- حوالي 70 من قادة العالم شاركوا ماكرون الاحتفال من ساحة «قوس النصر» بباريس
احتفلت فرنسا امس بالذكرى المئوية للهدنة التي وضعت نهاية للحرب العالمية الأولى وتكريما لملايين الجنود الذين لاقوا حتفهم في الصراع، وذلك بحضور حوالي
70 من قادة الدول ورؤساء حكومات بالإضافة الى وفود ديبلوماسية.
وسار القادة الى ساحة قوس النصر ذلك في الوقت الذي قرعت فيه جميع الأجراس في أنحاء باريس لإحياء ذكرى اللحظة التي توقفت فيها أصوات الأسلحة في الجبهة الغربية وهى الساعة الحادية عشرة صباحا في 11 نوفمبر عام 1918.
وقدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التحية للجنود الذين قتلوا في الحرب وعائلاتهم في خطاب ألقاه عند «قوس النصر» حيث يوجد قبر الجندي المجهول الذي يرمز لقتلى الحرب العالمية الأولى.
واكد ماكرون في خطابه انه منذ مائة عام قرعت الأجراس في جميع أنحاء العالم لإعلان الهدنة ونهاية أعوام طويلة من القتال المميت.
وقال «هنا في مثل هذا اليوم الفرنسيون وحلفاؤهم احتفلوا بهذا النصر بعد معاناة كبيرة استمرت على مدى أربعة أعوام وأوقعت ملايين القتلى والجرحى».
وأضاف «لقد زرت مواقع المعارك الضارية في فرنسا وشاهدت القرى المدمرة التي ما زالت شاهدة على بشاعة الحرب»، مؤكدا أن آثار هذه الحرب لم تمح لا على الأرض ولا من الذاكرة.
ودعا ماكرون إلى نبذ «الانطواء والعنف والهيمنة»، محذرا من أن «الشرور القديمة» و«الأيديولوجيات الحديثة» يهددان السلام والتعايش.
كما ندد بالذهنية التي «تغذي الحقائق المضادة وتقبل بالمظالم وتؤجج التطرف والظلامية»، مشددا على ضرورة وضع السلام في صدارة الأولويات الدولية قائلا «نحن هنا كقادة من واجبنا ان نعيد التأكيد أمام شعوبنا بمسؤوليتنا بأن نمرر لأطفالنا عالما حلمت به الأجيال الماضية».
وانتقد النزعة القومية قائلا إن «الوطنية هي نقيض القومية تماما.. القومية هي خيانة» الوطنية.
وعلى هامش الاحتفالية، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعداد موسكو للحوار مع واشنطن، مشددا على أن روسيا لن تكون الطرف الذي سيتخلى عن معاهدة حظر الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى في أوروبا.
وقال بوتين في حديث لقناة RT الناطقة بالفرنسية، إنه لم يعقد محادثات ثنائية مع نظيره الأميركي دونالد ترامب، «بسبب المراسم»، مشيرا إلى أنه «اكتفى بمصافحته».
وعلق بوتين على سؤال للصحافيين حول اقتراح ماكرون تشكيل جيش أوروبي موحد، قائلا: «فكرة تشكيل جيش أوروبي ليست بجديدة، وهي إيجابية لتعزيز التعددية في العالم».
وأكد من جهة أخرى، استعداد روسيا للحوار، مرجحا أنه قد يلتقي ترامب خلال قمة العشرين، ومؤكدا عدم رغبته في مخالفة جدول أعمال الفعاليات الذي وضعه البلد المضيف فرنسا.
وأضاف: «نحن مستعدون للحوار، ولسنا نحن من ينسحب من اتفاقية الحد من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، بل الأميركيون هم من يريدون ذلك».
وقرأ خلال المراسم طلاب المدارس شهادات كتبها جنود في 11 نوفمبر عام 1918 باللغات الفرنسية والإنجليزية والألمانية مع سريان وقف إطلاق النار.
