- الرحلات ودراستي للعلوم السياسية أسهمتا في زيادة معرفتي بثقافات العالم
- استعدادات التسلق تختلف من جبل إلى آخر ومن دولة إلى أخرى
- دعم الأهل لعب دوراً مميزاً في تحقيق طموحي ونجاحي
- الرفاعي محب للمغامرة وعاشق للتحدي تسلّق عدة جبال ورفع علم الكويت على قممها
يوسف غانم
بتركيز منقطع النظير وإصرار بعيد المدى يسعى متسلق الجبال الشاب يوسف الرفاعي إلى تحقيق أرقام مميزة في تسلق أعالي القمم في العالم، بل والوصول إلى القطبين الشمالي والجنوبي، ليرفع اسم الكويت وعلمها عاليا في هذا المجال الحافل بالتحدي والمغامرة.الرفاعي الذي كان أول عربي يصل إلى أعلى قمة بركانية في قارة اوقيانوسيا والواقعة ضمن سلسلة جبال قلوية تقع في بابوا غينيا الجديدة والبالغ ارتفاعها 4367م عن سطح البحر، حيث رفع علم الكويت هناك.
الرفاعي الذي يدرس العلوم السياسية ويطمح للتخرج العام المقبل، أكد أن هوايته توسّع من مداركه وتزيد من خبراته عن العالم وشعوبه بمناطقه المختلفة، وذلك من خلال رحلاته الحافلة بالمغامرة والاكتشاف، مشيراً إلى وقوف والديه وأسرته خلفه وتشجيعه الدائم على المثابرة مع تقديم النصح له بالاجتهاد والحذر.«الأنباء» استضافت المتسلق الرفاعي ليتحدث للقراء عن رحلاته والاستعدادات المتبعة والظروف المختلفة للرحلات التي قام بها ومشاعره المتباينة عند الوصول إلى أعالي القمم، وما كان يواجهه من مخاطر وأمور غريبة في تلك الرحلات، فإلى التفاصيل:
متى كانت بداياتك مع هذه الرياضة؟
٭ كانت بداياتي عام 2015، وكان عمري وقتها 18 سنة، وكنت وقتها مولعاً بالاستكشاف ومحاولة التعرف على كل جديد، إضافة إلى عشقي للمغامرة والتحدي، وكان تسلق الجبال والقمم من الأشياء التي تثير فضولي وتولّد عندي دافعاً للتحدي وقوة الإرادة من خلال ما يقوم به المتسلقون، خصوصاً لبعض القمم الشاهقة والتي تكون فيها الأجواء متباينة حسب ارتفاعها والظروف الجوية المرتبطة بالفصول وما يطرأ عليها من تغيرات.
وكيف كان ذلك؟
حقيقة لقد سمعت عن جبل كلمنجارو وقمته التي تعتبر الأعلى في تنزانيا، وذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأحببت خوض هذه التجربة مع عدد من الأصدقاء فقمنا بالبحث والاطلاع أكثر على هذه الهواية وكانت التجربة الأولى ناجحة ومنذ ذلك الوقت ازداد تعلّقي وشغفي بهذه الرياضة الممتعة.
لياقة جسدية
وهل يتطلب التسلق مهارات محددة أم بإمكان الجميع ممارسته؟
٭ طبعاً وكأي رياضة يحتاج التسلق إلى لياقة بدنية خصوصاً أنه يتطلب القدرة على التحمل جسدياً وذهنياً مع التحلي بالصبر، فممارسة الرياضة باستمرار وبشكل منتظم أمر ضروري لرفع قدرة الشخص على التحمل والتغلب على التعب، وما قد يواجهه من ظروف صعبة وغير مقدرة جيداً خلال التسلق.
وما الذي يمكن أن تضيفه لك تلك الهواية؟
٭ هناك أشياء كثيرة لعل أولها فكرة التحدي وإثبات النفس، كذلك الاطلاع على الثقافات الأخرى وتعلّم أشياء جديدة بسبب ما في الترحال والسفر من فوائد متعددة حيث نزور العديد من الدول في القارات المختلفة والتي لكل منها تضاريسها وظروفها الطبيعية والجوية التي تميزها عن غيرها من الدول والمناطق.
ما موقف الأهل من تلك الهواية وهل وجدت أي دعم منهم؟
٭ هم راضون ولله الحمد عن ممارستي لتلك الهواية، وبالتأكيد كان الدعم الأساسي من الأهل حيث قدموا لي الدعم المادي والمعنوي والذي كان تأثيره لدي كبيراً وحتى ربما أكثر من الدعم المادي، خصوصاً تشجيع الوالدين وحرصهما على تقديم النصح الدائم لي والرضا عما أقوم به، إضافة إلى دعائهما الدائم لي ورضاهما عني، وهذا الأمر في غاية الأهمية عندي ويشكل حافزاً كبيرا لأقدم الأفضل دائماً.
