بقلم: حفصة رفيق - الصف: الثاني إعدادي بمؤسسة اقرأ الخاصة بابن أحمد (المغرب)
لما بدأت بكتابة هذه القصة توقفت عاجزة عن إكمالها ودموعي كالشلال، تنهمر دون توقف. هذه المرة قررت التغلب على هذه المشاعر وإتمام القصة التي أروي فيها أهم محطة في حياتي.
قبل أربع سنوات كان بيننا شخص لطيف، محب، يساعد كل محتاج. عشت معه طفولة تغمرها السعادة، علمني أولى كلماتي، رأى أولى خطواتي، ساندني وقت غياب أمي وأبي، كان بجانبي، وبمثابتهما معا. كان كل شخص يهوى مجالسته، والاستماع إلى حديثه وحكاياته، إنه جدي، الحاج المدني، حياتي وروحي. لم أفكر يوما أنه سوف يتركني ويرحل، يتركني وحدي في زحام الحياة.
في يوم من أيام العام 2014 وبالأحرى يوم الخميس، كان يوما ممطرا شديد البرودة، كنت بالمدرسة، كان ينتابني شعور مزعج، حاولت تخطيه فلم أفلح. في المساء عدت إلى منزل جدي فوجدت الناس في خيمة كبيرة بجانب باب المنزل على الرصيف الكبير، صعدت السلالم فوجدت النساء يبكين بغزارة لم أفهم شيئا، جاءت أمي وعانقتني ثم قالت بصوت مبحوح «لقد مات يا حبيبتي، ذهب إلى حيث يستحق الجزاء، إلى الجنة إن شاء الله».
لم أستوعب ولم أرد الاستيعاب أصلا، فهذه الكلمات لا أحب أن يذكرها أحد وإن ذكرها لا أحب سماعها. ظلوا يرددون على مسامعي «عظم الله أجرك يا صغيرتي»، وأنا لا أصدق أن جدي قد مات.
دخلت عليه غرفته ورأيته ممددا على فراشه الكبير ورائحة الغرفة كالعنبر، فخاطبته وهولا يستجيب لندائي قائلة «يا جدي، يا حبيبي، انهض لتشرب الشاي، يقولون إنك مت، قل لهم إنك تأخذ قسطا من الراحة وتنتظرني لآتي واوقظك. هم على خطأ أليس كذلك، هيا يا جدي انهض، أرجوك، أرجوك».
سقطت على ركبتي وأنا لا أصدق ما يجري من حولي، لكن وللأسف إنها الحقيقة. بقيت طوال الأسبوع أتظاهر بالصبر لكن داخلي عكس خارجي تماما، وعندما أخلو بنفسي أظل أبكي وأبكي إلى أن تجف عيناي من الدموع.
ولكني تعلمت أنها سنة الحياة، تأخذ منا أعز الأشخاص على قلوبنا وأقربهم إلى حياتنا، وبعد موت جدي رحمه الله ورغم حزني الشديد استجمعت نفسي ووضعت أمام عيني هدفا ينتظر مني تحقيقه، سأحقق أحلامي وأسمو باسمي إلى القمم ليفرح جدي ويرضى عني.
رحم الله جدي وأجدادكم جميعا.