وانضم الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وعشرات من الأمراء والملوك والرؤساء ورؤساء الحكومات من أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط ومناطق أخرى لماكرون لإحياء لحظة توقف نيران المدافع في مختلف أرجاء أوروبا قبل 100 عام.
وفي تعبير نادر لعواطف الزعماء، تشابكت أيدي ماكرون وميركل أمس الأول خلال مراسم مؤثرة لإحياء ذكرى توقيع الألمان والفرنسيين على اتفاق الهدنة الذي أنهى الحرب.
وبعد الاحتفال عاد الزعماء إلى قصر الإليزيه للغداء الذي أقامه ماكرون وزوجته بريجيت على شرف الضيوف قبل أن يستضيف أيضا، منتدى باريس للسلام الذي يسعى إلى تعزيز نهج تعددي للأمن والحكم وتجنب الأخطاء التي أدت إلى اندلاع الحرب العالمية الأولى.
وقالت ميركل في بيان إن المنتدى يظهر ان «اليوم هناك إرادة، وأتحدث هنا بالنيابة عن ألمانيا وبقناعة تامة، لفعل كل شيء من أجل تحقيق نظام أكثر سلمية في العالم على الرغم من أننا نعلم أنه مازال لدينا كثير من العمل لننجزه»، فيما لم يحضر ترامب الذي يتبنى سياسة قومية تقوم على مبدأ «أميركا أولا» المنتدى.
الحرب العالمية الأولى بالأرقام
باريس - أ.ف.ب: أكثر من 70 بلدا شاركت في الحرب: هذا العدد مبالغ فيه إلى حد ما إذ إن معظم هذه الدول لم تكن مستقلة بعد بل جزء من الامبراطوريات أو القوى الاستعمارية الست التي خاضت الحرب، وهي: بريطانيا وفرنسا وروسيا وألمانيا والنمسا والمجر والامبراطورية العثمانية.
وفي الواقع وحدها حوالي 10 دول مستقلة حاربت في صيف 1914 وانضمت الدول الأخرى إلى النزاع تدريجيا مثل إيطاليا في 1915 والولايات المتحدة في 1917.
لكن كل هذه البلدان تضم أكثر من 800 مليون نسمة، أي نصف سكان العالم حينذاك.
- 20 دولة فقط بقيت على الحياد طوال الحرب، معظمها في أميركا اللاتينية وأوروبا الشمالية.
- 70 مليون جندي: حشدت الدول المتحاربة حوالي 20 مليون رجل في بداية الحرب في 1914، لكن هذا العدد ارتفع تدريجيا ليصل إلى 70 مليونا خلال الحرب بأكملها.
- 10 ملايين عسكري سقطوا: أدى النزاع إلى مقتل 10 ملايين جندي وجرح 20 مليونا آخرين.
- ملايين القتلى المدنيين: أدت الحرب في الشرق وعمليات النزوح والمجاعات والحرب الأهلية في روسيا والنزاعات الإقليمية التي تلت الحرب إلى سقوط بين 5 و10 ملايين مدني حسب تقديرات مؤرخين.
- 6 ملايين أسير و10 ملايين لاجئ في كل أوروبا.
- 3 ملايين أرملة و6 ملايين يتيم.
- 1.3 مليار قذيفة أطلقت خلال الحرب.
- 10 مليارات رسالة أو طرد بريدي بين المقاتلين على الجبهة الغربية وعائلاتهم.
- كلفة الحرب كانت أكبر بـ 3 أو 4 مرات من إجمالي الناتج الداخلي للدول الأوروبية التي خرجت مدمرة من النزاع.
ترامب: يجب علينا الحفاظ على الحضارة التي دافع عنها الجنود خلال الحرب العالمية الأولى
باريس - وكالات: أشاد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بالجنود الأميركيين الذين وصفهم بـ «الشجعان» لقتالهم حتى لفظوا أنفاسهم الأخيرة خلال الحرب العالمية الأولى.