الدراسة والهواية
وما طبيعة دراستك الجامعية؟
٭ حاليا أدرس في كلية العلوم الاجتماعية تخصص العلوم السياسية، والعام الدراسي المقبل سأكون في السنة الأخيرة وسنة التخرج بإذن الله تعالى.
هل تشعر بأن هناك رابطاً أو علاقة بين الدراسة والهواية؟
٭ بالطبع هذا الأمر في غاية الأهمية، وأعتبر أن هناك رابطاً قوياً بين دراستي للعلوم السياسية بما فيها من مواد وأبحاث تتعلق بأنظمة الحكم في البلدان والطبيعة الجغرافية السياسية للدول، والتي تزداد معرفتي لها مع كل رحلة، حيث أطلع على طبيعة تلك البلدان وأحاول معرفة الكثير عنها وعن شعوبها وثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم قبل السفر لأعرف كيفية التصرف، إضافة إلى ما ألمسه على أرض الواقع عند مخالطتهم.
ما إجراءات واستعدادات المتسلق قبل كل رحلة؟
٭ هناك مجموعة من الإجراءات والأمور الواجب اتخاذها قبل كل رحلة والتي تختلف بحسب القمة المراد تسلقها فلكل جبل طبيعته، وكذلك هناك إجراءات تتعلق بالدولة الواقع فيها فقد تحتاج إلى فيزا وموافقات محددة، وهناك جبال واقعة ضمن الملكية الخاصة لبعض السكان وبالتالي يجب الحصول على موافقاتهم أحياناً، كما أن هناك جبالاً واقعة في نطاق المحميات الطبيعية، ويكون ذلك بالتنسيق مع الدليل المحلي الذي يؤدي دوراً كبيرا في الإرشاد والتوجيه ومعرفة الشروط الواجب تنفيذها، كذلك ضرورة توافر الاستعداد الجسدي والنفسي خلال مرحة الإعداد للرحلة.
أعلى القمم
ما أهم رحلات التسلّق التي قمت بها؟
٭ هناك الكثير من رحلات التسلق، لعل أهمها كان الوصول إلى قمة جبل «كلمنجارو» وهو الأعلى في أفريقيا حيث يبلغ ارتفاع قمته 5895م عن سطح الأرض، وكذلك جبل «ألبروس» في روسيا ويعتبر الأعلى في أوروبا وتصل قمته إلى ارتفاع 642 متراً، كذلك قمة جبل «غالوي» والذي يعتبر أعلى جبل بركاني في أوقيانوسيا، وقمة جبل «بيكر» الأعلى ضمن سلسلة «الكاسكيد الشمالية»، كما حاولت الوصول إلى قمة جبل «اكون كاغوا» في الأرجنتين وهو أعلى جبل في أميركا الجنوبية وقمته الأعلى عالمياً خارج نطاق قمم الهيملايا ويبلغ ارتفاعه 6960 متراً، وقد وصلت إلى ارتفاع 6 آلاف متر، واضطررت للنزول ثانية بسبب سوء الأحوال الجوية وقتها.
لكن أليس في حسبانكم ما قد يطرأ من تغيرات جوية خلال الرحلة؟
٭ أكيد هناك حسابات دقيقة للأحوال الجوية، لكن هناك تغيرات كثيرة قد تحدث خصوصاً أن بعض الدراسات الجوية تكون مبنية على التوقعات الفلكية وغير دقيقة بشكل كبير، إضافة إلى جهة الصعود وحركة الرياح والأمطار وحتى أشعة الشمس وطبيعة الجبل ومكوناته الصخرية والتربة وما قد يشهده من انزلاقات نتيجة للظروف الجوية.
مرض المرتفعات
وما أهم المصاعب التي قد تواجه متسلقي الجبال؟
٭ إن أبرز ما يمكن أن يواجه المتسلق ويخاف من حدوثه هو مرض المرتفعات، والذي يحدث دون سابق إنذار، ومن أهم أسباب حدوثه التعجل في الصعود وعدم أخذ فترات راحة أثناء التسلق، وبداية أعراضه تكون بظهور الصداع في بداياته، ثم الدوخة، لتصل الحالة إلى مرحلة خطيرة مع بداية تجمع الماء في الرئة، مما يحدث ضيقاً في التنفس في البداية وقد يؤدي إلى الموت، كما أن الماء قد يتجمع أيضا في الدماغ وهنا تكون نقطة اللاعودة والوفاة لا قدّر الله، خصوصاً إذا لم تتم متابعة الأمر منذ البداية.
موقف تتذكره؟
٭ عندما كنا في الأرجنتين وأثناء تسلق جبل أكون كاغوا أخبرنا الدليل المرافق لنا أنه لا يمكننا إكمال التسلق بسبب سوء الأحوال الجوية وبعد اقترابنا من الوصول للقــمــــة، وكنـت وقتها متحمساً جدا للوصـــول إليها واعتلاء هذا الجبل لرفع علم الكويت على قمته، وشعرت بالإحباط لذلك وتجاه الشركة التي كانت ترعى الرحلة.
وما مراحل الصعود والتسلق المتبعة؟
٭ هذا الأمر يختلف من جبل إلى آخر، فالجبال الصغيرة غالباً لا تحتاج إلى تهيئة بدنية للتأقلم مع المرتفعات بينما الجبال العالية وشاهقة الارتفاع فتحتاج إلى أيام ليستطيع الجسم التأقلم مع بيئة المنطقة، ويكون ذلك بالتسلق إلى ارتفاع معين ثم النزول والعودة إلى مكان أقل ارتفاعا للنوم والراحة وان كان بشكل متقطع، ثم معاودة الصعود إلى الارتفاع السابق والانطلاق منه للأعلى ثم النزول قليلاً وهكذا حتى بلوغ القمة وذلك بين صعود وهبوط.
صعود ونزول
وما أفضل أوقات اليوم بالنسبة للتسلق؟
٭ عادة يبدأ التسلق في ساعات الصباح وينتهي عصراً أو قبل الغروب، ولكن يوم الوصول إلى القمة يبدأ من منتصف الليل في بعض الجبال خصوصاً تلك التي تكون مكسوة بالثلوج وذلك لسببين، الأول هو تماسك الثلج فتقل معه خطورة الانزلاقات والانهيارات الصخرية، والسبب الثاني وجود وقت كافٍ للذهاب والإياب صعوداً ونزولاً.
التسلق هل الأفضل أن يكون فردياً أم جماعياً؟
٭ هذا الأمر يتعلق بنوع المتسلق وبطبيعة المتسلق نفسه أيضاً، فهناك من يفضل صعود القمم وحده ليحقق أرقاماً جديدة وربما تكون قياسية، وهناك التسلق مع المجموعات وغالبا ما يكون في الجبال الشاهقة، حيث ان بعض القمم يتطلب الوصول إليها حوالي 60 يوماً أو أكثر، وفي هذه الحالة قد تكون هناك الكثير من المخاطر التي ربما تحدق بالمتسلقين ما يستدعي وجود الآخرين وبشكل ضروري خصوصاً إذا ما حدث أي طارئ، وكذلك التواجد ضمن مجموعة يلعب دوراً إيجابياً في شحذ الهمم والتشجيع على الاستمرار وعدم الإحباط بما يحقق الهدف المنشود.
الرفاعي وسلامة
من مثلك الأعلى في التسلق عربياً؟
٭ هناك عدد من المتسلقين المميزين، ففي الكويت زيد الرفاعي وهو أول عربي تسلق قمة «إيفرست» المشهورة بارتفاعها كأعلى قمة في العالم والبالغة 8888 مترا، وكذلك هناك مصطفى سلامة من المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة والذي قام بتسلق ثلاث قمم يتجاوز ارتفاع كل منها 8000 متر، وهما من أصحاب الإرادة القوية والعزيمة الثابتة والطموح الدائم.
وما طموح يوسف الرفاعي في هذا المجال؟
٭ أدعو الله تعالى أن يتحقق طموحي بالوصول إلى أعلى سبع قمم بركانية في العالم لأكون أول عربي يتسلقها، ثم سأعمل جاهداً للوصول إلى منطقتي القطبين الشمالي والجنوبي لأسجل بذلك وصولي إلى تلك القمم والأقطاب.
نصيحة أو رسالة لمن توجهها؟
٭ أنصح جميع الشباب باستثمار أوقاتهم بما ينمي مواهبهم وقدراتهم، وأن يجتهدوا لتحقيق طموحاتهم مهما كانت تبدو صعبة فلا مستحيل مع الإصرار والعزيمة والبحث والمعرفة، وكلنا لدينا أهداف مختلفة ولكل مجتهد نصيب، لكن يجب علينا العمل والاستفادة من طاقاتنا وقدراتنا، لما فيه خير الكويت ورفعتها، ولما فيه الصالح لنا مع التخطيط الجيد والاستعانة بأصحاب الخبرات والكفاءات في هذه المجالات، وأقول إن الشعور بالنجاح وتحقيق الهدف المنشود والوصول إلى القمة لا يمكن أن يوصف، وأتمنى للجميع التوفيق والخير الدائمين.