذلك، فالناس تحب أن تعرف كل شيء وتتدخل في تفاصيل حياة الآخرين فلا بد أن تتفقا على جواب واحد تجيبان عليه الناس عندما يسألونكما عن أسباب الطلاق، وأن يكون التفاهم بينكما على الأبناء كالحضانة والسكن وتعليم الأبناء ومصاريف السائق والخادمة والسفر بالصيف والاشتراك بالأندية والبرامج وأوقات الرؤية ووضع جدول لزيارة الأبناء بينكما.
لأن الطلاق يكون له أثر سلبي على الأبناء ولهذا لا بد من القيام ببعض الإجراءات لعلاج هذه الآثار التربوية مثل إعطاء الأطفال الكثير من الحنان، ومراقبة تصرفاتهم وسلوكهم بعد الطلاق، وحسن الاستماع لهم والرد على تساؤلاتهم بخصوص قرار الطلاق، واستشارة الطبيب النفسي أو المستشار التربوي إن لزم الأمر، وإذا توترت العلاقة بين الوالدين فلا بد أن تكون العلاقة بينكما من خلال وسيط من أجل استقرار الأبناء وعدم تضررهم بالطلاق، وأفضل قرار تتخذونه بعد الطلاق أن تبتعدوا عن القضاء والمحاكم قدر الإمكان وحاولا علاج مشاكلكما بالطرق الودية حفاظا على نفسيتكما ونفسية أبنائكم، وأن تقوما بعلاقة صداقة مع أبنائكما فتلعبان معهم وتخرجون للنزهات والمطاعم والالتزام وتشجيع زيارة الأعمام والأخوال والأجداد، والسماح بمبيت الابن مع الطرف الآخر حتى وإن كان قد تزوج وأسس حياة جديدة.
فهذه أهم معالم خريطة الطريق بعد الطلاق لتستمرا في حياتكما بسعادة، فسكت وتحدث الزوج قائلا: ونحن فكرنا في أكثر هذه النقاط ولكن لم نفكر في التنسيق على الأبناء وقت الإجازات والصيف وكذلك كيف تكون العلاقة في حالة لو تزوج أحدنا وبدأ حياة جديدة، وقالت الزوجة وهل نفاتح أبناءنا في الطلاق؟ قلت: طالما أنكما درستما كل الاحتمالات لإنقاذ زواجكما، وكان خيار الطلاق هو أفضل حل فجوابي هو نعم لا بد أن تخبروهم بهذا القرار، وانتهى اللقاء بعد كتابة خريطة الطريق بعد الطلاق.
drjasem@