وأكد ترامب - في كلمة ألقاها خلال زيارته للمقبرة الأميركية ببلدة سورإيسن الفرنسية أنه «يتعين علينا الحفاظ على الحضارة التي دافع عنها هؤلاء الجنود، وضمان السلام الذي ضحوا بحياتهم بشرف من أجله منذ قرن»، معربا عن احترامه لآلاف الجنود الأميركيين الذين لقوا حتفهم في ما وصفه بـ «الصراع العظيم».
وقال ترامب - خلال الاحتفال بالذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى - إنه في مثل هذا اليوم من عام 1918، دقت أجراس الكنائس وتبعتها الاحتفالات.. لكن هذا النصر جاء بعد تكلفة فادحة.
كما أشاد بالجنود الفرنسيين والأميركيين الذين قاتلوا جنبا إلى جنب، قائلا انه «لا يمكن أن تحارب بشكل أفضل إلا إذا حاربنا معا»، موجها الشكر إلى القادة العسكريين الفرنسيين وأعضاء الكونغرس الأميركي الذين شاركوا في هذه الفعالية.
أردوغان: لا لتقسيمات سايكس بيكو جديدة في المنطقة
باريس - الأناضول: أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن رفضه إجراء تقسيمات «سايكس بيكو» جديدة في المنطقة، داعيا إلى مكافحة التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» و«بي كا كا» و«منظمة غولن».
واعتبر أردوغان أن ذلك ما يقتضيه الاحترام، الذي تبديه تركيا، تجاه جيرانها وأمن الأمم الأوروبية التي يتواجد بينها الأتراك.
جاء ذلك في مقال كتبه أردوغان، لصحيفة «لو فيغارو» الفرنسية، بمناسبة الذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى.
وأشار أردوغان إلى احتضان العاصمة الفرنسية باريس فعاليات بمناسبة مئوية انتهاء الحرب العالمية الأولى في 11 نوفمبر عام 1918.
وبين أن هذه الفعاليات تذكر بالدروس والعبر، التي يجب استخلاصها من الحرب العالمية الأولى، ومناقشة تأثيرات تلك الحرب على العالم الحالي، فضلا عن تبادل الآراء حول الخطوات التي ينبغي على الإنسانية اتخاذها من أجل الحيلولة دون وقوع حوادث مماثلة في المستقبل.
وأكد الرئيس التركي أن الحرب العالمية الأولى، التي سماها البعض بـ«الحرب التي ستنهي كل الحروب»، كانت مسألة حياة أو موت بالنسبة إلى تركيا.
وتابع: «استذكر باحترام أجدادنا الذين هزموا أحدث وأقوى الجيوش في تلك المرحلة في جناق قلعة وكوت العمارة والعديد من المناطق، وأهدوا لنا أراضي تركيا الحالية كوطن مضحين بأنفسهم في واحدة من أكثر الفترات الحرجة في تاريخنا».
ولفت إلى أن الحرب الدموية التي انتهت قبل 100 عام، أظهرت بشكل صريح نتائج الاستعمار والتوسعية والعدائية على البشرية.
وأضاف: «الأخطاء التي ارتكبت في مسألة تأسيس النظام عقب هذه الحادثة، أسست مع الأسف لشروط الحرب العالمية الثانية، لتتسبب بوقوع مآس لم ير التاريخ مثيلا لها».
وشدد أردوغان على أنه لا يمكن الحديث في مئوية انتهاء الحرب العالمية الأولى عن انتهاء الصراعات بالكامل.
وبين أن من أكثر المؤشرات الملموسة على ذلك، الفوضى وخطر الإرهاب المتصاعد في المنطقة، والجهود الرامية لتشريد الفلسطينيين والانتزاع الممنهج للممتلكات في فلسطين منذ عشرات الأعوام.
وشدد أردوغان على أن أهم درس يجب استخلاصه من الحرب العالمية الأولى، هو مدى صعوبة تأسيس السلام الدائم.
ولفت إلى أن تركيا ستواصل إجراءاتها من أجل تحقيق هدف العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي الذي يعد أهم مشاريع السلام في تاريخ أوروبا. كما تعهد بمواصلة تقديم المساهمات من أجل الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط.