قالت: لا أريد زوجي، فكم حاولت أن أغير طباعه دون فائدة، فهو حبيب وطيب ولكن فيه من العيوب ما يجعل العيش معه مستحيلا، عندي منه خمسة أولاد أكبرهم عمره خمس عشرة سنة، لقد صبرت عليه كثيرا ولكني جئتك الآن لتعلمني كيف أتخلص من هذا الزواج، قلت لها: متى حاولت تغيير عيوبه؟ قالت: منذ تزوجنا ولكن دون فائدة فهو عنيد، وكثير الخروج من البيت، ولا يتحمل مسؤولية أبدا، قلت: وما خطتك لتغيير عيوب زوجك؟ قالت: ولماذا الخطة؟! فالعيوب واضحة ودائما أطلب منه التغيير ولكن دون فائدة.
قلت لها: سأخبرك عن قصة رجل أراد أن يغير العالم كله ومكث سنوات فلم يتغير شيء، ثم قال يكفيني أن أغير مجتمعي ومكث سنوات ولم يتغير شيء، فقال يكفيني أن أغير عائلتي وظل سنوات ولم يحدث شيء، ثم قال أخيرا: عرفت من أين أبدأ فلأغير نفسي أولا وبدأ بنفسه فحصل التغيير في عائلته ومن حوله، وهذا هو الطريق الذي رسمه الله لنا (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، قالت: وماذا أفعل؟ قلت لها: اذكري عيوبك الآن؟ قالت: فاجأتني بالسؤال! قلت: لأن ذكر عيوب الآخرين سهل ولكن ذكر عيوبنا صعب، وأنت ماذا فعلت تجاه عيوبك هل غيرتها؟ قالت: لم أفكر في هذا، قلت: إذن ارجعي لزوجك وضعي خطة ثم ابدأي التغيير.
قالت: أنا مستعدة ولكن أريدك أن تحدث زوجي مثلما حدثتني، قلت: وأنا مستعد فأحضرت زوجها بعد ثلاثة أيام وحدثني بما حدثته زوجته وهو سعيد بما قلته لها وذكر لي عيوبها وأنه يعاملها معاملة طيبة ولكنها دائما تتهمه بالتقصير فيخرج من البيت وهو محبط، وأنها لا تحترمه ولا تقدره فاتخذ قرارا بأن يبتعد عنها، فقلت له: وأنت كذلك ما خطتك لتغير نفسك وزوجتك؟ فقال: لم أفكر بهذه الطريقة، وتم الحديث معهما وكتبنا عيوب كل طرف تجاه الآخر وحددنا الأولوية في التغيير ومن أين يبدأ كل واحد منهما.
وخرجا من عندي ومرت الأيام ومضى على هذه الحادثة ستة أشهر ثم اتصلا بي وأخبراني بأن حياتهما الزوجية تحسنت كثيرا وبدأ كل واحد منهما يشعر بالسعادة الزوجية، مثل هذه الحالات تمر عليّ كثيرا فأضع خطة علاجية للزوجين من أجل تحسين علاقتهما الزوجية، والحالات التي تعرض عليّ أنواع، فأحيانا يكون فيه تعاون من الطرفين مثل الحالة التي كتبتها في هذا المقال، وأحيانا يكون من لديه الرغبة في الإصلاح والتغيير طرف واحد إما الزوج وتكون الزوجة غير متعاونة، أو الزوجة ويكون الزوج غير متعاون، وفي بعض الحالات لا يأتيني الزوج أو الزوجة وإنما يأتي من يراقب علاقتهما ويحرص على تحسينها وتطويرها مثل الجد أو الجدة أو الأقرباء أو الأبناء.
وأذكر مرة دخل عليّ خمس بنات وهن أخوات فظننت أن المشكلة بينهن فلما عرضن علي المشكلة عرفت أن المشكلة في والديهن وأنهن يريدن خطة علاجية لتحسين علاقة الوالدين، وقد تم وضع الخطة وعرض كل الأفكار والحلول لعلاج مشكلة والديهن.
فالمهم أن يحسن الإنسان التخطيط تجاه المشكلة الزوجية التي تواجهه ويستعين بأهل الخبرة مع التوكل على الله تعالى والدعاء، وقد عشت قصص نجاح كثيرة ورأيت نتائج التخطيط والدعاء لعلاج المشكلة الزوجية.
فالحالة الأولى تغيرت أمنيتها من الانفصال وطلب الطلاق إلى الاستقرار والسعادة الزوجية، وبالمناسبة فإن العمر الزوجي يمر بتقلبات كثيرة، ويرتاب الزواج نوع من الملل والروتين في مرحلة من مراحل عمر الزواج، وهذا أمر طبيعي يحدث في أغلب العلاقات الاجتماعية، حتى بين الاخوان والأصدقاء، ولكن المهم كيف نحافظ على العلاقة وقت الركود أو الملل الزوجي، ونحاول أن نحسن العلاقة حتى تعود لقوتها وسعادتها.
drjasem@